الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعذيب السياسيين جزء من معضلة أكبر

وليد مبيض

2005 / 1 / 19
حقوق الانسان


لم يتخلص المجتمع الإنساني المتقدم من استخدام العنف نهائياً، ولكنه بات أكثر من مستهجن، إذ أضحى موضع محاسبة قانونية، وحين تقع حالات من الاعتداء والتعذيب حتى في مؤسسات الدول الغربية الأمنية، فإن المسؤول عنها يحاكم، وحتى الأطفال يستطيعون الادعاء على الأهل إذا مارسوا العنف ضدهم.
أما في مجتمعاتنا فإن العنف متعدد ومنتشر في كثير من هيئات المجتمع، فالسلطة والعائلة والفرد كل يمارسه على صورة أشكال متعددة، والتعذيب الذي تمارسه أجهزة الأمن هو أحد أنواع ممارسة العنف، وهو يسيء إلى كرامة الفرد سواء كان معنوياً أم جسدياً.
وحين يتحدث المثقفون عن التعذيب فهم يقصدون ما تمارسه السلطة ضد معتقلي الرأي والسياسيين، فهم يهتمون بجزء من القضية هام طبعاً، لأنه يقع على الفئات الأكثر تنوراً في المجتمع، لكنني أظن أن المصيبة أكبر إذا أخذنا الموضوع بتفاصيله، فالمواطن العادي ينال من التعذيب أكثر بكثير من السياسيين، فيقال بأن أي مواطن إذا اشترك بشجار ودخل مخفراً فسينال حظه من العنف.
في أواسط الستينات اعتقل شاب قاصر بسبب ارتكابه سرقة، وتحت التعذيب اعترف بارتكاب معظم جرائم السرقة الحاصلة وقتها، كما اعترف بقتله راقصة وسرقتها، وبما أنه مقطوع من شجرة لم يستطع توكيل محام، فقامت المحكمة بتعيين محام له ـ والكل يعرف أن المحامي يمارس الدفاع في مثل هذه الحالات بطريقة شكلية، فهو يحضر المحاكمة كوكيل دون أن يتابع القضية بجدية فالأجر لا يشجعه، ونظام المحاكم عندنا لا تجبره على تقصي الحقائق وممارسة أفضل دفاع ممكن عن المتهم ـ
وبما أن القضاء لدينا أيضاً لا يزال يعمل بقاعدة أن "الاعتراف سيد الأدلة" المقتبسة من القرون الوسطى، متجاهلاً ما قدمه العلم الحديث من إنجازات حين دخل عالم الجريمة محللاً المعلومات والأدلة، بحيث أصبحت القاعدة الأساسية لتحقيق العدل "الأدلة المادية"، فقد حكم على هذا الشاب القاصر بالسجن اثنتي عشر سنة، قضى منها ثلاثة أرباع المدة.
وحين كان يقضي أواخر أيام سجنه في حمص متهيئاً للخروج من السجن، استدعي لدمشق، ونتيجة لتجربته مع التعذيب، خشي أن تكون هناك تهمة إضافية، فقام بحرق ساقيه، ليمنع المحققين من استخدام التعذيب معه، لكنه فوجئ بأن الأمر كان، أنه سيفرج عنه لأن مجرماً آخر قتل عدة أشخاص، اعترف بقتله الراقصة، حين شعر بأنه سيصدر عليه حكم بالإعدام،!!!
ومن المفارقات أيضاً أن من يمارس التعذيب يمكن أن يحول طريقته في العمل إلى أسرته، فأحد المحققين اكتشف أن نقوده تسرق في منزله، فاستخدم نفس الأسلوب مع ابنه، وهو طفل لم يتجاوز الثامنة من العمر، وأخذ يطفأ السجائر في جسده حتى يعترف بفعلته!!!
هؤلاء من أتمنى من لجان حقوق الإنسان والداعين لنهاية التعذيب في سورية أن يكونوا محط اهتمامهم، لأننا حينما نصل إلى حماية حقوق الأدنى بين أفراد المجتمع أخلاقاً أو سلوكاً فحينها يمكننا أن نفتخر بإنسانيتنا وعدالتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا: أوامر إسرائيلية جديدة بتهجير 300 ألف فلسطينى


.. رئيس كولومبيا يدعو لاعتقال نتنياهو: يرتكب إبادة جماعية




.. غوتيريش يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإخلاء سبيل جم


.. اعتقال محامية تونسية بارزة بعد تصريحات وصفت بـ-المهينة- لبلا




.. واصف عريقات: يوم 7 أكتوبر ضربت ركائز الكيان الصهيوني الثلاث