الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل العربي ومحاولة الطيران بجناح واحد

سامي بن بلعيد

2012 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


دعونا نلاحظ الاداء المجتمعي العام في الوطن العربي ... فما من شك ان كل ذي رأيٍ معجبٌ برأيه ... والواقع يتحدث بلسان الحال , فالحاكم الملك او السلطان او الامير او الشيخ او الرئيس ( الزعيم ) كلٌ يرى الحقيقة بعين طبعه ويرى ان الامة والشعوب العربية لا تستطيع النهوض من غيره وإن كل المناوئين والمناهضين والمختلفين معه حتى بالرأي يجب ان يصمتوا او يسجنوا او يسحلوا ويقتلوا ... وبطبيعة الحال إذا لاحظنا الوجه ألآخر للسلطة ــ المعارضة ـ نراها في الغالب تسلك نفس السلوك فكل نخبة من نخبها ترى نفسها الافضل وترى ان الوطن سيذهب الى المهالك إن لم تحكم هي ونرى تلك النُّخب تتصارع مع بعضها صراع غير صحي أكثر من ان توحّد صفوفها لمواجهة الحاكم الفاسد المُستبد , واذا انتقلنا الى اهم شريحة في المجتمع ــ المثقفين ــ على مختلف تكويناتهم ومهاراتهم إبتداء من الاصغر فالمتوسّط ومروراً بالعالم وانتهاءاً بالمفكر ــ لرأينا أدائهم وللاسف الشديد لا يختلف كثيراً عن أداء من سبق ذكرهم سلفاً

من الامور والمسائل المُحيرة لجمهور المثقفين هو عدم الانتباه الى العقل الجمعي الحضاري الانساني للشعوب وللامة جمعاء والذي يفترض ان يكونوا هم ملكته المحركة والمحللة والصانعة للأفكار , تلك الملكة المعطلة والتي لم يستطع أغلب المثقفون العرب من الدخول اليها لغرض معرفة أدائها وإن كان فيها شيئ من الخلل يتم إصلاحه وان كان فيها شيئ من الخلط في المفاهيم يتم تنقيتها وتصفيتها وإن كان فيها شيئ من التعصُّب لاتجاهات مُحددة يعاد توجيه زوايا الفكر نحو زواياها واتجاهاتها الحقيقية وإن كان فيها شيئ من الجمود الذي يجعلها تعيش ناقلة للأفكار وحافظة لها او مقلدة للآخر يعاد إحيائها لحتى تصبح قادرة على التحليل وانتاج المعرفة الانسانية العامة .

فالخلل لم يكن في المناهج او الافكار ولكن الخلل في العقول التي تعطيها وتتعاطاها ... ولو افترضنا هناك خلل في افكار ما او مناهجٍ ما إذا كانت أدوات الانتاج ــ العقول ــ سليمة سيكون عندها قدرة على التصويب والتصحيح , إما اذا كانت ادوات انتاج المعرفة معطلة فالامر مستحيل ان يجد سبيله الى الاصلاح

قد نلاحظ الكثير من المثقفين حتى الى درجة العالم والمفكر ولديه من المعلومات ما يؤهله لدخول موسوعة جيت كما يقولون ولكن ذلك الانسان ان كان لديه خلل ما مما ذكرنا سيصبح الرجل في عالم معزول , ولا نجانب الصواب اذا قُلنا إن بلاء الامة الاول يأتي من مفكريها وعلمائها ومثقفيها على مختلف الاطياف , فكلٍ منهم يموت ويستميت في الارتباط بمنهجة بطريقة متعصبة الى درجة المبالغة القاتلة ... فالمتديّن يرى ان الحياة لا تقوم إلاّ على الدين ويا ريته يكتفي بذلك بل انه يعتبر ان محاربة العلم والعلمانية وكلما يخالفه الجزء الاهم من رسالته التي يعتنقها ... كما إن غالبية الحداثيين والعلمانيين يرون ان الحياة لا تقوم إلاّ على جناح الافكار التي يعتنقونها ويا ريتهم يقتنعون بذلك بل يعتبرون ان محاربة كل قديم وانكار الدين هو الجزء الاهم من رسالتهم ... وعلى هذا الاتجاه تجري الامور على ظهر الواقع العربي من صغيرتها الى كبيرتها وعلى مختلف الاصعدة والمكونات التي لا مجال لحصرها .

فيا ايها الناس دعونا نتحاور بصورة انسانية يحس فيها كل انسان بالامان ... هل من الشكل الانساني الذي يكفل الحرية والحياة المستقرة للجميع ان نرفض خيارت الناس ... ونقول للمتدين لا وجود لك في عالمنا او نقول للعلماني لا وجود لك في عالمنا ... هل يحق لنا ان نرفض ألآخر ونحن نعلم ان عدم قبولنا لبعضنا هو من أكبر اسباب الداء الذي اصابنا ... لان ذلك الرفض يقوم بعملية تفكيك لعرى المجتمعات بدون منهجية تقودها نحو الخلاص بل على العكس تدفها نحو الانحلال .

هناك شيئ اسمه اليقضة واحياء العقول بأعتبارات تجعل من الانسان أغلى ما في هذا الوجود وتسخّر له كل شيئ حوله ومثل هذه المفاهيم لا تروق للقوى الامبريالية وركائزها في الوطن العربي والتي تهدف الى تسخير هذا الانسان ليبقى أجيراً لخدمة مصالحها واطماعها الاستعمارية ويبقى أجيراً للعائلات التي تحكم بالايجار

فهل سيأتي حيناً من الدهر ويدرك الانسان العربي إنه يهتم في المناهج والافكار الموجَهة والموجِهة دون ان يعطي الاهتام لوسائل الانتاج وادواتها ــ العقول والضمائر ــ وهل سيعترف العربي إننا نتحرك ونفكر بعقول غيرنا وننظر بعيون غيرنا ونتحدث بلسان حال غيرنا ؟ هل سندرك اننا نتحرك داخل مربعات سياسية تحركها رموتات من الخارج ؟
هل سندرك ونعترف بأننا بغالبيتنا نتحرّك خارج إطار ساحتنا الحقيقية التي نستطيع من داخلها ان نصنع انتصاراتنا .

إذا دخلنا الى مستودع الذاكرة وراجعنا حساباتنا لاقتنعنا ان الطيران بجناح واحد يغدو مستحيل , فلا طيران إلاّ بجناحين مع ما يكملها , فالحياة لا تبنى خارج إطار العقول ولا تُبنى خارج إطار التكامل الذي نحن بأمس الحاجة اليه ... نتمنى إن كبر البادية المُتأصل فينا أن لا يمنعنا من الاعتراف بالاخطاء , فنحن امام مرحلة تأريخية عصيبة جداً وخطيرةٌ جداً ونخشى أن تضيع ثورات التغيير لانها الامل الوحيد للوصول الى سواحل الامان بغض النظر عن المؤامرة الكبيرة من الداخل والخارج وبغض النظر عن الوعي الاجتماعي الذي لم يؤهل الشعوب بعد الى معرفة اهمية هذه الثورات التي سيطول أمدها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهذا الموقع حير مثال
الفضول اليماني ( 2012 / 4 / 7 - 01:22 )
اسمه موقع الحوار المتمدن
ولكن بدون حوار
الكثير من رفاقه شايفين انفسهم
وعندما انظر الى تكبر الحكام العرب ما عاد انتقدهم لانهم يتكبروا وعندهم جاه ومال وسلطه تغريهم
فأنا قاعد اطلع وانزل كيف لو حكمونا بعض من كتاب هذا الموقع
حيقلبوها رأساً على عقب


2 - التحاور مع من.
محمد السيد على ( 2012 / 4 / 7 - 22:24 )
التحاور مع المتدين صاحب السيف وتكفير كل الناس .أم التحاور مع الأخر الكاره للحياه وصاحب ثقافة الموت.


3 - التحاور مع من.
محمد السيد على ( 2012 / 4 / 7 - 22:36 )
التحاور مع المتدين صاحب السيف وتكفير كل الناس .أم التحاور مع الأخر الكاره للحياه وصاحب ثقافة الموت.


4 - رد الى الفضول اليمانيb
سامي بن بلعيد ( 2012 / 4 / 11 - 22:03 )
الحقيقو تقال اخي الفضول
هذا الموقع يعتبر من افضل المواقع الالكترونية في الوطن العربي وبغض النظر عن وجود الاخطاء من قبيل ما ذكرت فأنا اعتقد انها في اطار قابل للاصلاح
لك التحية


5 - رد الى الاستاذ محمد السيد
سامي بن بلعيد ( 2012 / 4 / 11 - 22:17 )
هؤلاء وحدهم لا يتحملوا المسؤولية بقدر ما يتحملها الجميع لان مظاهر التعصب للافكار اصبح فيروس متأصل في الجميع حتى من يسموا انفسهم ديمقراطيين او منفتحين
كل الشكر والتقدير لمقامك اخي محمد

اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط