الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (48): عقبات على طريق الثورة (2. مصر واليابان مقارنات خارج السياق)

عبير ياسين

2012 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تمثل القضية الفهلوية وفعل الفهلوة عنصر أساسى من عناصر المشهد المصرى، ولازالت هناك الكثبر من أبعاد الفهلوة فى المشهد الثورى بالطبع فهى عناصر لا ترحل بتلك السهولة وتحتاج لأكثر من شعار يسقط النظام فتغيير الآليات هو الثورة الحقيقية التى لم تحدث بعد والتى لازالت تشوش على مظهر الثورة حيث يصعد عدد لا بأس به على أكتاف الوطن والثورة والشهداء.

وعندما نعود للمقارنات المتزايدة بين اليابان ومصر نجد نفس القضية الخاصة بالفهلوة، فبدلا من التركيز على الثورة والوطن والإصلاح نتحدث عن الإبداع اليابانى فى تنظيم حفل شاى، والمبانى الضخمة التى تأسست بعد الحرب، وعملية البناء التى تمت بعد الزلزال والتسونامى... نتحدث بتبسيط مخل للغاية ولا يهدف إلى التعلم أو الاستفادة من خبرات الأخرين بقدر ما يقصد منه الحصول على بعض الأضواء وبعض التعليقات المشجعة على وسائل التواصل الاجتماعى. ولكن يبقى السؤال هل توفرت لمصر ما قبل الثورة وضعية اليابان ما قبل الحرب العالمية الثانية؟ وهل توفرت لمصر ما قبل الثورة وضعية اليابان ما قبل الزلزال والتسونامى؟

عندما ننظر ليابان ما قبل الحرب وما قبل الزلزال والتسونامى الذى تعرضت له عام 2011 نجد دولة لها مقومات الدولة من تعليم ومؤسسات وبناء، وعندما ننظر لمصر ما قبل الثورة نجد مقومات انهيار وفساد متكامل الآركان فى كل المجالات. عندما ننظر ليابان ما قبل (الحرب العالمية- زلزال وتسونامى 2011) نجد مجتمع قائم على العمل وثقافة تقوم على حفظ ماء الوجه وعدم قبول الخطأ وأن وصل الأمر للانتحار على طريقة الساموراى "هاراكيرى" أو الانتحار بطرق أكثر حداثة. وبعيدا عن الجدل حول تلك القضية بكل أبعادها القيمية والأخلاقية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، فهى تعبر عن الثمن الذى يستعد المخطئ لدفعه مقابل الخطأ. وهى سمة تمتد لأماكن العمل والروابط الاجتماعية والسياسية وغيرها من المؤسسات. بالطبع لا يعنى هذا أننا نتحدث عن غياب الاخطاء وعن شعور كلى بالمسئولية ومجتمع من الملائكة لأنها أمور لا تتواجد فى الحياة، ولكننا نتحدث عن دولة يحكمها قانون ومحاسبة وشفافية تعمل أن غابت القيم أو تراجعت لدى البعض. ولكننا عندما نعود لمصر ما قبل نجد آليات وصول بعيدة عن القانون، وقانون يطبق بشكل انتقائى، وواسطة وطرق وصول تتجاوز كل القيم ومعايير التقييم الموضوعية وهى أمور قائمة وممتدة حتى الآن رغم الثورة.

عندما نعود لمصر ما قبل نجد الكثبر من دولة الظلم والفساد والواسطة وغياب القانون والمحاسبة، وعندما ننظر أعمق يمكن القول أن حالة اليابان ما قبل الحرب العالمية الثانية والاحتلال والاستقلال وحالتها ما قبل الزلزال والتسونامى تعبر عن دولة تتمتع ببنية تحتية عالية ومميزة سواء فيما يخص العنصر البشرى من تعليم وصحة أو ما يخص العنصر المادى من مبانى ومنشآت أو ما يخص العنصر المعنوى فى كل ما يخص النظم والآليات والقوانين. وعندما ننظر لتلك الصور والاختلافات القائمة ما قبل فى كل تلك الحالات وحالة مصر ما قبل يمكن أن ندرك أن الفارق أكبر بكثير من صورة حفل شاى يابانى، وأنه أشبه بالفارق بين صفوف يابانية تنتظر فى وسط أحداث الزلزال من أجل انتظار وسيلة مواصلات ما، أو بعد التسونامى للحصول على مياه للشرب وصفوف مصرية من أجل أنبوبة غاز ورغيف عيش فالفارق ليس فقط فى أفراد الشعب ولكن فى المنظومة التى يفترض أن يعمل الجميع فى أطارها وفى البنية التحتية المعدة للعمل فى الأزمات فى حالة اليابان، والبنية التحتية المعدة لاختلاق الأزمات فى مصر من أجل كسر المواطن وجعله ترس فى دائرة رغيف العيش وأنبوبة الغاز وامتحانات الثانوية العامة ومشاهدة المسلسل العربى والاكتفاء بالبطل الوسيم والبيوت الفخمة فى المسلسل العربى أو التركى في حين تترك البلد لمن يستفيد منها بفهلوته.

فى اليابان وغيرها من النظم التى تعمل فيها القوانين والمحاسبة ليس على النظم الحاكمة اختلاق المشكلات ولا الوقوف لإعطاء الشعب محاضرة فى المواطنة وفى قواعد احترام الحكام. ولا يقال للشعب أن دوره قد انتهى باختياره وأن عليه البقاء فى مقاعد المشاهدة حتى تنتهى مدة من أنتخبه فى مواقعه لأن اختياره له/ لهم بمثابة شهادة تفويض مفتوحة طوال مدة تولى المنصب، أو ان التصويت هو مؤسس جديد لنوع من الديكتاتورية التى يتحول فيها الكرسى المنتخب لحاكم سلطوى اخر يمارس الحكم على مسرح لا يملك الجمهور الدخول إليه إلا كل سنوات معدودة ليمارس دور مخطط له ويغادر لمقاعد المتفرجين حتى تتكرر الحاجة إليه بعد عدة سنوات فى سيناريو يستحضر عقود الفساد والإفساد لمشهد يفترض منه ان يحقق ديمقراطية وإصلاح.

وكما تحكم الفهولية الكثير من الصور الحالية فأنها تحكم الكثير من قواعد العمل التى تسمح لبعض الأشخاص افتراض أن لديهم من المهارة والفهلوة ما يمكنهم من خداع الجماهير وإعادة تأثير التنويم المعناطيسى مرة أخرى باستخدام خطابات متنوعة تحرك الساعة وتغيب الشعور وتعيد عقارب الزمن بالشعب لفترة غيب فيها الحق وانتصر فيها الباطل.

عندما نتوقف أمام صور قادمة من اليابان أو غيرها لا يفترض بنا أن نقف عند الصورة، ولا نطالب المواطن فقط بأن يلتزم بعجلة الإنتاج وننسى أن هناك منظومة كاملة غائبة عن المشهد سواء فيما يخص قواعد عمل الدولة أو قواعد الحكم ومن يتحمل المسئولية. وبالطبع لا أقصد من هذا القول بأننا كأفراد ليس علينا دور فى الثورة والتغيير، فالفهلوة والكثير من الأمراض الأخرى حكمتنا فى تعاملاتنا لعقود وأخرجت أجيال تسير وفقا لقواعدها إما بالعمل بها أو بالاعتراض عليها والانسحاب من الحياة العامة حتى لا تعمل بأدوات الفهلوة. وبالتالى فأن التغيير الذاتى مطلوب ولكنه فى جزء منه لن يعمل بمفرده ولن يعمل بشكل مثالى بأن نستيقظ جميعا ونكتشف أننا فى عالم يتصارع فيه الجميع من أجل مصالح المجموع والوطن وليس من أجل مصالحهم الشخصية. المهم أن تتواجد بالتوازى القواعد والآليات اللازمة لمحاسبة المخطئ والاقتصاص للعدالة ومن شأن تلك القواعد مثلا أن تضبط حركة السوق وأن تركز الجهود على قضايا بناء الوطن بأكثر من أن تثير الجدل على أنبوبة الغاز واستبدال الأرز بلسان العصفور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: حماس والفصائل جاهزة لإبرام اتفاق يتضمن وقفا دائما لإطل


.. مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة سويسرا بشأن السلام في أوكرانيا




.. الحرس الثوري أعلن في وقت سابق عدم التدخل في انتخابات الرئاسة


.. انتخابات الرئاسة الأميركية.. في انتظار مناظرة بايدن وترامب ا




.. جيك سوليفان: وسطاء من مصر وقطر يعتزمون التواصل مع حماس مجددا