الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستحقاقات الاقتصادية أمام القمم العربية

فهمي الكتوت

2012 / 3 / 30
الادارة و الاقتصاد


تخيم على العاصمة العراقية اجواء امنية غير مسبوقة، لتوفير نوع من الاطمئنان للقادة العرب، حيث خضعت بغداد لاجراءات امنية واسعة ونشرت قوات كبيرة من رجال الامن في محيط المؤتمر، وفرض حظر التجول على المواطنين في المناطق القريبة من انعقاد المؤتمر، خشية تعرض العاصمة العراقية لانفجارات كالتي شهدتها الايام الماضية. وكلفت تحضيرات المؤتمر حوالي نصف مليار دولار، ومع ذلك غاب عن القمة معظم رؤساء وملوك وامراء العرب، ومن غير المتوقع صدور قرارات مهمة عن المؤتمر، وقد اعلنت سوريا انها لن تتعامل مع اية مبادرة عربية، وهي غير مدعوة للقمة بسبب تجميد عضويتها في الجامعة العربية، ويعكس غياب القادة العرب وتدني مستوى تمثيل بعض الدول العربية تردي العلاقات العربية العربية، واتساع الهوة بين المحاور العربية .
لم اجد سببا مقنعا لحجم الانقسام في بغداد وغياب قرارات عربية، فالنظام العربي يسير في فلك الولايات المتحدة الاميركية ومشاريعها في المنطقة، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، وتراجع المشروع النهضوي التحرري العربي، الدول العربية كافة تسهم في مقاطعة قطاع غزة، ويجري تهويد القدس والضفة الغربية تحت سمع وبصر الدول العربية، وتمارس الضغوط العربية والدولية على السلطة الفلسطينية عقابا لها بسبب توجهها الى الامم المتحدة لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولمنع تحقيق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية.
من المنتظر ان تبحث القمة العربية عددا من القضايا الاقتصادية، التي سبق اقرت في قمتي الكويت وشرم الشيخ الاقتصاديتين. المتعلقة باستكمال إجراءات تحويل المنطقة الحرة العربية إلى اتحاد جمركي، اضافة الى ثلاث توصيات إستراتيجية تنموية، اقرها وزراء المالية والاقتصاد العرب وهي تتعلق بالسياحة العربية وآليات تنفيذها، والأمن المائي لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية، وسبل الحد من مخاطر الكوارث. ومن المعروف ان قمة الكويت ناقشت سلسلة من القضايا الاقتصادية، منها مشروع الربط الكهربائي العربي بين ثماني دول عربية، ومشروع مد خطوط الغاز العربي إلى ست دول عربية، ومشروع إقرار لوائح النقل البحري بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية، ومشروع صندوق دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
ومن غير المتوقع ان تحظى القضايا الاقتصادية الاستراتيجية اهتمام الاقطاب العربية، في ظل المناخ السياسي الحالي، فالارادة السياسية لم تتوفر بعد لتحقيق تكامل اقتصادي واتحاد جمركي، وتنفيذ مشاريع تنموية اقتصادية طموحة تتعلق بمشاريع استراتيجية، في مجالات الطاقة والمياه والامن الغذائي، وانشاء السكك الحديدية، وتعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية، ووضع المنطقة العربية امام مرحلة جديدة تؤهلها في بناء تكتل اقتصادي عربي، قادر على التعامل مع المراكز الاقتصادية العملاقة، يسهم في معالجة قضايا الفقر والبطالة في منطقة يعاني نصف سكانها الفقر، ومعدلات البطالة تسجل اعلى النسب العالمية، وتعاني الدول غير النفطية من عجوزات مزمنة ل¯ موازناتها ومديونية مرتفعة تشكل عبئا على الخزينة، وفشلها في تحقيق مشروع تنموي اقتصادي او اجتماعي، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، وهي الاسباب المباشرة التي ادت الى انفجار الثورات الشعبية في عدد غير قليل من الاقطار العربية.
فالمصالح السياسية للنظام العربي تقتضي اقامة تكتل اقتصادي عربي، والسير قدما نحو تنفيذ مقررات قمتي الكويت وشرم الشيخ. فالعولمة الراسمالية لن تسمح للاقتصادات الضعيفة في البقاء، خاصة في ظل الازمات الاقتصادية الحادة التي ضربت النظام الراسمالي، واتساع دور الاقتصادات الصاعدة في الاقتصاد العالمي، لم يعد مبررا لوجود القمم العربية، ومؤسسة الجامعة العربية اذا لم تتقدم خطوة ملموسة باتجاه اقامة تكتل اقتصادي، يحصن النظام العربي نفسه، ويحمي وجوده من الثورات الشعبية التي اسقطت عدد من الرؤساء العرب، لن يتوقف الحراك الشعبي الا بتحقيق الاهداف الوطنية الحرية والديمقراطية وبناء الدولة المدنية وتحقيق الكرامة الوطنية للانسان العربي، وتوفير العمل والصحة والتعليم للجميع .
على النظام العربي ان يتعلم من تجارب الاخرين، فالمصالح الاقتصادية جمعت بين دول "بركس " الموزعة بين اربع قارات وشكلت تكتلا اقتصاديا وهي: الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا، هذه الدول لا روابط جغرافية او قومية او دينية بينها، الرابط الوحيد الذي يجمعها بانها دول " الاقتصادات الصاعدة " التي تسعى الى تحسين قدرتها التنافسية، ومن المتوقع ان تعلن مجموعة " بركس " عن تأسيس بنك تنمية مشترك على غرار البنك الدولي. لحشد الموارد لتطوير البنية التحتية وتقديم القروض للدول الفقيرة وتعزيز التنمية وخفض معدلات الفقر.
من المفيد التأكيد مجددا ان تميز البلدان العربية النفطية ليس بقوة اقتصادها، بل كونها منتجة لمادة تشكل شريان الاقتصاد العالمي ، فالناتج المحلي الاجمالي للبلدان العربية مجتمعة لا يشكل حجم الناتج المحلي الاجمالي لدولة صناعية صاعدة مثل البرازيل مع الفارق ان الاقتصاد العربي اقتصاد ريعي يعتمد على استخراج وبيع البترول والغاز والفوسفات وغيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتراجع إنتاج الحبوب في المغرب


.. وزير المالية يكشف أسباب انقطاع الكهرباء.. وحجم الدعم للخبز و




.. وزير المالية يكشف أسباب انقطاع الكهرباء.. وحجم الدعم للخبز و


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الرئيس السيسي: نستهدف تعظيم إنتاج




.. الرئيس السيسي: نهدف رفع إنتاجية الفدان في مشروعات توشكى