الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللقاءالاول بحبيبة ونعيم اكبر اخوتي في براغ

سعاد خيري

2012 / 3 / 31
سيرة ذاتية


زارتني لاول مرة حبيبة اختي الاكبر, في براغ بعد فراق دام سبعة وثلاثين عاما . وكم احبها واحن اليها واشعر بافضالها علي في تعلم كثير من الاشياء الجميلة والمفيدة في طفولتي وصباي. كقراءة القصص والرسم . واحب هدوءها وصبرها ولكن يزعجني تواضعها المفرط وسلبيتها في الدفاع عن حقوقها وعدم تقدير كفاءاتها. وقد احبها زكي كثيرا فهي هادئة ورقيقة كنسمة منعشة من انسام ربيع بغداد. قضينا معها خمسة عشر يوما جلنا معها معالم براغ اجمل المدن الاوربية وحدثتنا عن رحلة عذاباتها بعد ان اطلق سراحها من سجن النساء في بغداد عام 1953. فقد سفرت الى اسرائيل مع الاخريات, ولم تفك قيودها الا في الطائرة . وهناك لقيت الحياة الصعبة التي عاشها اليهود العراقيون المهجرون . حيث حياة الكفاف في الخيام والحكومة الاسرائيلية تصادر ما تجمعه من باسمهم من تبرعات. فمرضت واستطاع الحزب الشيوعي ان يضمن لها العيش مع عائلة عربية فلسطينية , اعتنوا بها وبقيت على علاقة ودية معهم . وحاولت الهرب من اسرائيل عدة مرات دون جدوى . ومرة استطاعت ان تعمل مربية لعائلة دبلوماسية , وسافرت معهم الى براغ . وهناك طلبت اللجوء !! ولكن الحكومة الجيكية سلمتها للسفارة الاسرائيلية . فارجعت الى اسرائيل واضطرت لتدرس مهنة التمريض والعمل كممرضة حتى وصل زوجها حسقيل قوجمان بعد اعادة اعتقاله وتسفيره من قبل الحكومة العراقية عام 1961. وبقيا يتحينان الفرص لمغادرة اسرائيل ولاسيما بعد ان اصبح لهما طفلان وصمما على ان لا يخدم اطفالهما في الجيش الاسرائيلي ويحاربان الفلسطينين. واخيرا استطاعا السفر الى لندن وعملت ممرضة في احدى مستشفياتها لمدة عشرين عاما , واستحقت التقاعد.
وسألتها كيف استطاعت العزلة عن الحركة الشيوعية طول هذه الفترة!! قالت, انها لم تكف يوما عن متابعة اخبار الحركة الشيوعية ولا عن قراءة الكتب الماركسية ولكن مشاكل حسقيل مع الحزب الشيوعي العراقي ومن ثم مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي فضلا عن مسؤلياتها العائلية وعملها كانت تشغل كل وقتها.
ومن حسن الصدف كانت وداد تقضي العطلة الصيفية معنا في براغ وتمتعت برؤية خالتها لاول مرة وكذلك يحيى حيث كان يعمل في ادارة شؤن منظمة هلسنكي المدنية لعموم اوربا. فيحيى ووداد يتوقان للالفة العائلية الواسعة التي كانت عمتهما زكية خيري توفرها لهم في بغداد اثناء الاعياد والتي حرموا منها طوال غربتنا.
وفي مطلع عام 1992 زارنا اكبر اخوتي نعيم. كان انسانا رائعا . لم ينتمي للحزب الشيوعي يوما ولكنه كان متفتح الفكر ويكره الصهيونية . هرب الى اسرائيل اواخر عام 1949 بعد ان اعتقلنا جميعا وحتى فؤاد اخونا الاصغر منه. واخذ معه عنوة اختي الاصغر كلير بعد ان كبلها لحمايتها من الاعتقال . وبعد عذاب طويل عمل بالسكك الحديدية وتزوج وله ولد معوق ولكنه عالم في الرياضيات وبنتان وبقي طول حياته يحلم بمغادرة اسرائيل. وسافر الى لندن عدة مرات املا في ان يجد عملا يقيه ملاحقات الشرطة بعد انتهاء فترة السماح وهي ستة اشهر. واخرها التي قرر ان يزورني فيها وهو مصاب بالسرطان بسبب مرورالقطار بالقرب من محطة ديمونة للاسلحة النووية وحمولاتها من المواد المشعة .
كانت احدى امنياته ان يراني ويرى اطفالي. فقد كنا اخوين محبين لبعضنا كالتوأمين وكانت امي دائما تكلفنا معا بالقيام باية مهمة . وابي ياخذنا معه الى المقهى يوم السبت . ولم نكن نفترق حتى فرقنا اعداء البشرية من امبرياليين وصهاينة ولم نر بعضنا ثلاثة واربعين عاما . ومع ذلك ورغم كل صروف الدهر وعوامل الزمن تعانقنا في المطار وكاننا لم نفترق كل هذه المدة.
احبه زكي خيري كثيرا وتمتعنا معه خمسة عشر يوما كانت مليئة بالذكريات وبنكاته الجميلة , فقد كان دمث الاخلاق ومرح رغم علمه بدنو اجله الذي لم يخبرني عنه . وبقي ذلك العراقي الاصيل فلم نجد اي حرج في التعامل معه وكاننا عشنا معه دائما. واصر على تسجيل شريط فديو معنا فقد احضر معه كامرة فيديو. ومتعنا بسفرات نهرية مكلفة لم نكن نقوى على التمتع بها. ومن حسن الصدف ايضا وجود يحيى ووداد في براغ ولاول مرة يرون خالهم واحبوه كثيرا .واذ كان بشبابه كثير الشبه بيحيى فقد غير السرطان والعلاج بالاشعة الكثير من ملامحه بحيث احتج يحيى على ما كنت اقوله بانه يشبه خاله نعيم!! فقلت له بالحقيقة كان نعيم اجمل منك عندما كان بعمرك . فتساءل يحيى وهل ساصبح مثله !! قلت مع الفرق انك لا تصبح اصلعا لان والدك ووالدي ليس اصلعان. قال شكرا فقد طمنتيني على مستقبلي
وقبل نهاية السنة وبينما كنا لا نزال في مخيم للاجئين في ستوكهولم اتصل بي تلفونيا واخذ يغني اغاني عراقية بمرارة . اخذوا منه جهاز التلفون واخبروني بانه يعاني سكرات الموت ولم يذكر سوى اسمك وطلب الحديث معك.!! بكيت وابكي الان بكل حرقة وستبقى ذكراه عطرة !! وبلغني بعد ذلك بانه اوصى بالفي دولار تسلم لي في ستوكهولم . ساعدتني في تحمل نفقات نقل رفات زكي خيري الى دمشق عام 1995








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمات ولحن واغنية عراقية مليئة بالحزن
كفاح جمعة كنجي ( 2012 / 3 / 31 - 12:51 )
كلماتك تتحول الى لحن حزين ومن ثم الى اغنية غناها ويغنيها شعب العراق منذ اكثر من خمسين عاما .كان هذا حال اغلب العراقيين لكن الشيوعيين الحقيقيين تحملوا العبء الاكبر وربما كان عبء المرأة كزوجة وام واخت اكبر من الرجل. بقيت لنا امانينا ان لاتكرر تلك الماساة مع الجيل الجديد فما اصابك وما اصابنا كعراقيين لانتمنى ان يتكرر لدى احد وارجو ان تفرغي كل تلك الهموم والمعاناة لنا كقراء لتكون شهادات للتاريخ تحية لك ياسيدتي

اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً