الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آكيتو ثورة الربيع البابلي الآشوري وثورات الربيع العربي

جميل حنا

2012 / 3 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الحضارات القديمة التي نشأت في بقاع مختلفة من الكرة الأرضية في الأزمنة الغابرة هي كنز للبشرية جمعاء.والحفاظ على إرثها الفكري الثقافي واللغوي والأدبي والفلسفي الراقي والتراث الغني بإبداعاتها المعمارية والفنية وفي كافة مجالات الحياة, فحماية هذا الإرث الحضاري يقع على عاتق كافة بلدان العالم والحكومات الوطنية والمؤسسات الدولية والتي تعد ملك للبشرية جمعاء.حضارة بلاد مابين النهرين منذ نشأتها الأولى مع ظهور السومريين على أرض الرافدين وتحديدا في جنوب العراق اليوم,حيث من هنا أنبثقت بذور الحضارة المزدهرة والتي أخذت في مراحل تطورها الزمني عبر العصور ترتقي وتزدهربذورالأفكار الأولى لتصل إلى أرقى درجات التطور الحضاري في بابل ونينوى.فالأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية هي نتاج هذا الإبداع الفكري الذي يبحث في مسألة في غاية الأهمية والتي تشغل بال الإنسان الأول منذ البدأ في سرالوجود والكون والتي سجلها أبناء حضارة الرافدين في ملحمة فلسفية عميقة المعاني لم تزحزح من مكانتها وأهميتها الفكرية بالرغم من كل التطور الحاصل في الكون لغاية اليوم.هذه الملحمة التي تلخص قصة الخلق والتكوين الأول للإنسان وعلاقته مع الكون المحيط به.والإحتفالات بعيد رأس السنة البابلية الآشورية كانت تقام من أول ليلة الإعتدال الربيعي في 21آذار حيث يتساوى الليل مع النهار وكان الأول من نيسان تتويج لذروة الإحتفالات. حيث تبدأ الطبيعة دورة حياتها الحقيقية على الأرض بعد السكون الذي كان يخيم على الطبيعة وكانت الظلمة سيدة الموقف حيث يحل نور شمس نيسان وتدب الحياة في الطبيعة وتعود القوة والنشاط والحيوية إلى البشر.وهذا الإحتفال يجسد فكرة الصراع بين الخير والشر بين الظلمة والنور بين الموت وتجدد الحياة.بهذه المناسبة كانت تقام المهرجانات الإحتفالية في كل الامبراطورية وخاصة في بابل المدينة المقدسة حيث معبد الإله مردوخ, تستمر لأثني عشر يوما تتخللها طقوس دينية يشارك فيها الكهنة والملك والشعب وفق برنامج محدد على مدى هذه الأيام(تطرقت في مقالة سابقة إلى هذه التفاصيل).الشعب الآشوري السرياني يحتفل بهذه المناسب القومية ليأكد على تمسكه بإرثه الحضاري والتاريخي والثقافي واللغوي بالرغم من كل أنواع الإضطهاد التي يتعرض لها في بلاد مابين النهرين وفي كافة بلدان الشرق الأوسط.هذا الشعب العريق يعيش اليوم في وطنه الأم مسلوب الحرية والحقوق القومية مهمش من قبل السلطات الديكتاتورية الحاكمة ومن قبل القوى القومية والدينية المتعصبة في تلك البلدان.
الربيع البابلي الآشوري إبداع فكري من أجل الإنسان لكي يميز بين الخير والشر, ويختارالعيش في الظلمة أوالنور,وبين السجن والعبودية وبين الحرية والحياة الكريمة,وتأكيدا على أن العبادة يجب أن تمارس إيمانا وليس بفعل الخوف,الربيع البابلي قدم درس للبشرية على التواضع, حيث كان المللك يقدم الحساب على أفعاله كل عام,ويصفع الملك لئلا يتعالى على خالقه من قبل رئيس الكهنة الذي كان يمثل سلطة الشعب,ويخضع الملك للقانون لا أن يكون فوق القانون.المللك يحرص على تنفيذ الشرائع لئلا يسود الفساد والإستبداد في المملكة.وبعد مضي 6762عاما على الإحتفال باآكيتو عيد الطبيعة وتجدد الحياة وثورة الإنسان على ذاته ليبدع حياة أفضل ويرتقى في سلوكه نحو تحقيق الكمال المطلوب.بعد مضي كل هذا الزمن الطويل,نرى بأن الإنسان في بلاد مابين النهرين وبلاد الشام وفي العديد من الدول العربية يكافح من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.
ثورات الربيع العربي
شهدت العديد من الدول العربية تغييراُ في قمة هرم السلطة وتحقق ذلك بفعل التضحيات الجسيمة التي عاشتها على مدى عقود طويلة تحت سلطة الإستبداد التي عانت من الويلات الفظيعة .ولكن هذه الشعوب مازالت تنتظهر أن تقطف الثمار الحقيقية لهذه الثورات المشروعة التي فجرتها ضد أنظمة الطغيان.
الشعب السوري الذي فجر ثورته الشعبية مع أول بشائر نسيم الربيع في عام 2011وها قد مضى أكثر من عام وهو مازال يقدم قوافل الشهداء من أجل تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية.الشعب السوري يسجل ملحمة الصمود ضد الطغيان لإنهاء مرحلة مظلمة في تاريخ الوطن,فرض بقوة الحديد والنار,ولكي يبدأ فصل جديد فصل النور والعطاء.أن إتحاد قوة الشعب السوري كفيل بإحداث التغيير المطلوب الذي يلبي طموحاته مهما كانت قوى الشرعاتية في قسوتها ومهما كانت دول العالم تراهن على النظام وكذلك من أجل تصفية حساباتها على الساحة السورية من أجل مصالحها المتنوعة على حساب دم أبناء الشعب السوري وتفككه وزرع الفتنة الطائفية والدينية والقومية وإدخال البلد في حالة حرب أهلية يتم فيه القضاء على كيان الوطن سوريا.لقد غرد أبناء سورية أناشيد الحرية في أزقة وساحات المدن والبلدات الممتدة على طول وعرض أرض الوطن وصوت الأحرار بلغ آذان الشرفاء في العالم وقوى الشر لا ترى أو تسمع.الفصل الدموي والدماروالتشريد والقتل طالت أيامه والظلمة تخيم على سماء الوطن والشعب إلا أن نور الشمس وبعض من شعاعه ينير في ظلمات الوطن.بداية من أجل إنبعاث حياة جديدة في ربوع البلد ربيع حقيقي يستحقه هذا الشعب الذي عانى من السلطة القمعية على مدى عقود طويلة من الزمن.وبشائر النور تأتي من مواقف المعارضات السورية التي خطت خطوة هامة في طريق تحقيق الهدف النبيل لهذا الشعب ألا وهوإسقاط النظام وبناء دولة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع على أساس دستور يضمن حقوق كافة المكونات الإجتماعية المختلفة من المسلمين والمسيحيين وكافة القوميات من العرب والآشوريين السريان والكرد.وهنا بعض من النقاط التي وردت في بيان وثيقة العهد الذي طرحها الإخوان المسلمون:
(يلتزم الإخوان المسلمون بالعمل على أن تكون سوريا دولة مدنية حديثة، تقوم على دستور مدنيّ، منبثق عن إرادة أبناء الشعب السوريّ، قائم على توافقية وطنية، تضعه جمعية تأسيسية منتخَبة انتخاباً حراً نزيها، يحمي الحقوقَ الأساسية للأفراد والجماعات، من أيّ تعسّفٍ أو تجاوز، ويضمن التمثيلَ العادل لكلّ مكوّنات المجتمع.
دولة ديمقراطية تعددية تداولية، وفق أرقى ما وصل إليه الفكر الإنسانيّ الحديث، ذات نظام حكم جمهوريّ نيابيّ، يختار فيها الشعب من يمثله ومن يحكمه، عبر صناديق الاقتراع، في انتخاباتٍ حرة نزيهة شفافة
دولة مواطنة ومساواة، يتساوى فيها المواطنون جميعاً، على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم، تقوم على مبدأ المواطنة التي هي مناط الحقوق والواجبات، يحقّ لأيّ مواطن فيها الوصول إلى أعلى المناصب، استناداً إلى قاعدتي الانتخاب أو الكفاءة. كما يتساوى فيها الرجالُ والنساء، في الكرامة الإنسانية، والأهلية، وتتمتع فيها المرأة بحقوقها الكاملة.
دولة تلتزم بحقوق الإنسان - كما أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية - من الكرامة والمساواة، وحرية التفكير والتعبير، وحرية الاعتقاد والعبادة، وحرية الإعلام، والمشاركة السياسية، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، وتوفير الاحتياجات الأساسية للعيش الكريم. لا يضامُ فيها مواطن في عقيدته ولا في عبادته، ولا يضيّقُ عليه في خاصّ أو عامّ من أمره.. دولة ترفضُ التمييز، وتمنعُ التعذيبَ وتجرّمه.وجاء في وثيقة العهد الوطني للمعارضة السورية التي تضم الغالبية الساحقة من معارضة الداخل والخارج نورد هنا بعض البنود التي تلاها عضو المجلس الوطني السوري جورج صبرا:
- سوريا دولة مدنية تعددية مستقلة وحرة. دولة ذات سيادة تحدّد مستقبلها حسب ارادة الشعب السوري وحده والسيادة ملك حصري للشعب يمارسها من خلال العملية الديمقراطية.
سوريا الجديدة دولة ديمقراطية تقوم الدولة على الحياة الدستورية وسيادة القانون الذي يساوي بين المواطنين بغض النظر عن الإنتماء الديني أو الفكري أو القومي
يشكل احترام حقوق الإنسان في كل من الدولة والمجتمع هو حجر الزاوية في الديمقراطية الوليدة.
فخر الشعب على التعدد الثقافي وتنوع الحياة الدينية إسلامية كانت أو مسيحية أو أي معتقدات أخرى وكلها جزء لا يتجزأ من الثقافة السورية والمجتمع السوري وجميعها ستشارك في بناء المستقبل كما شاركت في بناء الماضي..
قاعدة النظام السوري الديمقراطي الجديد سيبنى على الوحدة في التنوع وتضم الأشخاص والمكونات كافة للشعب السوري دون تمييز أو إقصاء.
يؤكد الدستور عدم التمييز بين أي من المكونات الدينية أو المذهبية أو القومية للشعب السوري من عرب وكرد وآشوريين سريان وتركمان وغيرهم ويعترف بحقوقهم المتساوية ضمن وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
يضمن الدستور حقوق الأفراد والجماعات ويلتزم الشرعة العالمية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
يحمي الدستور الحريات لعامة والخاصة لجميع المواطنين بما فيها حرية التعبير والرأي والإختيار والعقيدة وفق المواثيق الدولية.
يكفل حقوق المراة وحريتها ويحافظ على المكتسبات التي حصلت عليها مع ضمان حقوقها المدنية والسياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية ومشاركتها بالتساوي مع الرجل في جميع المجالات.تضمن الدولة الجديدة اعلى درجات صيانة الحقوق والمكونات الدينية وتوفر حرية ممارسة الدين والعقيدة والفكر.
تجريم كل أشكال التعذيب والمعاملة المسيئة والممارسات التي تحط من الكرامة الإنسانية مهما كانت الدوافع لن يُسمح لأحد بالإفلات من العقاب وتُعزز بشكل عاجل مبادئ المحاسبة وفق القانون وعبر القضاء العادل.
لا رغبة للثأر والإنتقام وتعمل السلطة الإنتقالية على توفير جميع الشروط لتضميد جروح الماضي وحماية الأفراد والجماعات وتعمل لمصالحة وطنية شاملة.)
أن البنود المتفق عليها والمطروحة في كلا الوثيقتين وفي حال تطبيقها عمليا سيجعل سوريا منارة للحرية الحقيقية في منطقة الشرق الأوسط وستكون التجربة السورية الرائدة فريدة ومميزة من نوعها في المنطقة وستكون كما في سابق عهدها من خمسينات القرن الماضي حيث كانت الحياة الديمقراطية في أوجها لم يكن فرق بين مسلم ومسيحي في تولي مناصب الدولة العليا وكان الجميع متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون.
ولكن حتى تحقيق ذلك أمام الشعب السوري طريق طويل مليء بالعذاب والدم والتضحيات الكبيرة لأن ثمن الحرية باهظ, والطغاة لن يتخلوا عن سلطتهم التي سلبوها من الشعب بقوة السلاح والنار إلا بإرادة الصمود وكفاح الشعب من أجل تحقيق الحرية والكرامة.الشعب السوري يمر بمرحلة تاريخية حاسمة فهو يخوض صراع الحياة والموت مع سلطة الإستبداد.إن المعانات والآلام الجسيمة والتضحيات وشلال الدم المتدفق من الأبرياءستنبثق منها شمس الحرية والتحررمن الظلم والظلام والإنتقال إلى الحياة الحرة تحت نور الشمس. كما هو الحال في الإسطورة البابلية الآشورية حيث خرج تموز إله الخصب من العالم السفلي في الظلمة من أسرآلهة الشر إلى الأرض بعد صراعه مع تلك القوى الشريرة ومن ثم ينتصر عليها وتنبعث الحياة مجددا ويبدأ الربيع وشمس الحرية تشرق على ربوع الوطن.الشعب السوري سوف ينتصر مهما أتخذت جامعة الدول العربية من مواقف متخاذلة لإنقاذ نظام الإستبداد في دمشق.وهل ينتظر من قمة تعقد في بغداد بأن تخرج بقرارات لا تنسجم مع سياسة السلطة الإستبدادية المتسلطة على الحكم في العراق والموالية لولاية الفقية الداعم الأكبر بالسلاح والمال والرجال لنظام بشار الأسد.الغزي والعار للجبناء المتخاذلين الإنتهازيين بألوان الحرباء المستسلمين الذين لا يسموا الأشياء بمسمياتها ويساوون بين المعارضة ونظام القمع والإستبداد الذي يرتكب جرائم ترتقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا الخوف من كلمة الكلدان
Sami AL Batnawy ( 2012 / 3 / 30 - 18:40 )
لماذا الخوف من كلمة الكلدان...ام انها سياسة محو الكلدان وتزوير التاريخ


2 - مقال حول اكيتو للاطلاع
Sami AL Batnawy ( 2012 / 3 / 30 - 20:54 )
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,567488.0.html


3 - وحدة الأمة
جميل حنا ( 2012 / 3 / 31 - 11:13 )
السيد سامي البطناوي شكرا على مرورك الكريم لا خوف من من أحد وخاصة لا خوف من الكلدان فهم في قرة العين فهم جزء لا يتجزء من كياننا الشخصي والقومي والوطني والكنسي.صحيح لم يرد في هذه المقالة كلمة الكلدان ولكن لنا عشرات المقالات في مجلات شعبنا قبل ثورة عصر الأنترنت وعلى الكثير من المواقع الألكترونية في العقد ونصف الأخير التي تأكد على موقفنا بأن الكلدان جزء لا يتجزء من كيان الأمة الآشورية كما أكدها الكثير من عظماء الكنيسة الكلدانية من رجال الدين ومن المدنيين.ولي كل المحبة للكلدان التي أسرنا فيها مصاهرات عائلية وأنا أبن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ولكني أفتخر بكل مكونات شعبنا من أبناء الكنيسة المشرقية والكلدانية والسريانية والكاثوليكية.وأفتخر بأننا أبناء أمة واحدة. ولست من دعاة القوميين الجدد الذين ظهروا بعد سقوط صدام حسين.
مع التحيات الصادقة

اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية