الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوعة البياض

اسمهان الزعيم

2012 / 3 / 29
الادب والفن





جميلةُ جدا كانت زنبقةً الربى،

تعشق البياض..

تدسه عندي بين الضلوع..

صوَّرتُها زهرة ياسمين،

ارتأتْ لي كسويداء الرياحين،

كانت بهية حقا، زاهية كالمعين..

صافية النوايا،

تنثر البياضَ حيث تشاء،

في حواشي وبؤرة الأشياء..

تسقيني من سيلها العرم،

من الدماء إلى حبل الوريد..

تنخرط كانت في أحاج من عبير،

كانت تحكي عن شهرزاد،

عن شهريار كانت تروي

ليالي من سواد،

من ضباب، من بياض..



* * *



هي كالريح العابرة؟

كنسمة غابرة هي؟

هي خاطرة تفكك فصول الأحاجي..

مني كانت تدنو،

كنت أشتم نزيف البياض

من أناملها يأتيني، من مآقيها..

كان يتدفق في عذوبة كالوهن..

كان يرقد في الأحضان كلوعة الوطن..

كان ينجرف..

كان يجرفني كحبات المطر..

كنتَ عقده،

حباتِه كنتُ،

كان يتسلقني كثوب رث على حبل الشجن..

حباته، حباتي،

بياضه، بياضي،

الكل صار بياضا في بياض

فلِمَ الضجر؟



* * *



ببياضها كانت تحتفي،

به تحيا، له تصلي،

له تقيم تراتيل يونس،

كان البياض عرشَها،

هي كانت البياض في زهوه،

في بهوه كانت..

تلك كانت فرحتي،

بيضاء دوما لا شكل لها،

لم تكن عنكبوتا،

لم تكن ذرة،

لم تكن سرابا،

لم تكن ذكرى،

غيابا كانت في حلة البياض..

خافتة كهمس الصبايا..

كعروس ليلة العمر،

غارقة في البياض..

كان البياض مملكتَها،

أنتَ كنتَ في قبضة البياض،

فلِمَ الضجر؟



* * *



لأنكَ تحبها..

لأنك أحببتَ قبلها..

لأنكَ ستحب بعدها..

صرتَ ريشة،

غصنا، شظى

يندثر في بحيرة الأخطبوط..

وصرتَ ذاك الشيء ولا شيء

عندما أسْلَمْتَ نفسك للتيار

وبنشوة استقبلتك الرياح من كل غار..

فلا أنتَ كنت ما تبتغي

ولا الحسان تربَّعن على راحة الكف!



* * *



فأين تلك الخيوط وتلك الأوراق والبنادق؟

وكيف لك أن تنجوَ من مغارات الخنادق؟

وكيف لك أيضا أن تسير مستوي القوام،

صافي السريرة،

رافع الرأس كالهمام؟

كيف لك كل هذا

وكيف للأماني أن تترضرض

حين تنطق الذرة بالمأساة

ويستفيق ذاك الغافل من الملهاة؟

حين تطرق كل الأبواب

فتنهض طائفة الثوار

بل فروعُ الأشجار وكومةُ الأحجار

تمدك بكل السياط،

وتأتيك بالأخبار عن ذاك الأمس المقطوع النياط؟

حين تتأبط يديك الشاغرتين

وفي سكرة ترى كيف تهوي الأقدام،

كيف تختفي غابات،

كيف تُقتلع جذور وتنبت بذور،

ويصير ذاك الآتي قادما من برج

شيدته لآلئ العيون وآقاحُ الأرواح والأبدان..





* * *



فابحث في ذاك الفلا،

ذاك المُغوي،

ذاك المغري بأمواج السراب،

ابحث عنه في ثنايا السحاب،

وفي شهوة اللهفة وأدراج الضباب،

ابحث عنه، عنك وعنهن

عساك تجد صدى لذاتك،

يعيدك إلى صباك

ويعيد حسنَ النوايا

وذاك الحلمَ إلى بؤرة الفؤاد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لوعة البياض
العتابي فاضل ( 2012 / 3 / 29 - 18:26 )
لوعات بياضك شفافة كحبات الكرستال
مبروك تواجدك بين المورج والمزيد من الانتشار ايتها الكاتبة والشاعرة والروائية.


2 - اهلا بك في الحوار المتمدن
امازيغية ( 2012 / 4 / 29 - 00:49 )
جميلة ..وقد احببت روايتك ايضا

اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??