الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب متفوقون بصناعة الثورات ضد بعضهم

سامي بن بلعيد

2012 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ثوراتنا العربية تفوق الكثير من ثورات العالم من حيث عدد ارقام الشهداء ومن حيث الزخم الاعلامي الصوتي والبصري ولكن نتائجها دائماً مأساوية ... وتشعر المرء ان ثورات العربي وحركته السياسية تتكوّن أحداثها خارج إطار ميدانها الاساسي ــ المرجعية الثقافية للشعوب ــ وعلى الواقع تتشكل الاحداث بالصورة السياسية التي يريدها ألآخر المسيطر
وليس بالقاعدة الثقافية التي يريدها ابن الوطن .
وما من شك ان العربي لا يمتلك منهجية ثورية انسانية تنطلق من شخصيته الحقيقية وعلى اساس التناغم بين مصالحه ومصالح العالم الآخر ... فالعربي يعشق الظهور الصوتي والصوري ولكنه يذوب عشقاً في الولاء ــ أكان للمهيمن الداخلي او الخارجي ــ ولاحظوا الشعوب المنكوبة سترون ان نخبها تبحث عن الولاء الخارجي من اجل احكام سيطرتها على المناوئين من ابناء الوطن ذاته ... وحتى الشعوب المقتدرة مادياً نرى حكوماتها أكثر ولاء للمهيمن الاجنبي وذلك من اجل مساعدتها في اخضاع اقطار عربية مجاورة .
تقوم الثورة في قطر عربي او في اقطار وتبدأ النخب المختلفة تبحث عن طرق لاستخدام تلك الثورات لصالحها وذلك يعطي النفس لمن قامت ضدهم الثورة فيقومون بخلط الاوراق من اجل احتواء تلك الثورات او اجهاضها
الاقطار العربية ومنذ بداية ما سمي بفجر التحرير في منتصف الاربعينيات وما تخلل بعد ذلك من ثورات وحركات تحرير وتغيير وما اصبحنا عليه اليوم نرى ان حالنا الثقافي يذهب الى الاسوى وان حلقات التكوين الحضاري للشعوب تتقطع يوماً عن يوم بغض النظر عن ارتفاع شعارات الحرية والعدالة والمساواة ... فالاقطار العربية ومنذ ذلك الحين قد تحولت الى مربعات سياسية تحكم من الخارج جعلتها مسرح للصراعات انتجت من خلاله ثقافة الهزيمة وثقافة التآمر ... فما نرى الثائر المتديّن متطرف او معتدل او علماني يحاول ان يناهض قهر الحكومات التي توجهها القوى الاجنبية إلاّ ورأينا اصوات النخب العلمانية او النخب التي تختلف عليهم في المنهج ترفع اصواتها عاليةً ضد أولئك فتتهمهم بالتآمر والتخلف وتصنفهم بطرق غريبة حتى تقضي على كل أمل او طموح ... وعلى نفس المنوال اذا حاول الطلاب او العلمانيين أو أو ... القيام بثورة ضد الاوضاع السائدة التي يكرسها الحكام نرى جمهور المتدينيين يثورون ضدهم بمختلف الطرق والوسائل حتى ينالوا من ثورتهم ... ولن يدرك الطرفين او كل الاطراف المختلفة ان المستفيد الوحيد هي تلك الانظمة الفاسدة التي تربيها وترعاها الصهيونية العالمية كي تضمن ابقاء الشعوب تحت دائرة الصراع والتناحر كي لا يتمكنوا من رؤية الحقيقة التي تساعدهم على اصلاح اوضاعهم
أنظروا معي الى ثورات الربيع السلمية التي تحرّكت لها الجماهير بالملايين وهدفها واضح هو التحرر من الاستبداد والخروج من عالم العنف والصراع والهدم الى عالم السلم والقبول والعقل والبناء ومع كل ذلك ذهبت النخب العربية المثقفة كالمعتاد تحلل وتشكك تؤيد وتناهض ... وكأنها وكالات اعلام خاصة او انها متابعة لمباراة كرويه .. إضافة لى االجمهور الواسع من المنجمين والكهنة الذين يضربون الكاس والرمل والحصى لمعرفة الطالع ... أما المأجورين من قبل الانظمة الفاسدة فحدّث ولا حرج ... ناهيك عن العمل الممنهج الذي تمارسه الانظمة العربية الفاسدة مع شبكة المخابرات الصهيونية وارباب المصالح والهيمنة في مجال تهميش الانسان العربي ودفعه نحو التسطيح حتى اصبح ينظر الى مصالحه الاستراتيجية الكبرى من خارج ساحتها الحقيقية .
ومن هنا انا اتحدى اي انسان يقدم لنا استراتيجية ثورية تقوم عليها مصالح الانسان العربي على مختلف مكوناته وقائمه على مبدى الشراكة والقبول والسلمية ... إننا في ميادين صراع تقتل فيها مصالح الشعوب وتعيش فيها مصالح العائلات الحاكمة ومن يدّعي ان المنقذ للشعوب هو الاسلام او الشيوعية او الرأسمالية او الليبرالية فهو واهم ويجسد الصراع ويساهم في تحطيم البنية الثقافية للشعوب .
إن الشعوب لا تنهض إلآّ بجهاز مناعتها ـ ثقافتها ـ وليس بجهاز مناعة ألآخرين ـ والثقافة عملية تصحيح وبناء يشمل كل فئات المجتمع وليست حكر لاحد على ألآخر وليست عملية صراع تحت تسميات ومشاريع سياسية خارجية كانت او داخلية ... إنها الانسان فما اتى ليبني الانسان فهو من الثقافة وما اتى ليهدم الانسان فهو من السياسية وبالذات العمياء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط