الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة وبنية النظام السياسي في العراق بعد عام 2003

باسم المنذري

2012 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



تنطلق عملية فهم وتحليل طبيعة وبنية النظام السياسي ورؤيته للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية في العراق من خلال فهم وطبيعة التكتلات والاحزاب المهيمنة على الساحة السياسية وبرامجها المطروحة .
فالمضمون الطبقي لهذه التكتلات والائتلافات يأخذ صفة الطبقة المسيطرة على المجتمع من خلال الاحتماء خلف الهويات الطائفية والقومية والتي ظهرت بعناوين وطنية تخفي وراءها تخندقات تجمعها صفة المصالح الشخصية والحزبية الضيقة ، ادى هذا الشكل من الائتلافات الى ظهور صراع سياسي بين الكتل نفسها ومع بعضها البعض حيث ظهرت صعوبة التوفيق بين مصالحهم الشخصية والمصلحة الوطنية العليا ولم يظهر أي اصلاح سياسي او اداري في البلاد طيلة الفترة المنصرمة وذلك بسبب الخلل القائم في بنية نظام المحاصصة الطائفية والقومية والذي ادى الى تدهور الامور وساعد على تعميق الازمة بدلآ من حلحلتها او حلها على افضل تقدير .
والحديث عن النظام السياسي يعني الحديث عن السلطة السياسية أي الدولة بوصفها التجسيد الرسمي للسلطة السياسية ، والحديث عنها يكشف لنا طبيعة التشايك مع الفئه المرتبطه ببعضها البعض داخل الدولة . فالملاحظ انه وردت الينا بعد الاحتلال برامج سياسية ورؤى تحملها بعض الشخصيات والاحزاب هي ( النيوليبرالية ) والتي تعتقد ان الدولة هي مصدر العلل والازمات والفساد وغيرها ، وهناك صيحات لتحجيم دور الدولة وتقليصه واطلاق الحريات نحو الاقتصاد الحر والخصخصة والاستتثمار بلا ضوابط وما الى ذلك والذي يراد تطبيقه في دولة ذات اقتصاد ريعي .
نحن الان امام خريطة جديدة من علاقات القوى الطبقية والاجتماعية التي يجري الان تشكيلها في سياسات ادارة الازمة المستمرة منذ تسع سنوات لدفع العراق على طريق اقتصاد السوق المنفلت وازالة الضوابط وحجم الصلاحيات عن مؤسسات الدولة وفتح الاقتصاد العراقي على مصراعيه وتهيئة الاجواء للخصخصة الواسعة برعاية المؤسسات المالية والنقدية الدولية .
ان ما تقدم ذكره فسح المجال امام قوى وشخصيات داخل القوى المسيطرة الى الاثراء على حساب المال العام وطفح ظاهرة الفساد المالي بشكل مريع على واجهة مؤسسات الدولة كافة والذي نشأ عنه او سينشأ عنه طبقة جديدة من الاثرياء والكومبرودارية التي تتحكم بزمام القرار السياسي والاقتصادي وابرام العقود والصفقات المالية المريبة وتوفير فرص لبيروقراطية عليا وطفيلية داخل اجهزة الدولة ومؤسساتها والتي انتجت صورة ضبابية او غير واضحة لطبقة برجوازية يصعب تصنيفها ضمن الفئات الاجتماعية الاخرى التي اثرت بشكل مشروع مثلآ ، او تلك التي اثرت من خلال التهريب او الرشوة او ما ذكر سابقآ بشكل غير قانوني وغير مشروع .
ان تخلف الوعي السياسي والطبقي حال دون وقف هذا المد من الفساد السياسي والمالي في العراق والذي استطاع منه المتنفذون والمسيطرون على مقادير البلاد من استغلاله والاثراء السريع على حساب المرحلة التاريخية التي اتاحت لهم مثل هذه الفرص عبر الاستفادة من الديمقراطية التي توفرت بعد سقوط النظام والتي آلت اليه الامور بعد ذلك .
لقد تم استخدام الديمقراطية جسرآ للوصول الى السلطة والسلطة بصورتها الراهنة الان اصبحت ايضآ جسرآ للثروة وعلى غرار معظم الدول العربية وغيرها من الانظمة الاخرى .
كان من المفترض بعد رحيل النظام المقبور بدء سياسة جديدة تشكل نفيآ للنظام السابق على اساس ولادة نظام سياسي ديمقراطي يؤسس لمرحلة ديمقراطية حقيقية في عملية ترابط جدلي لهذا النشوء الجديد الذي يحتم عليها بناء دولة مدنية بدستور يتوافق مع حقوق الانسان وقوانيه التي تمنح له حرياته وواجباته المفروضة .
ان امرآ في غاية الاهمية هو ضرورة تعميق الوعي والقناعة الكاملة بأهمية الاستخدام الصحيح لشكل النظام الحالي والذي ينطلق من الفهم المدرك والوعي لطبيعة المرحلة التاريخية لوضعها الملموس ووضع آلية سليمة من اشكال النضال اتجاه تغيير الواقع عبر القنوات المتاحة بتعزيز الديمقراطية وتفعيلها من كل جوانب الحياة .
وعلى هذا يتضح لنا ان شكل النظام السياسي وطبيعته قد اخذت منحآ ( وعلى مدى السنوات المنصرمة ) طائفيآ وقوميآ ذات مصالح نفعية استغلت الفراغ الذي خلفه النظام السابق مع ضعف التيار والقوى الديمقراطية التي كانت من المفروض ان تشغل هذا الفراغ بقوة كونها البديل الحقيقي للدكتاتورية .
كما ان البنية الاقتصادية – الاجتماعية التي يحاول ان يؤسسها هذا النظام تكون مرتبطة بالمراكز الاقتصادية العالمية والتي تسيطر عليها الاقطاب الثلاث وهي البنك الدولي – صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية والتبعية الكاملة لها وفتح الاستثمار للشركات الاجنبية والخصخصة التي يراد تعميمها على مشاريع كبيرة ومهمة في الصناعة العراقية وخاصة الصناعات الثقيلة ومن ضمنها النفطية .
ورغم تباين هذا التوجه مع اطراف اخرى في الحكومة وخارجها الا ان الوضع القائم والضغوط الخارجية تنبأ بحدوثه وخاصة عبر التصريحات التي اطلقها الحاكم المدني في العراق بريمر في حينها ( بأن العراق ممكن تطويره عبر تغيير النظام الاقتصادي فيه ) .
ان ضبابية الوضع السياسي القائم وصراعاته المستمرة من اجل كسب السلطة ومحاولة كسب رضا الاطراف الخارجية والاستفادة من دعمها عبر ضمانات تهدد الاقتصاد العراقي .
وضعف الوعي العام تجاه فهم المرحلة التاريخية ستؤدي الى انعطافة خطيرة نحو التدهور الامني والسياسي والاقتصادي معآ .
وعليه فأن المسؤولية الكبيرة لتغيير هذا الواقع وتحديد شكل الدولة في المستقبل يكون عبر تفعيل مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته بالضغط المستمر بأتجاه ترسيخ الوعي السياسي والاقتصادي وكذلك الوعي الديمقراطي لأختيار شكل النظام الذي يؤسس لدولة ذات اقتصاد متين وطبيعة سياسية واضحة ،يكون دور المواطن فيها مؤثرآ وواضحآ بأختياره عبر صناديق الاقتراع لقوى وطنية حقيقية تستطيع انقاذ البلاد من ازماتها الراهنة وخلاصها من التوجهات الطائفية والقومية الشوفينية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل