الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في بيان الحزب الشيوعي حول الذكرى 78 لتأسيسه

غالب محسن

2012 / 4 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 33



" قد أختلف معك ولكني مستعد للموت في سبيل الدفاع عن حقك بالتعبير عن رأيك " فولتير

أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بياناً بمناسبة الذكرى 78 لتأسيسه والتي تصادف في الحادي والثلاثين من آذار . هذه تأملات ، مكثفة و لنقل عفوية ، بعد قراءة سريعة للبيان وخطاب سكرتير اللجنة المركزية لجمهور الخارج الذي وصف فيه ، بحق ، تأسيس الحزب كأنه ميلاداً ل " ربيع الحركة الوطنية العراقية " .

تضامن فوق طبقي

التضامن مع الحزب الشيوعي العراقي كان ، منذ ثلاثة أرباع القرن تقريباً ، وما زال ، في جوهره ، موقفاً من قضية الوطن والعدالة الأجتماعية بمفهومها اليساري والطبقي . لذلك كان محصوراً في هذا النطاق ، الى حد ما .

لكن ، دون أن نعني ألغاء ما سبق ، وفي ظل ظروف العراق الحالية من أنتشار رهيب للفساد ، وغياب أبسط حقوق الأنسان والخدمات والأمان ، وحيث أختفت تقريباً كل معالم الأنسانية والتمدن من المشهد السياسي العراقي وأصبحت مطالب الأنسان العراقي في القرن الحادي والعشرين هي تلك التي تحققت لآباءنا و أجدادنا قبل أكثر من نصف قرن من الزمان ( ماء ، كهرباء ، بناء مدرسة ، تبليط شارع ، حفر مجاري ، حساب جاري ...الخ ) ، والفوضى عموماً منذ سقوط الدكتاتورية 2003 وحتى الآن ، هذه وغيرها أنما أحدث تبدلاً نوعياً ، تأريخياً ، ولو مؤقتاً ، في محتوى ذلك التضامن ، و أصبحت دلالات الموقف التضامني مع الحزب الشيوعي العراقي بمثابة موقف أنساني وحضاري ، فوق الحدود السياسية والأديولوجية . بل وقد تدفعنا الحماسة العاطفية ، للزعم من أنه موقف من الوطنية ومن المستقبل أيضاً .

وعلى الرغم من تحفظاتي سابقاً ، ومازلت ، من مثل هكذا أحتفالات وما يرافقها من طقوس ، ومن مبالغات في أغلب الأحيان تجعلها هي الهدف لا مغزى المناسبة ، ألا أنها من ذلك المنظور ، أصبحت ضرورية وينبغي توسيعها لتكون حقاً مناسبة لتحشيد التضامن مع الحزب الشيوعي وجعلها مناسبة للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الأنسان خصوصاً لنا ، نحن جمهور الخارج ، حيث توجه مشكوراً السكرتير الأول بخطاب خاص لنا . أقول ضرورية بأعتبارها أحد أشكال التضامن الملموس ، المتاح ، وأن كان ذلك ، عند البعض ، أضعف الأيمان ، وهم على حق .

الداخل والخارج طائفية

أن توجه السيد حميد مجيد المسؤول الأول في الحزب بكلمة خاصة لأعضاء الحزب وجمهوره في الخارج أنما يعكس أهتمام الحزب بهذا الجمهور ، الذي قد يشعر بالغبن ، وربما التهميش ، في مساهمته في التأثير في رسم سياسة الحزب وبرامجه . ورغم أن هذه المحاولة حسنة في نواياها لكنها ، مع الأسف ، في جانبها الآخر ، ستعزز هذا الشعور بالأنقسام بين رفاق الداخل ورفاق الخارج وهو تعبير ، في هذا الجانب عن ماهية الثقافة الحزبية السائدة ليس في أروقة المقرات الحزبية فحسب وأنما في الساحات أيضاً .

لماذا يساورني شعور بالطائفية كلما أُثير أمامي هذا السؤال ؟

فن النسيان

كانت صياغة بيان اللجنة المركزية متينة ، معبرة حقاً عن ذلك التأريخ العريق ، المجيد ، وكواكب الشهداء في سوح النضال والكقاح منذ تأسيس الحزب وحتى يومنا هذا . بل وأستشرف البيان ملامح المستقبل الذي يناضل من أجله أيضاً . لقد نجح البيان ، تقريباً ، بصياغات بليغة في الأماكن والفترات التأريخية التي أختارها ، متعمداً ، في أيصال رسالته بل وأعجبتني كثافة التعابير ووضوحها .

لكن ما أدهشني هو " القفز " على فترتين من أهم فترات تأريخ العراق الحديث ، أقصد ثورة 14 تموز ( مر عليها بالأسم فقط ) وفترة خمسة عشر عاماً منذ مجزرة شباط الأسود 1963 ليقفز البيان بعدها الى العام 1978 وكأنه لم يحدث أبان تلك الحقية الزمنية (عقد ونصف) أي شئ يستحق الذكر . وأذا كان هناك مَن لم تلفت أنتباهه هذه ، بالطبع ، فأن المتلقي الواعي أمامه تفسيرين محتملين : أما تلك كانت هفوة نسيان وأما كان ذلك مقصوداً . وفي كل الأحوال سيبقى هناك من يبحث عن أجابة .

سياسة النصف خطوة

أن أشارة البيان ، الى موقف الحزب من الدين أنما يمثل أنتقالة مهمة ، ليست شكلية الى حد ما ، في خطاب الحزب ، بل تعبير سياسي فكري ، عن الحاجة في تمييز موقفه عن " جوقة " الطبالين والمشعوذيين ، خصوصاً من يدّعون أو يتسترون بالأسلام السياسي . ومع ذلك ، فهذا الموقف ، كما أراه ، كان نصف خطوة ومتأخرة أيضاً .
ما الذي يمنع ، بعد ذلك ، من أن يعلن الحزب ، بوضوح وصريح ، كونه حزباً علمانياً يدعو لفصل الدين عن الدولة ومؤسساتها وأن أحترام الشعائر والطقوس الدينية لا يعني عدم أنتقادها . وأذا كانت هذه الأخيرة تحتاج الى نصف خطوة أخرى فعلى الأقل يجب أن لا تكون متـأخرة . وأرجوكم لا تسألون أو تبحثون عن مبررات ، حتى وأن سُميت تنظيرات ، فعندي منها ما يُشبع ليس شعباً كاملاً ، بل شعوباً .

تضامن وتأمل

78 عاماً هو وقت قصير في عمر البلدان لكنه طويل ، وجداً ، في عمر الأحزاب ولا يمكن أن يمر دون سقطات ، عثرات ، أنزلاقات وأخطاء فمثل هذه الأحزاب غير موجودة في كتب التأريخ . لكن بيان الحزب كان له رأياً آخراً حيث لا تجد ولا نفساً أو حرفاً واحداً . لماذا ؟

أن أصدار البيانات والأحتفال بمثل هذه المناسبات هي من بين أكثر وأفضل الفرص للتضامن لكنها خيراً للتأمل بالتأكيد بل أن الأخيرة قد تسبق الأولى . فالأحتفال ينتمي لما مضى ، والتأمل لما سيأتي . هذا التأمل يتم في ظروف أحتفالية أن جاز التعبير وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون تحليلاً معمقاً كما في التقارير السياسية بل هي أشارات من الماضي للمستقبل ، وهي تمنح " راحة نفسية " بل مصداقية عند الجمهور . وأذا شئت التمادي فهي تمنح تحدياً أضافياً على الحزب مواجهته .

هل هناك شيئاً يخشاه أو يخسره الحزب بمثل هذه الأشارات ؟ أليست هذه علامات قوة ؟

وبأنتظار نصف خطوة جديدة ، أخرى ، تحياتي للحزب في ذكرى تأسيسه !

د . غالب محسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي .... وشكرا
هرمز كوهاري ( 2012 / 4 / 2 - 09:12 )
تحياتي
كلمة هادفة وشاملة وإن هي مختصرة ، وقد أحسنتم بالإختصار ، لأن لا المقالات ولا المجلدات تفي بالغرض الذي عاناه الرفاق منذ تأسيس الحزب ودون نتيجة ملموسة غير إحتفال هنا ومناسبة هناك ، و هم على الدرب سائرون ، الدرب الذي ينتهي بسراب الشيوعية وخاصة في البلدان والمجتمعات العربية و
الإسلامية والعشائرية والقبلية ،
كما ذكرتم إننا نتوق لأيام الملكية لا لكونها مثالية أو ديمقراطية بل متقدمة على هذه الأيام التي إختفى فيها مفهوم الدولة
تلك الأيام عشتها طالبا إبتدائي وثانوي وجامعي وموظف دولة وشركات ، كانوا عمالقة السياسة ليس في العراق بل على مستوى المنط
أذكر لكم حادثة تعبر عما أقصد
الوزير سعيد قزاز كان آخر وزير داخلية وهو كردي وأشهر وزير في العهد الملكي وكان العدو الشرس للشيوعيين ، ولكن في سنة 1947 / 1948 كنت كالب متوسطة في كركوك مع الشهيد أبو منال ،وكانت شبه مجاعة عامة في العراق وعلىأثرها إشتد أوار انتفاضة 1948 الجبارة ، كان قزاز آنذاك متصرف لواء كركوك ، كان يتنكر بملابس عربية أو كردية ويداهم ليلا عنابر الحنطة لدى الإحتكاريين التجار وويعرضها في الأسواق!!


2 - تحياتي ...وشكرا ثانية
هرمز كوهاري ( 2012 / 4 / 2 - 09:57 )
تتمة
ولا زلت بصدد الوزراء العمالقة بغض النظر عن معاداتهم للشيوعية
ونعود الى سعيد قزاز
في سنة 1954 حدث فيضان عظيم كادت بغداد أن تختف وطوقت المياه كل جهاتها دجلة وفرات وديالى ،وأصبح خوف وهلع بين الأهالي وبدأوا يخزنون المؤن وبقي مجلس الوزراء مفتوحا 24 إتخذ القزاز الموضوع على مسؤوليته ! وكسر سدة السامراء وإنخفضت المياه وتنفس الناس الصعداء !!!

عندما حكم بالإعدام سمعناه لم يطلب الرحمة ولا العفو ، وكتب الى زوجته محذرا إياها إن تقدمت بأي طلب عفو أو رحمة تصريحا وتلميحا
وقال قولته المشهورة في المحكمة - أصعد على المشنقة وتحت رجلي أناس لا يستحقون الحياة -
كان قزاز متصرف الموصل بداية الخمسينات ، جاء الى ألقوش لتفقد أحوال التلاميذ مدير الناحية طلب من مدير المدرسة ( كان جد عادل ) يخرج التلاميذ مدخل القرية لأستقباله ونزل من السيارة وهو في حالة عصبية قائلا :كيف تخرجون هذه الورود في مثل هذا الجو المغبر المشمس ، أنا طالب منكم إستقبال ؟ آتنا أت لأزورهم في صفوفهم !!منو مدير المدرسة حتى أعاقبه !!! قال المرحوم أبو سلطانا أن بأمر مدير الناحية ؟؟
أ

اخر الافلام

.. نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق شبكتنا في


.. رغم تصنيفه إرهابيا.. أعلام -حزب الله - في مظاهرات أميركا.. ف




.. مراسل الجزيرة ينقل المشهد من محطة الشيخ رضوان لتحلية مياه ال


.. هل يكتب حراك طلاب الجامعات دعما لغزة فصلا جديدا في التاريخ ا




.. أهالي مدينة دير البلح يشيعون جثامين 9 شهداء من مستشفى شهداء