الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الشاعرة قصائدها

مصطفى لغتيري

2012 / 4 / 1
الادب والفن


مصطفى لغتيري
كثيرا ما تداول بعض النقاد و المهتمين بالأدب عموما أن النص الأدبي غالبا ما يشبه صاحبه، و يعبر عنه بشكل صادق ..بالطبع قد يحتلف الكثيرون مع هذا التصور و الانطباع ، خاصة أولئك الذين توغلوا عميقا في النصوص و ربطوا علاقات متينة مع أصحابها ليكتشفوا البون الشاسع بين النص و صاحبه، حتى يبدو أن لا صلة بينهما ، كأن يكون النص -مثلا-غارقا في التشاؤم بينما صاحبه يتمتع بروح النكتة و خفتها ،و العكس بالعكس ، لكن أدباء بعينهم رغم قلتهم لا يملك المرء إزاء نصوصهم سوى أن يشعر بذلك التطابق المهول بينهم و بين تلك النصوص ، و قد يصل الأمر أحيانا إلى حدود الإرباك.
لقد أتاحت لي زيارتي الأخيرة إلى تونس الالتقاء بالشاعرة التونسية نجاة المازني التي طالما تواصلت معها عبر الأنترنيت ، لكن هذا التواصل ظل في حدوده الدنيا ، كالسؤال عن الحال و الأحوال ، و حين أتيح اللقاء المباشر غمرتني هذه الشاعرة بدفقها الإنساني البديع ، و اكتشفت فيها امرأة خجولة و بسيطة ، لا تحب الظهور ، حتى أنها لم تصعد إلى المنصة لقراءة شعرها إلا بعد إلحاح كبير من أصدقائها .. و من حسنات هذا اللقاء أنني حصلت على نسخ من دواوينها و من بينها ديوان " طيف اللقاء" الذي اطلعت عليه بعد عودتي من تونس ، فاكتشفت أن هذا الديوان صورة طبق الأصل لصاحبته ، و كانه جزء مقتطع من ذاتها..
يضم هذا الديوان المكون من 224 صفحة من الحجم المتوسط اثنتين و خمسين قصيدة ، من بينها ضمير الشاعرو المراياو غجرية الحب و امرأة اليقين و ابتسامة أبدية و غيرها.
و حينما تصفحت القصائد شعرت بتلك الروح الطاغية في الديوان ، روح البساطة التي تكتب بها نجاة قصائدها ، بساطة تشبهها إلى حد كبير ، بعيدا عن التكلف الذي يلف حباله على كثير من الشعراء و الشواعر ، لحظتها تملكتني تلك السلاسة التي تعتور أسلوب الشاعرة و هي تدبج نصوصها بجميل القول ، تقول الشاعرة في قصيدة أخر النظريات:
أحبك يا سيد الكلام
و مبدع الكلمات
أحبك و أحتج على
تحبني بتلك اللغات
فأنا في أبجدية الروح
أفنيت حياتي.
هذه البساطة في التعبير المضمخة برومانسية بليغة، تستهوي الكثير من الشعراء التونسيين ، ألقت بسطوتها على الشاعرة ، فاندلقت قصائدها تضرب في أراض عدة ، أهمها كينونة المرأة و هويتها ، تقول الشاعرة في قصيدة "امرأة اليقين ، متحدثة عن نفسها و من خلالها عن بنات جنسها:
أنا امرأة من حياة و صخر
أنا امرأة من دماء
من بلاد فتية ..معطاء..
من أرض سامية شماء..
أنا مزاجي المرمر
تطويه النوائب و الأحوال
لا يتكسر ..لا يتغير.
أنا امرأة من صوان.
و لم تمنع هذه البساطة في التعبير عفو الخاطر من أن تتطرق الشاعرة إلى همومها الوجودية و الوطنية و القومية و الإنسانية. و من ضمن ذلك ما جاء في قصيدة "تونس " التي بثت فيها حبها لخضرائها البديعة;:
كالحلم ، تسافرين في أفقي
تكابرين..
ترتادين فضاءات قلبي
تراقصين آمال دربي..
نورا تختالين..
تتهافتين..
تبعثرين الهتافات صوبي
تتناثرين شظايا سحر
شذى عطر
سنديانة يقين
يشدك إليه هذا البوح السادر في هدوئه و لغته، التي تكشق لك نفسها بدون مساحيق ، كذلك هي نجاة المازني هادئة مطمئنة و بسيطة ، و عميقة في صمتها و في حديثها الخافت الذي يخشى أن يكسر قداسة الصمت من حولها ، و حين تناقشك في القضايا الكبرى ، تظل على حيادها ، لا تطمئن لرأي بعينه ، و إنما هي أميل إلى أن كل شيء قد يتغير بين لحظة و أخرى ، فلا يستحق أن نحرق أعصابنا من أجله.. و لهذا حينما تعانق القضايا القومية شعرا ، لا تجد سوى حضنها الدافئ تفتحه رحبا و تحتوي قضيتها بلطف و لين ، نقول الشاعرة:
و أمد أحضاني إلى المنتهى
و بحيفا و يافا يضيع عنواني
و أرضي غروري ببعض احتفاء
و أرضي بوارق وهم جميل
يحملنا هناك ..إلى الملتقى
ليحتفي القدس بهذا اللقاء
و تدق مريم النواقيس هنا
ليعلو هناك صوت الآذان.
و تمضي الشاعرة على هذه الوتيرة محتفية بذاتها و بالعالم من حولها بقول شفيف لا يخفي شيئا ، يكشف عن مكنون شاعرة تشبه قصيدتها إلى حد التطابق..و صدق من قال أن القصيدة سليلة الشاعر ، فلا يمكن إلا أن تشبهه ، خاصة إذا تعلق الأمر بشاعرة من طينة نجاة المازني و قصائدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي