الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاجئ طبيعي

أيوب المزين

2005 / 1 / 19
الادب والفن


جلس على كرسي خشبي قديم البنيان, وسط حرجة قوراء, على مقربة من حشائش سوداء بجانبها أثافي. لم يسمح له اعصوصاب الظلام رؤية العصافير التي سمع تغريدها طوال ليلته, إلى أن أخذه الموت الجزئي.
في الصباح, بعد سويعات نوم تحت شجرة, عكست الشمس صهوبة أشعتها على شعره الرطب, الداكن السواد, فبدا كتلك الأعواد المستعملة في تناول الأرز الصيني. ونالت عيناه نصيبا وافرا من الوديان الذهبية النابعة من السماء في اتجاه مصبها على الأرض. أفاق وقد غسلت قطرات الندى وجهه, ومسح ورق الشجر البلل عن ملامحه العربية. فر من الحياة مع الآدميين لأنه وجد فيهم نزعة حيوانية, ليعيش مع حيوانات بهم نزعة إنسانية. عاين قردة تدافع عن بعضها البعض من بطش الضباع, فهمس لنفسه قائلاً: لم لا أكون قرداً فتحميني طائفة القردة تلك؟ الشيء الذي عجز عن فعله كبار الرؤوس في بلادي. شاهد بدهشة نملة تساعد أخرى على حمل ذرة خبز, فناجى نفسه: لم لا أنضم إلى حزب النمل ففيه الخير على باقي الأحزاب في العالم الإنساني؟. ساح صاحبنا في الغابة يقتات من أشجارها ويستظل بظلالها, هدوء وسكينة يزدادان يوماً بعد يوم, كأنهما يرحبان بالضيف الجديد, بل ويخاطبانه: عش هنا, هنا الطيور حرة زاهية الألوان عكس موطنك, هنا النسيم لطيف الهبة نقي الهواء عكس موطنك, هنا لقمة العيش تقتضي قطف الثمرة من الشجرة عكس موطنك, هنا إذا جاءك عزرائيل ستموت هادئ البال ثابتا على الشهادة عكس موطنك. إذا لجأ أصدقائك سياسيا فالجأ أنت طبيعيا. إن الطبيعة لخير مسكن بعد الزلزال والفيضان, وأخلص صديق عند الذل والخذلان, وأنسب حليف في الحرب والعدوان.


* رد الناقدة والعضوة في تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين سعاد جبر على النص في مجلة ميدوزا:
نص إبداعي ساخر لاذع، يتسم بأنفاس قوية جريئة، وبراعة في السرد المعبر، يحمل في كنهه رحمة حالة رفض متعالية في نبرات تقرع أجراسها بيننا، وتنطلق أصواتها من بعيد، في لفظ الواقع في أوراقه الرمادية المنكسرة، وتركن إلى عين الحقيقة في سماء انكشافاتها في عين الطبيعة، فهناك تزال القشور وتغيب حجب الأقنعة الزائفة، وترتسم صورة واقعنا في أبجديات عبثية السياسة..الواقع.. لحمة التكاتف الخطابية الواهمة، في نسيجها الهش لوحة سردية تحكي أبجديات الواقع المر في بضع كلمات انها الحقيقة دون التفاف عليها انها الحقيقة..في أوراقها المجردة وتساقطاتها في أتون واقعنا الرمادي.
قد تكون مرة ..بشعة..قاتلة انها الحقيقة في عينها، فأين نحن منها؟ وأين نحن من الطبيعة؟ وحتى تولد الحقيقة في كبد السماء كم قناع سيغلف أيامنا غدوة وعشيا فتصبح على حرية وميلاد وطن للحقيقة وطبيعة هادئة في قوانين أيامنا السادية.
مبدعنا المتألق: أيوب المزين, أحيي إبداعك الجرئ النابض بالوعي وعشق الحقيقة فنصوصك واحة أنس وتلاقح فاعل في عوالم ثقافتنا العربية بين مطرقتي الهموم والتحديات.
استهواني نصك كثيراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_