الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حل الدولة أم الدولتين

فرج الله عبد الحق

2012 / 3 / 27
القضية الفلسطينية


وقفت قبل سنوات وبعد عودتي من الاغتراب على تله مقابل مستعمرة بيت أيل القريبة من مدينة رام الله بصحبة صديق قديم من أيام الدراسة الثانوية ونظرنا معاً إلى المستعمرة كانت أنوارها مشعة ويظهر حجمها فسألته في الماضي كانت هذه مستعمرة عسكرية هل هي كذلك اليوم؟ فأجاب لا هي مستعمرة عسكرية مدنية أي هناك مصانع و معاهد وغيرها من مقومات المستعمرة المدنية بالإضافة إلى القاعدة العسكرية القريبة منها.
عندها فاجئني صديقي بالقول بكل هذا المد الاستعماري على الضفة الغربية يطرح سؤال على القوى الوطنية ما هو جدوى حل الدولتين في هذه الظروف؟ نظرت إليه متأملاً كلامه، لم اعرف حينها ماذا أجيبه. بالأمس وأنا عائد إلى رام الله من الشمال شاهدت هذه المستعمرات المتناثرة على الطريق وكيف كبرت في السنوات القليلة الماضية فعاد إلي سؤال صديقي .
بادئاً ذي بدء أريد التأكيد هنا بان مقالي هذا هو تعبير عن نقاش يدور بداخلي وليس موقف سياسي لحزبي، لكني اعتقد بأنه آن الأوان لمراجعة عميقة للمواقف السياسية المتخذة منذ المجلس الوطني في الجزائر، حول إنشاء الدولة الفلسطينية عل أي جزء يحرر من فلسطين، أي دولة فلسطينية يجانب إسرائيل
أعتقد أني بطرحي هذا أفتح باب الحوار بين القوى الوطنية و أبناء هذا الشعب حول مسألة بهذه الأهمية، وأود هنا أن أنوه بأن ما سأكتبه اليوم هو مناقشة بين توجهين موجودين على الساحة الفلسطينية بعد التغير الديمغرافي الحاصل اليوم في الضفة الغربية، وأريد التأكيد هنا بأن هذا ليس نقاش دائر في صفوف الحزب كما ذكرت سابقاً بل هو باكورة رؤيتي لهذه التناقضات وأردت مشاركتكم بها.

حل الدولتين

أبدء النقاش من ما تطرحه القيادة الفلسطينية على شعبنا المتمثل بأن حل الصراع العربي الإسرائيلي يتمثل بإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بموجب قرارات الأمم المتحدة.
لكل دوله مقومات يجب وجودها لنستطيع أن نسميها دولة، فما هي هذه المقومات؟
1) أن يكون هناك شعب يعيش عل بقعة أرض.
2) أن يكون شعب هذه الدولة التي نتحدث عنها له نفس أللغة والثقافة و العادات و التقاليد.
3) أن تكون لهذه الدولة وحدة جغرافية متصلة بعضها البعض، و أن يكون لها عاصمة و حدود متعارف عليها جغرافياً ومعترف بها دولياً.
4) أن يكون هناك استقلالية في النمو الاقتصادي في هذا البلد، وأن تكون القرارات الاقتصادية نابعة من مصلحة هذا الشعب لا مصلحة الاحتلال.
5) أن بكون هناك استقلالية في القرار السياسي.
6) أن يكون لهذه الدولة أجهزة أمنية مهمتها حماية الوطن والمواطن من أي اعتداء داخلي كان أم خارجي.
نعم شعبنا الفلسطيني في الضفة و القطاع يعيش على الأرض يتحدث نفس أللغة وله نفس العادات و التقاليد له عاصمته لكن دون وحدة جغرافية لسببين الأول الناتج عن الانقسام الجغرافي بين الضفة و القطاع ألممكن تجاوزه أما الثاني فهو وجود المستعمرات في الضفة الغربية، وسأشرح هنا ماذا اعني آخذاً كمثال طريق القدس نابلس مروراً برام الله :
تتوجه من القدس شمالاً فيواجهك الحزام من المستعمرات المحيط بمدينه القدس، هذا الحزام يفصل الامتداد السكاني الفلسطيني بين القدس و شعفاط و بيت حنينا، بعدها نمر بمستعمرة عطروت المبنية على أراضي قرية قلندية التابعة لمحافظة القدس ثم يأتيك جدار الفصل العنصري الذي لا يفصل الضفة عن القدس فقط بل هو يفصل عائلات عن بعضها البعض كما ينذر بشكله هذا حملة الهوية المقدسية الذي فرض عليهم الجدار هذه الوضعية من إمكانية تجريدهم منها فقط لوجودهم خارج الجدار.
بين الجدار و مدينة رام الله تمر بمنطقة يتبدل فيها المسؤولية الإدارية بين حدود بلدية القدس و الضفة الغربية يمين ويسار الشارع حسب أهواء المشَرع الإسرائيلي، ويستمر هذا التداخل حتى حدود بلدية رام الله. طبعاً لا يمكن نسيان مستعمرة جبل الطويل المشرفة على مدينة البيرة شرقاً المتداخلة في مدينة رام الله.
كان الطريق من رام الله إلى نابلس يمر بمحاذاة قرية بتين التي بني على أراضيها مستعمرة بيت إيل مروراً بمخيم الجلزون، عين سينيا وصولاً إلى مخفر عيون الحرمية، فماذا فعلت السلطات الإسرائيلية لتقطيع أوصال هذا الشعب وهذه الأرض؟ أغلقت الشارع الذي يمر أمام المستعمرة و أرغمت الناس عل استخدام طريق التفافية يمر من مدينة بئر زيت وحاجز عطارة، مما أدى إلى تطويل المسافة أولاً وإلى فصل جنوب الوسط في الضفة عن شماله بهذا الحاجز، من ثم نتجه شرقاً إلى مخفر عيون الحرمية.
بعدها نتجه إلى مدينة نابلس مروراً بمستوطنتين على جانبي الشارع وبعدها نمر بحاجزين الأول زعتره الذي يفصل شمال الضفة عن الوسط وحاجز حوارة الذي بمشاركة حاجز دير شرف يعزل نابلس عن بقية الضفة.
في الضفة الغربية هناك ثلاثة حواجز رئيسية تقسمها إلى ثلاثة أقسام، فبالإضافة إلى عطارة و زعتره هناك حاجز الكونتينر الموجود على الطريق إلى بيت لحم يفصل الجنوب عن الوسط.
في كل ألوية ومحافظات الضفة هناك مستعمرات، حواجز وطرق التفافية لخدمة سكانها، وفي آخر صرعة للحكومة الإسرائيلية أعطي سكان المستعمرات حق شق أي طريق يريدونها حتى لو مرت فوق بيوت العرب.
هذا هو الوضع على الأرض في الضفة الغربية الذي يشير إلى أن الدولة المزمع إقامتها على أراضي الضفة الغربية هي عبارة عن كنتونات لا يوجد إي ترابط جغرافي فيما بينها إلا من خلال الحواجز الإسرائيلية.
بالإضافة لكل ما سبق هنا منطقة الأغوار، فهي وحدة منفصلة عن باقي الضفة بمجموعة من الحواجز تقسمها وحسب أهواء الحكم العسكري إلى مناطق أمنية مختلفة. لا يمكن أن ننسى هنا بأن إسرائيل تعتبر الغور خط أحمر وأنه لا يمكن تركه تحت حكم أي دولة مستقبلية بحجة أن هذه المنطقة يجب أن تبقى تحت سيطرتها لحماية حدودها الشرقية.
أما استقلالية القرار الاقتصادي فحدث ولا حرج، إن الاقتصاد الفلسطيني يرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي بحبل سري اسمه اتفاقية باريس الاقتصادية التي تربط أيادينا في كل الجوانب أولها أنه من غير المسموح به وجود بنك مركزي فلسطيني مما يؤدي إلى ارتباط اقتصادنا بالبنك المركزي الإسرائيلي، أي مجمل القرارات التي تعبر عن استقلالية القرار الاقتصادي لا يمكن اتخاذها.
أن ربط مدخول السلطة بالمقاصة يضع الاقتصاد الفلسطيني تحت رحمة المشرع الإسرائيلي وتحت رحمة الظروف السياسية في المنطقة، كذلك هو سلاح تستخدمه إسرائيل للضغط على السلطة لإجبارها على اتخاذ قرارات تتفق و مصالحها، فقطع الأموال عن السلطة نتيجة المصالحة مثال على ما أقول، و قد تكون هذه المماطلة في انجازها ناتجة عن هذه الضغوطات.
أما عن القرار السياسي فهو مرتبط بأمرين الأول هو رضاء الرباعية الدولية والدول المانحة و الثاني رضاء إسرائيل، فبرغم من أن السلطة نفذت كل شروط الرباعية إلا أننا لم نرى بصيص أمل في تشكيل الدولة، حتى التزام الأجهزة الأمنية بحماية أمن إسرائيل لم يرضيهم، هم اجتمعوا على ذبح القضية و يختلفون عل كيفية الذبح بالسكين أم بالسيف أم بالمقصلة، وسلطتنا شاهد زور لما يحصل.
هم يقتطعون من اللحم الفلسطيني من أجل الأجهزة الأمنية التي هي اليوم الوجه الآخر للاحتلال، ومن ثم يخرجون علينا بشعارات رنانة عن الصمود في وجه الاحتلال، حتى شعار المقاومة الشعبية الطاهر عهر بممارساتهم. هم جزء من الاحتلال شئنا أم أبينا ولا يمكن الحديث عن الاستقلال بوجود هكذا قيادة.
إذا كان لابد من تطبيق مبدأ حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية فلماذا لا نعود إلى القرار الدولي الأول الذي تحدث عن الدولتين قرار التقسيم، فهو مرجعية دولية يمكن الاستناد عليها لحل القضية الفلسطينية؟

حل الدولة الواحدة

مقومات الدولة الواحدة موجودة اليوم من حيت الوحدة الاقتصادية و الجغرافية المشكلة تكمن في إمكانية الوحدة بين شعبين ذو ثقافتين مختلفتين، لغتين و مجموعة من العادات و التقاليد المختلفة.
لقد علمتنا التجربة في بناء الدولة الإسرائيلية انه بالإمكان بناء دولة من قوميات مختلفة إذا جمع بين مواطني هذه الدولة وحدة الهدف. حيث أن هذه الدولة مكونة من تجميع يهود العالم من كافة الأماكن ففيها من هو من اصل عربي كالعراقيين، اليمنيين والمغاربة، ومنهم من أصل أوروبي، أمريكي و أفريقي، وقد وصلت الأمور عند القيادة الإسرائيلية ومن أجل الحفاظ على التوازن الديمغرافي بأن استقدمت مهاجرين من روسيا ذو أصول غير يهودية,
ما هي هذه الدولة ؟
هذه الدولة يجب أن تكون دولة علمانية ديمقراطية تعطي الحرية لكافة مقوماتها في الحياة الكريمة كما تعطي كافة ساكنيها الحقوق المدني و الدينية، بعيدة عن مفهوم التميز العرقي و المذهبي.
إن دولة كهذه تعطي الشعب الفلسطيني حقوقه في الحياة الكريمة على أرضه إلى جانب الشعب الإسرائيلي بعيدة عن أي شكل من أشكال التميز العنصري أو الديني يتمثل فيها كل مكونات الشعبين، تسمح بعودة اللاجئين إلى ديارهم أو تعويض من لا يريد ألعودة يمكن أن تكون حلاً نهائياً لقضية الشعب الفلسطيني.
هذا يتطلب و بشكل أساسي تخلي القياد و الشعب الإسرائيلي عن مفهوم الصهيونية القائل بأن أرض فلسطين هي أرض الميعاد، وهي فقط للشعب اليهودي.
هل تقيل الامبريالية مثل هذه الحلول؟
إسرائيل زرعت في المنطقة لتكون العصا الغليظة في وجه شعوب المنطقة ذلك من أجل المحافظة على ثرواتنا الطبيعية ومقدراتنا تحت سيطرتها، كذلك تعتبر القاعدة العسكرية المتقدمة للامبريالية في منطقة الشرق الأوسط، من هنا ينبع خوفنا من عدم إمكانية تطبيق حل الدولة الواحدة.
إن هذه الدولة لا يمكن أن تكون دولة طيعة في أيدي الامبريالية لأن هكذا دولة ستكون ديمقراطية ترعى مصالح شعوبها التي تتعارض دوماً مع المصالح الامبريالية.
في أدبيات الأممية الثالثة و الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 1947 وفي الطرح حول الحل النهائي للقضية رأت بأن الحل يكمن في إنشاء دولة ديمقراطية علمانية على كامل التراب الفلسطيني يكون لأبنائها كامل الحقوق و الواجبات تجاه هذا الوطن المشترك.
أريد أن أكرر هنا ما ذكرته في بداية مقالي هذه هي مبادرة شخصية مني وليست موقف حزبي العظيم الحزب الشيوعي الفلسطيني وما مقالي هذا إلا محاولة بأن أدلي بدلوي في ما أعتبره نقاش مهم بدء يدور في أوساط الشعب الفلسطيني و ما مقال قريع الأخير في جريدة القدس المقدسية يوم السبت بتاريخ 17/3/2012 إلا إثبات بأن محاولات إسرائيل تغير الواقع على الأرض تضعنا أمام خيارين أحلاهما مر الأول قبول الواقع و الثاني الهجرة، وأن خيار الدولتين في هذه الظروف أصبح بعيد المنال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب