الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران النووية..إبحث عن الدجاجة

نزار جاف

2005 / 1 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



هناک حکاية کانت جدتي ترويها لي أيام کنت طفلا ، و مضمونها أنه کان هناک بيتا في قرية إشتهر بإمتلاکه للکثير من الماشية و الطيور الداجنة . ولم تقع أية حادثة من قبيل السرقة أو الخطف أو الافتراس للحيوانات الساردة الذکر ، حتى جاء اليوم الذي دخل فيه الابن على أبيه ليخبره بأن دجاجة قد إختفت و لايعلم شيئا عن سر إختفائها . فقال الاب بروية : إذهب و إبحث عن الدجاجة ! وفي اليوم التالي نادى الابن بأن خروفا قد إختفى ، فقال الاب في هدوء : إذهب و إبحث عن الدجاجة ! وفي اليوم الثالث صاح الابن بأن بقرة قد إختفت ، فکرر الاب طلبه من إبنه : إذهب و إبحث عن الدجاجة ! فقال الابن مستغربا و مستنکرا طلب أبيه بقوله : أنا أقول بأن بقرة قد أختفت و أنت تقول إذهب و إبحث عن الدجاجة ؟ فأجابه الاب بهدوء تام : لو بحثت عن الدجاجة في اليوم ووجدتها لما إختفى الخروف و لا البقرة ! هذه الحکاية تذکرتها و أنا أتابع الملف النووي الايراني و إنعکاساته و تداعياته التي آخرها " وليس أخيرها " تصريح الرئيس الامريکي عن إحتمال توجيه ضربة عسکرية الى أيران على خلفية إمتلاکها لأسلحة نووية . ولم يجف ريق بوش من تصريحه الانف حتى تحدثت تقارير صحفية عن تواجد قوات أمريکية خاصة في داخل أيران و هو أمر لم تنفيه البنتاکون رغم رفضها للنبأ ! لکن العلة ليست في تواجد قوات أمريکية في أيران أو عدم تواجدها و إنما في الملف النووي الايراني الذي کلف ويکلف أيران الکثير من الجهد و المال و القلق ! فإستقراء بسيط للمسار النووي الايراني يدل بوضوح أنه ليس بذلک الامر الهين حتى تترک أيران تغزل صوفها النووي وسط جيرانها المتوجسين ريبة منها ناهيک عن الدولة العبرية التي تنظر بقلق بالغ لسعي أيران لإمتلاک التقنية النووية ! ويأتي الاصرار الايراني على الاستمرار في اللعبة النووية بعد إختفاء طالبان و القاعدة من المسرح السياسي في أفغانستان " الدجاجة " ثم إختفاء البعث و دکتاتوره من العراق " الخروف " و أخيرا و ليس آخرا التخلي الليبي الرسمي عن البرنامج النووي " البقرة " کل هذا المسلسل الغريب و القريب جغرافيا من أيران جرى على مسمع و بصر دول العالم کافة وکانت أحداثها الميلودرامية کافية لنقل رسالة واضحة المعالم الى دول العالم عن طبيعة النظام الدولي الجديد الذي خلف نظام القطبين السابق . ولابد في نفس الوقت الاشارة الى السيناريوهات التي حدثت في منطقة البلقان و مانجمت عنها من تداعيات أثبتت المنطق الاحادي في توجيه الاحداث . بعد کل ذلک وفي أجواء دولية ملبدة و مشحونة ببرامج و أهداف اليمين الامريکي المهيمن على مقاليد الامور في واشنطن وفي خضم التراخي و الليونة الاوروبية و الانقيادية الروسية و الصمت الصيني ، تحاول طهران السباحة ضد التيار من دون قارب أو حتى طوق نجاة ! فالاصرار الايراني على الاستمرار في لعبة القط و الفأر مع الغرب بشکل عام و الولايات المتحدة بشکل خاص ، لايرى فيه المراقبون من جدوى سوى قتل الوقت و إستهلاک الشعارات داخليا و إقليميا سيما وإن إيران لاتحبذ التخلي عن بعدها الايديولوجي في الساحة بين عشية و ضحاها ، أو بتعبير أدق لاتحب تکرار المشهد الليبي البارد بطاقمها الحالي من الممثلين الذين يلعبون أدوارا جدية في مسرحية عقائدية لايتسع الوقت کي تستمر أحداثها بشکل متتابع ، خصوصا وأن المسرحية العقائدية لطالبان لم يکتب لها النجاح إسلاميا رغم" قربها المذهبي" من عموم مسلمي العالم إن لم نسميه إخفاقا ذريعا ، فکيف الامر مع دولة تتبني منهج " ولاية الفقيه " التي أشتقت أساسا من مبادئ الفقه الشيعي و هي بذلک لاتضمن عدم الفهم من قبل السواد الاعظم لمسلمي العالم فحسب ، وإنما تدرک يقينا الرفض الضمني لها . ولعل إستمرار تفاقم الوضع الاقتصادي الايراني نحو الاسوأ بدليل تدهور الوضع المعاشي لغالبية الشعب الايراني ، يؤکد أن القادة العقائديون لإيران بعد مضي مايقارب من ربع قرن على إسقاط الشاه لم يستطيعوا أن يقدموا أداءا إقتصاديا جيدا بل وحتى لم يستطيعوا مجارات الاداء الاقتصادي للحکم الشاهنشاهي و إنما کانوا الاسوأ بحق ! أما الوضع السياسي فرغم تماسکه" بالحديد و النار" لکنه مع ذلک لايستطيع إخفاء ثغراته الآخذة في الاتساع يوميا . إن العلة الاساسية في إخفاق النظم الشمولية في بلدان العالم الثالث في مواجهاتها مع الغرب يکمن في عدم وجود برنامجها السياسي و الاقتصادي و الفکري المستقل و الواضح وإنما هي تخوض الصراع بمقومات الاخفاق المضمون سلفا ، وقد کان إختفاء طالبان من المسرح السياسي يعود أساسا الى هذا السبب الجوهري . من هنا فإن خوض الصراع في سبيل تقنية هي بالاساس مستوردة ، ببنيان إقتصادي مهزوز و نظام سياسي غير مستقر أشبه بلعبة الروليت الروسية ، فرصاصة الموت قد تنطلق في أية لحظة من المسدس الامريکي المصوب نحو رأس النظام السياسي في إيران !

کاتب وصحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة الأردنية تقر نظاما يحد من مدة الإجازات بدون راتب لمو


.. حرب غزة.. هل يجد ما ورد في خطاب بايدن طريقه إلى التطبيق العم




.. حملة ترامب تجمع 53 مليون دولار من التبرعات عقب قرار إدانته ف


.. علاء #مبارك يهاجم #محمد_صلاح بسبب #غزة #سوشال_سكاي




.. عبر الخريطة التفاعلية.. كيف وقع كمين جباليا؟