الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الاجتماعية طريقنا إلى السلطة!

جليل شهباز

2005 / 1 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إن بوسع كل من تتبع تاريخ الثورات العمالية، أن يستنتج بأن الطبقة العاملة لم تبادر أبدا" إلى استخدام القوة والعنف للدفاع عن مطالبهم الاقتصادية وحقوقهم السياسية والاجتماعية، إلا بعد أن ترغمهم البرجوازية على ذلك، أي عندما لم تبقى أمامهم أي خيار آخر غير القوة والعنف. وبما أن صراع العمل ورأس المال يعتبر المحرك الرئيسي لحركة المجتمع وفي نفس الوقت يشكل مركزا" يتمحور حوله كل تناقضات النظام الاجتماعي البرجوازي، فإن طبيعة الصراع القائم بين البرجوازية والعمال يدور في الأصل حول ظاهرة استغلال العمل المأجور وفي هذا الأثناء فإن البرجوازية تسعى إلى استغلال قوة العمل البشري في العمليات الانتاجية حتى أقصى حدوده بغية تحقيق أعلى معدلات القيم الزائدة في حين إن مصلحة العمال تتطلب إلغاء ذلك الاستغلال ونسف كل ركائزه الاقتصادية والاجتماعية وعلى هذا الأساس عندما يدور نضال الطبقة العاملة حول تخفيف شدة ذلك الاستغلال، وعلى الرغم من أهمية ذلك النضال بالنسبة للعمال، إلا أنها لا تحررهم من العبودية المأجورة. وبنفس المعنى فإن كل القوى والأحزاب السياسية من الذين يستغلون نضال الطبقة العاملة وفق ذلك المفهوم سيدورون بالضرورة في فلك البرجوازية وسيتحولون إلى أفضل خدم لهم لأنهم بمثل هذه المساعي يحرفون نضال العمال عن مسارها الثوري ويساهمون في مساعدة مختلف الاتجاهات والقوى والأحزاب السياسية داخل الطبقة العاملة وخارجها ليضموا تلك الطاقات الجبارة إلى قواها السياسية بغية تحقيق أهدافها وبرامجها السياسية.. وبطبيعة الحال إن الأحزاب الماركسية تسعى أيضا" لجعل الماركسية راية لنضال تلك الطبقة والتي تتميز بتوحيد نضال كل العمال وربط نضالهم الاقتصادي اليومي بنضالهم الثوري الذي يهدف إلى تحرير العمل بشكل نهائي وتام من العبودية المأجورة للنظام الرأسمالي ومن ثم لتحرر معهم كل المجتمع من مختلف أشكال الظلم الاجتماعي.
وعلى ضوء ما هو وارد أعلاه! فأي الطرق ينبغي أن يسلكها الحزب الماركسي للظفر بالسلطة السياسية؟ الطريق السلمي، وما يسمى، بالعصيان المدني وفق الاصطلاح السياسي لليمين المعادي للشيوعية داخل الحركة الشيوعية العمالية وما يكللها من تكتيك المساومة والتوافقات والإصلاحات والصفقات السياسية الحقيرة والتنازلات والانهزامية والذيلية! أم طريق الثورة الاجتماعية التي ستحطم النظام الاجتماعي البرجوازي وتكنس كل بقايا وآثار ذلك النظام الفاسد وتنتزع بالقوة وبلا تردد السلطة السياسية من البرجوازية ومن ثم تؤسس على أنقاضها الجمهورية الاشتراكية والمجتمع الاشتراكي! بكل تأكيد ليس أمام الحزب الماركسي، إذا أراد أن يمثل فعليا" الحركة الاجتماعية للعامل وتطلعاتها التحررية، غير أن يسلك سبيل الثور الاجتماعية، ولكن هل من الممكن أن يظفر العمال بالسلطة السياسية بغير طريق الثورة؟ بكل تأكيد الجواب هو كلا. ولأجل أن نكون موضوعيين يجب أن نقر بأن النضال البرلماني ربما يصبح في ظل توازن معين للقوى السياسية والاجتماعية ضروريا" لنضال الحزب الماركسي وربما يتعذر من دونها مواصلة المسيرة النضالية للعامل نحو الظفر بالسلطة السياسية وبهذه الصورة فإن بإمكان الحزب الماركسي أن يشارك في البرلمانات والحكومات البرجوازية ولكن يجب أن لا ننسى فإن ممارسة ذلك التكتيك السياسي يجب أن يتم في إطار استراتيجية الثورة الاجتماعية للعامل، أي عندما يهدف ذلك التكتيك إلى تحقيق أهداف سياسية محددة لتساعد على تقوية النضال الطبقي للعامل وبالتالي تمهد الطريق أمام الحزب الماركسي لتنظيم وقيادة الثورة الاجتماعية للعامل حتى الانتصار النهائي للعمال.. ولكن عندما يتحول مثل ذلك التكتيك إلى استراتيجية سياسية للحزب الماركسي ومحور رئيسي لنضاله، وهذا بالضبط ما يتطلع نحوه حاليا" الجناح اليميني لكورش مدرسي داخل حركتنا بشقيه الإيراني والعراقي، فلا يمكن تصنيفه إلا في خانة خيانة الاشتراكية لأنه عندما يحذف الحزب الماركسية الثورة الاجتماعية من أجندته السياسية فأنه يتحول بشكل مطلق إلى ذيل للبرجوازية وإلى خادم وضيع للرأسمالية وكذلك لأن طرح الثورة الاجتماعية جانبا" يعني تفريغ الحزب الماركسي من محتواه الطبقي وروحه الثوري وعلى أثره سيصبح نضال الطبقة العاملة خاضعا" للتأثير السياسي لبقية القوى والحركات الاجتماعية من الذين يعادون الطبقة العاملة ويحققون أهدافهم وأمانيهم على حساب حرمان وبؤس وشقاء العمال وسيصبح قادة مثل تلك الأحزاب بالضرورة خونة الاشتراكية وإن الكاوتسكيون داخل الأممية الثانية والمناشفة داخل الحركة الاشتراكية الديمقراطية الروسية خير مثالين على مثل تلك السياسة الانتهازية والانهزامية وللأسف فإن التاريخ يعيد نفسه مرة" أخرى فإذا كان تلك السياسة الانتهازية قد ظهرت في حينه على شكل مهزلة مضحكة فإن ظهورها حاليا" ليست سوى مسخرة تافهة! فها، أن كورش مدرسي ومن لف لفه يتبنون نفس التكتيك الانتهازي داخل حركتنا ويسبحون في نفس المستنقع القذر! حيث أنهم ينادون المناضلين الشيوعيين بتبني تكتيك العصيان المدني ويتطلعون بعقد الصفقات السياسية الحقيرة مع أحط القوى والأحزاب السياسية البرجوازية الموغلة في الرجعية ومعاداة الجماهير من أجل المشاركة في السلطة السياسية!.
فهل من الممكن إلغاء العبودية المأجورة عندما يسلك الحزب الماركسي سبيل العصيان المدني للمشاركة في السلطة السياسية برفقة الأحزاب البرجوازية؟!! على الإطلاق أمر غير ممكن، إذا أراد الحزب الماركسي أن يظل أمينا" لقضية الاشتراكية والمصالح العمومية والنهائية للطبقة العاملة، لأن الاضطهاد الطبقي للعمال وكل معانتهم وبؤسهم سوف لا ينتهي إلا بتحطيم النظام الاجتماعي البرجوازي وبالتالي إلغاء الملكية الخاصة الرأسمالية ونظام العمل المأجور وكل الفوارق الطبقية والاجتماعية داخل المجتمع.. وحتى لو فرضنا جدلا" بصعود الحزب الماركسي إلى السلطة من خلال النضال السلمي والتوافقات السياسية والرقص على ألحان الموازنات السياسية داخل المجتمع فمن دون إلغاء كل الأسباب التي تستمد منه البرجوازية عوامل قوتها وإعادة إنتاج نفسها كالملكية الخاصة والعمل المأجور والنقد والبنوك والجيش والشرطة والسجون والدواوينية.. وإلخ، والاستعاضة عنها بحكومة المجالس التي تجسد الإرادة الجماهيرية بشكل مباشر فمن دون كل ذلك فإن أية حكومة أو أي جهد نضالي يهدف حتى إلى مس أسس النظام الاجتماعي البرجوازي سوف تكون البرجوازية وأجهزتها القمعية لها بالمرصاد ويتحولون إلى وحش كاسر للانقضاض عليهم لأن الغريزة الطبقية لدى البرجوازية عالية الحساسية لصد كل التطلعات والتوجهات الثورية داخل المجتمع وإن تجارب الثورات العمالية في منتصف القرن التاسع عشر في أوربا وحتى نهاية العقد الثالث من القرن العشرين يؤكد ذلك بكل وضوح.. وبهذا فإن محاولة تحقيق الاشتراكية عبر استلام السلطة السياسية من البرجوازية من خلال العصيان المدني أو التوافقات السياسية ليس سوى ضحك على الذقون وضرب من الخيال وتضليل للعمال.
وعلى هذا الأساس عندما أعلن الاشتراكيين اليمينيين داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي تخليهم عن الثورة الاجتماعية وسلوكهم سبيل الإصلاحات والمساوامات ومغازلة البرجوازية بادر التيار المدافع عن اشتراكية ماركس والخط الثوري لمنصور حكمت داخل ذلك الحزب إلى تأسيس الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي لمواصلة المسيرة النضالية للشيوعية العمالية والسعي الجاد لتحضير وإعداد وتوعية كل القوى الثورية داخل المجتمع العراقي وارتقائها إلى مستوى مهمة خوض عملية الثورة الاجتماعية بغية انتزاع السلطة السياسية بالقوة من البرجوازية وتحطم النظام البرجوازي وقلع الرأسمالية من جذورها وضرب كل محاولة تبذلها البرجوازية لاستعادة ما فقدتها بيد من فولاذ ولذلك فإننا نناشد كل العمال والكادحين والجماهير المحرومة وكل دعاة الحرية والمساواة والعلمانية والحداثة للالتفاف حول حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي لأن مسؤلية تاريخية عظيمة تقع على عاتقنا تتمثل بتنظيم وقيادة الثورة الاجتماعية للعامل ضد ذلك النظام الاجتماعي العفن من أجل تشكيل الجمهورية الاشتراكية التي تعتبر الضمانة الوحيدة لتحرير جماهير العراق من براثن السيناريو الأسود الأمريكي ومن مخالب المنظمات الإرهابية الإسلامية والقومية وبالتالي إقامة مجتمع مرفه ومزدهر وخالي من الاستغلال الطبقي والفوارق الطبقية .
13 كانون الثاني 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة