الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة قانونيـة: المعالجة القانونية للقيام بالدعاية الانتخابية

فلاح اسماعيل حاجم

2005 / 1 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو ان العد التنازلي للعملية الانتخابية في العراق قد بدأ فعلاً اذ ان التراجع عن التأريخ المحدد لاجرائها (الثلاثين من كانون الثاني الجاري) سيكون له عواقب يصعب بالتنبؤ بعواقبها؛ سيما وان العراق يعيش في هذه الايام وضعاً غاية في الحراجة جراء تزايد العمليات الارهابية والتي قد يكون من بين اولى اهدافها افشال الانتخابات وتعطيل العملية الديمقراطية ومن ثم تحويل العراق الى ساحة لصراعات ليس لشعبنا اية مصلحة باشعالها.
انني ارى ان مهمة بالغة الجسامة والخطورة تقع الان على عاتق القوى الفاعلة في الساحة العراقية؛ تلك القوى التي تحملت مجتمعة الكثير في النظال ضد الدكتاتورية المقبورة ؛ فاذا كانت القوى الضلامية وتلك الحالمة بعودة الدكتاتورية قد فشلت في اشعال فتنة طائفية وسياسية في العراق خلال الفترة المنصرمة فانها سوف تسعى بالتأكيد لاستثمار المنافسة الانتخابية لاثارة الفتنة بين القوى الوطنية والدينية العراقية مستغلة السباق من اجل كسب اصوات الناخبين؛ وما الاغتيالا التي طالت نشطاء الاحزاب الوطنية العراقية سوى تجل لهذا المخطط الخبيث. وعليه فان على القوى الوطنية العراقية التفكير بمسؤلية عالية لما ينبغي عمله خلال المرحلة التي ستلي الانتخابات مباشرة سيما وان حالات خرق التشريع الانتخابي من قبل هذه الجهة او تلك باتت من السائل الواضحة لدى المواطن العراقي.

ان من بين المسائل التي استأثرت بحيز واضح من الاهتمام في التشريعات الانتخابية هي مسألة استقطاب اصوات الناخبين لهذا الطرف او ذاك من الاطراف المساهمة في العملية الديمقراطية؛ حيث ذهبت اغلب التشريعات الى اعتبار الدعاية واحدة من المراحل المستقلة للعملية الانتخابية؛ ومراجعة اغلب التشريعات تشير الى ان تسجيل المرشحين رسميا يؤلف نقطة الانطلاق للبدء بالدعاية الانتخابية (في رومانيا منذ يوم اعلان الموعد الرسمي لاجراء الانتخابات) لكن تلك التشريعات اختلفت في تحديد شروط القيام بالدعاية الانتخابية؛ ففي حين وضعت بعض القوانين شروطا بالغة القسوّة اتسمت اخرى بالمرونة والتساهل فيما اتفقت غالبيتها على تحديدآليات تنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بتوزيع الحصة المجانية الممنوحة للاحزاب والافراد المرشحين للقيام بالدعاية الانتخابية. وربما احتلت مسأة استخدام الصحافة في الدعاية الانتخابية وتمويلها المساحة الاوسع في التشريعات الانتخابية لمختلف البلدان؛ فقد اعتبرت اغلب تلك التشريعات الصحافة الرسمية بكل انواعها مجالا لنشر الاعلانات الانتخابية مجانا سواءاً بالنسبة للاحزاب السياسية (القوائم) او للافراد (المرشحين). وبالنظر للتأثير الكبير الذي يمكن ان تلعبه الصحافة المرئية في عملية كسب اصوات الناخبين ذهبت بعض التشريعات الى ايجاد آليات معينة لتوزيع اوقات البث بين المرشحين وممثلي الاحزاب المتنافسة؛ وربطت الكثير من التشريعات بين حجم الحزب الحقيقي وثقله بين الناخبين وبين المساحة الاعلانية التي يمكنه استغلالها في وسائل الاعلام الرسمية؛ ففي بريطانيا مثلا يمنح قانون الانتخابات ما لا يقل عن خمسين دقيقة في اليوم لكل من الحزبين الرئيسيين (المحافظين و الليبراليين) وعشرة دقائق فقط لكل من الاحزاب الصغيرة الاخرى؛ وتتمكن الاحزاب الهندية التي تدفع بمرشحيها للانتخابات البرلمانية من استثمار ثلاثين دقيقة من البث التلفزيوني شريطة تقسيمها (الوقت) الى فترتين؛ اما قانون الانتخابات الياباني فقد منح كل مرشح لعضوية البرلمان الحق بالتحدث في الراديو والتلفزيون الحكومي لمدة خمس دقائق ونصف والاعلان في الصحيفة الرسمية ما لا يقل عن خمس مرات مع نشر صورة شخصية قياس 6/9 سم والحصول مجانا على 350 الف بطاقة بريدية لمراسلة الناخبين؛ ليس هذا فحسب بل ان التشريع الانتخابي الياباني ذهب الى حد تخصيص كمية من المحروقات (البنزين) لكل مرشح لتسهيل عملية تنقله اثناء الدعاية لحملته الانتخابية. وقد اشترطت بعض الدوّل ان يكون الحزب السياسي ممثلا بالبرلمان لغرض الحصول على امتيازات الدولة في الدعاية الانتخابية (يمنح قانون الانتخابات الفرنسي الاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بما لا يقل عن 75 نائبا التحدث بالتلفزين فترة سبعة دقائق في الدورة الانتخابية الاولى و خمسة في الدورة الثانية؛ ويحدد ذات القانون المساحة التي يمكن ان يستخدمها الحزب السياسي للصق الاعلانات الانتخابية). وفي الوقت الذي سمحت فيه اغلب التشريعات الانتخابية بقيام المرشحين والاحزاب بالدعاية اعتمادا على مواردها الخاصة ربطت ذلك بشروط محددة؛ ففي الولايات المتحدة؛ حيث لا وجود للتلفزيون الرسمي وحيث اجور الاعلان التلفزيوني باهضة جدا؛ يقوم المرشحون عادة بالتحدث لمدة دقيقة واحدة او دقيقتين بين برنامج وآخر. اما في كندا فلا يسمح القانون بشراء اكثر من ستة ساعات ونصف من وقت البث التلفزيوني. وفي حين اخذت الكثير من الدول بالتمويل الحكومي للدعاية الانتخابية اعتبرته اخرى شأنا˝ خاصا˝ ليس للدولة دخل فيه (كازاخستان وبولونيا).
ان تأمين فرص متكافئة للمرشحين و الاحزاب يدفع الكثير من التشريعات الانتخابية الى تحريم استخدام الامكانيات المتوفرة لدى المسؤلين الحكوميين و مؤسسات الدولة واجهزة الادارة الذاتية في الدعاية الانتخابية؛ فقد ذهبت تلك التشريعات الى منع القيام بالدعاية الانتخابية في معسكرات الجيش والمدارس ودور العلم الاخرى وكذلك منع استخدام وسائط النقل الحكومية ودور السينما والمسارح ....الخ. وحددت القوانين الانتخابية كذلك مقدار التبرعات الجماهيرية لتمويل الحملة الدعائية للمرشحين (في الولايات المتحدة مالا يزيد عن ألف دولار امريكي في السنة للمرشح وعشرين الف دولار في السنة للحزب السياسي اما في المملكة المتحدة فالقانون وان لم يحدد مقدار التبرع الا انه اشترط ان يقدم المرشح كشفا بالتبرعات المالية اذا زادت عن 250 ?اون استرليني). واعتبرت اغلب التشريعات التمويل من مصادر اجنبية مساسا بالسيادة الوطنية وتدخلا بالشأن السياسي الداخلي.
لقد ذهبت اغلب التشريعات الى تثبيت موعد لازالة مضاهر الدعاية الانتخابية قبل فترة قصيرة من بدء الاقتراع (من 24 ال48 ساعه) وذلك لفسح المجال امام الناخب لتحقيق خياره المستقل؛ وكثيرا ما يتم خرق هذه القواعد في الدوّل الشمولية حيث تحاصر الناخب الكثير من التماثيل البرونزية لقائد الحزب؛ الذي يقف عادة في مقدمة الاحزاب المساهمة في الانتخابات؛ والمزيد من الجداريات الاسمنتية والشعارات البراقة مما يصعب ازالته او تغييره.
اما فيما يخص المعالجة القانونية للدعاية الانتخابية في العراق فقد خطت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق خطوات محمودة في طريق وضع الاسس لتشريع انتخابي معاصر وذلك بمنعها استخدام الرموز الدينية في العملية الانتخابية ذلك ان اقحام الدين في العملية السياسية الجارية اضافة الى كونه يعد خرقا لمبدأ مساوات فانه (الاقحام) قد يوفر ارضية مناسبة لبروز النزاعات الطائفية التي عجزت لحد الآن من اشعالها القوى المعادية للعملية الديمقراطية في بلدنا.



موسكو/ روسيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط