الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم الكرد الموعود والخطاب غير المتزن

لؤي الخليفة

2012 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حافظ الاكراد طيلة الفترة التي اعقبت عام 2003 على سلوك وخطاب متزنين اكسباها احترام الساسة جميعا سواء اكانوا في البرلمان او الحكومة , بل وصارت كردستان الملاذ الذي يلجأ اليه الساسة لحل مشاكلهم او اي اشكالات اخرى تعيق عملهم , وكان للقادة الاكراد اكثر من موقف ساعد على انهاء العديد من الازمات التي كادت تعصف بالبلاد , فيما كان واضحا الدرب الذي اختطه الساسة الاكراد من خلال النأي بانفسهم عن الخلافات التي تنشب بين هذا الطرف او ذاك ومحاولاتهم لاحتوائه ... غير ان كل ذلك البناء الشامخ هوى او كاد اثر الخطاب الاخير لرئيس اقليم كردستان عشية اعياد نوروز وهجومه العنيف على رئيس الوزراء والثلة التي حوله كما سماها , دون ان يأخذ في اعتباره الظروف والتوقيت الذين لم يكونا مناسبين , فجاء الخطاب غير موفقا وباعد بين المواقف للاطراف الكردية عكس ما سعى اليه الخطاب في توحيد الصف الكردي , بدليل لم نجد من يدافع عنه سوى عدد محدود من نواب حزبه فقط , في حين كان البعض منهم مستاءا من الخطاب , فقد طالبت كتلة التغيير على سبيل المثال عدم زج الاقليم ومصالحه في قضايا شخصية قد تثير الضغينة ضد الاكراد داعيا البرلمان الكردستاني الى حل اي مشكلة مع الحكومة المركزية باعتباره الجهة المخولة فقط وهومن يبت في مثل هذه الامور ... هفوة اخرى حواها الخطاب وهو خلوه من البشرى التي كان رئيس الاقليم واخرون يروجون لها لفترة طويلة قبل الخطاب دون ان يوضح الاسباب سوى بعض كلمات لم تكن اكثر من ان هذه البشرى اتية لا محالة , وقد كان الاولى به ان يصارح الشعب الكردي ويطلعهم على الحقيقة , رغم ان الغالبية العظمى تدرك هذه الاسباب ذلك انه رغم توفر كل مقومات اقامة الدولة الكردية والحق المشروع للقومبة الكردية في انشاء هذه الدولة الا ان الامر يبدو على الاقل في الوقت الحاضر غير مهيء ويبدو انه اشبه ما يكون بضرب من الخيال , ذلك ان الظروف الدولية والاقليمية لا تحتمل المزيد من الضغوط , فالتوتر والاوضاع عير الطبيعية التي تعيشها المنطقة , وخاصة ما يجري في سوريا ومسألة النووي الايراني قد اعادت العالم الى اجواء الحرب الباردة من جديد , بل ووضعته على شفا حرب قد تكون مدمرة ... لذا فأن الاعتقاد السائد لدى بعض الاكراد في العراق عن كون الفرصة مواتية الان لاعلان دولتهم قد يكون صحيحا على المدى المنظور غير انه من الصعب جدا تقدير او معرفة صدى ذلك وردود الفعل للدول الاقليمية الاخرى والتي يسعى الكرد فيها ايضا الى ذات الهدف ... وبغية افشال هذا الاعلان ولكي تجنب نفسها هذا السيناريو فستسارع دون شك الى الاجهاز على هذه الدولة الفتية كي تقطع الطريق على الاكراد هنا وهناك ... .
فتركيا غير مستعدة البتة لقيام مثل هذه الدولة لا على اراضيها ولا في اي جزء من الاقاليم الكردية , فيما الصراع بين الحكومة والاكراد على اشده والحال ايضا لا يختلف عنه كثيرا في ايران , اما سوريا فكانت نظرتها اكثر شوفينية بحيث انها حرمت الجنسية السورية عن الغالبية العظمى من اكرادها , والتنازلات التي قدمتها الحكومة مؤخرا هي مرحلية اقتضتها الظروف الصعبة التي تمر بها وبمجرد ان تستعيد انفاسها سيكون الحديث دون شك مختلفا , وفي ذات الوقت فان المعارضة السورية هي الاخرى تفتقر الى موقف حازم وخطاب واضح بهذا الشأن وتتجنب الحديث عن مستقبل الاكراد وحقوقهم وهذا احد الاسباب التي جعلت اكراد سوريا يتعاطون بحذر مع الحراك الشعبي هناك ... ناهيك عن الخلافات بين الاكراد انفسهم سواء في الاقليم الواحد او فيما بين الاقاليم .
وازاء هذا المشهد الضبابي تبقى اللوحة الوحيدة التي بانت ملامحها بعض الشيء هي اللوحة الكردية العراقية , فهم ينعمون بحرية مطلقة في اقليمهم شبه المستقبل او المستقل حقا اضافة الى دورهم الكبير وكلمتهم المسموعة في الحكومة المركزية وحصولهم على الكثيىر من الامتيازات لم تتوفر الى غيرهم من الكتل السياسية ناهيك عن تصرفهم بموارد الاقليم دون اذن مسبق من المركز ... وربما تكون هذه الامور وغيرها هي التي دفعت بهذا البعض الى السعي للانفصال عن الجسد العراقي .
وفي هذا الخضم جاء خطاب رئيس الاقليم وهجومه على رئيس الوزراء والتي قوبلت بتصريحات متشنجة وقاسية من قبل نواب دولة القانون فرد عليهم نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني وحتى الان فالسجال متواصلا ساهمت في زيادة التوترات التي لم تخلو الساحة السياسية يوما منها , وتشير الدلائل الى انه سيتصاعد في الايام المقبلة وحالما تنتهي اعمال مؤتمر القمة العربية , وفيما اذا استمر الوضع على ما هو عليه ودون تدخل الاخرين بغية تهدئة الخلاف فمن غير المستبعد ان يلجأ النواب في دولة القانون الى كشف العديد من الملفات التي ستحرج رئيس الاقليم وستضعه في زاوية ضيقة وحرجة وربما ستؤدي الى اصطفافات سياسية كردية جديدة سيما وان اصداء الخطاب كان فاترا كرديا ولم يلق القبول من بقية الاطراف الكردية وليس كما كان يتوقع رئيس الاقليم , بل العكس تماما كانت هناك انتقادات واسعة له في الوسط الكردي وان لم تطفوا الى السطح ... وبالمقابل فالخطاب لم يكن موضع قبول في الشارع العراقي بأستثناء قلة ممن يتصيدون في الماء العكر وتقتضي مصالحهم الضيقة وانانيتهم صب الزيت في النار لا حبا بالاكراد ولكن بغضا بالطرف الاخر ... وازاء ذلك كان الاجدى بالخطاب ان يعالج الاوضاع المزرية لغالبية العراقيين والالتفات الى معاناته اليومية ومسؤولية القيادة السياسية في ذلك وضرورة ابتعادها عن الخلافات والتي تنعكس سلبا على واقع المواطن اليومية وبصورة مباشرة ... .
فالبلد اليوم ليس بحاجة الى خطب نارية او رنانة لا من هذا الطرف او ذاك ولا الى تصريحات اقل ما يقال عنها فارغة وفجة , بل الى التكاتف والعمل المتواصل لاعادة البناء في شتى المجالات ووفق اسس سليمة وبمشاركة الجميع عربا كانوا ام كردا او تركمان واستغلال ثرواته الهائلة وتسخيرها لخدمة العراقيين ... وكفى خطبا وتصريحات لا تغني ولا تسمن , وعوضا من قتل الوقت في التفكير بكيفية صياغة هذه الخطب الهجومية او الرد استغلوه لوضع خطط تخدم الوطن والمواطن الذي حرم من حقوقه وسرق قوته وهجر من دياره , وقتل عشرات الالاف منه بسبب هذه السياسة المشوهة والمشبوهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه