الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد إيه؟

إكرام يوسف

2012 / 4 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا أعرف كيف واتت الجرأة بعض عناصر الإخوان المسلمين وجمح بهم الخيال إلى حد دعوة الناس في مصر للمشاركة في مليونية تساندهم في خلافهم مع المجلس العسكري بشأن حكومة الجنزوري؟ وكيف خطر ببالهم أن يدعمهم الناس ضد المجلس؛ الذي كانوا أول من اتهم منتقديه بالوقيعة بين الجيش والشعب.وضد الحكومة التي كانوا أول اتهموا منتقدي اختيار الجنزوري وحكومته التي تضم عددًا لا بأس به من رجال عهد المخلوع، بأنهم يعرقلون "عجلة الإنتاج"؟
هل تصور الإخوان أن يستجيب لدعوتهم أهالي وأقارب وأصدقاء وجيران شهداء ومصابي الثورة وعددهم يربو على عشرة آلاف شاب؟ ومثلهم على الأقل من ضحايا المحاكمات العسكرية، ليصبح العدد حوالي مائة ألف أسرة، خاب أملها في أن تقف إلى جوارهم أغلبية برلمان ربما شارك بعضهم في انتخابها؟
هل تخيلوا أن يصغي لندائهم ثوار مجلس الوزراء ومحمد محمود، الذين قال عنهم المتحدث باسم الاخوان "شهداؤهم ليسوا شهداء ثورة ومصابوهم ليسوا مصابو ثورة"؟ وكذبهم نواب الجماعة ورئيس البرلمان، بل طالبوهم أن يكذبوا أعينهم فلا يصدقون أن قوات الأمن تطلق الرصاص الحي والخرطوش وأن زملاءهم تساقطوا مصابين أمام أعينهم على بعد خطوات من مجلس الشعب! وألا يصدقوا صدورهم المختنقة بغازات شعر بها النواب أثناء الجلسات!
أم ظنوا أن يهب لنصرتهم عشرات آلاف ذهبوا لتسليم طلباتهم إلى نواب الشعب فصدهم فتيان الإخوان وانهالوا عليهم ضربا وسحلا، حتى لم تسلم الفتيات من بطشهم؟
هل توقعوا أن يقف إلى جوارهم أهالي شهداء بورسعيد وأصدقاؤهم، الرابضون على أبواب المجلس مطالبين بحق دم سال منذ شهرين، رافضين أن يصيبه تجاهل لحق بدم سفك قبل أكثر من عام؟
وهل حسب الإخوان أن يدعمهم عمال مصر المطالبين بحقوق مشروعة، حرموا منها في عهد المخلوع، وظنوا أنه آن أوان الحصول عليها في عهد الثورة. فإذا بالإخوان يديرون لهم ظهورهم ،وينشغلون بتقسيم كعكة اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، حريصين على إبعاد أهم مفكري وعلماء ورموز مصر عنها؟
هل دار بخلدهم أن يقف إلى جوارهم الثوار المصرون على استكمال ثورتهم، بينما هاجمهم نواب الاخوان باعتبار أن الثورة أنجزت مهامها بمجرد توصيلهم إلى مقاعد البرلمان؛ وعلى الثوار العودة إلى بيوتهم وترك الأغلبية تصيغ مستقبل البلاد وفق هواها، لتعيد إنتاج نظام المخلوع وحزبه الوطني ولكن بوجود جديدة؟
وهل يعتقد الإخوان أننا نسينا مواقفهم من الثورة منذ الإطاحة بالمخلوع؟ وهجومهم الحاد على كل من انتقد المجلس العسكري وتباطؤه في محاكمة رموز نظام لا يزال يقاوم السقوط بشراسة؟ وهل ننسى أننا حذرناهم من تكرار منهج ثبت خطؤه تاريخيا: التحالف مع الحاكم لضرب التيارات الأخرى؛ وما أن تشعر الجماعة أنها اكتسبت الحظوة، ودانت لها الأمور، فتبدأ الانتشاء وفرد عضلاتها، حتى ينهال عليها الحاكم تنكيلا بعد أن استنفد الغرض منها، ولم يعد في الساحة سواها أمامه؟
كتبت ـ وغيري كثيرون ـ منذ بدت بوادر تقرب الجماعة إلى الحاكم الجديد على حساب بقية قوى الثورة، نطالبها بالبقاء ضمن الصف الوطني، وألا تتعجل غنائم لم يحن أوانها بعد، حتى لا تكرر خطأ مسلمي أحد. وإذا بها تختار البعد عن الصف الوطني، محاولة إظهار ولائها للحاكم الجديد! وترفض مليونية استمرار الثورة التي دعت لها القوى الثورية في أول أبريل من العام الماضي. وتنهال دعوات خطباء الجماعة على منابر المساجد على المشاركين فيها، وتتهمهم بالخروج عن الدين. وكان واضحًا أن الجماعة تسعى لإفهام الحاكم الجديد أنها ـ وحدها ـ القادرة على حشد الجماهير، فسعت بكل جهدها لإفشال المليونية.. غير أن مكر الله كان عظيما، وجاءت المليونية على أروع مما كان يتوقع منظموها! واستشعرت الجماعة الحرج، فراحت تتبرأ من بيانات تكفير المشاركين في المليونية. وتحجج مسئولوها بالاحتفال بيوم اليتيم، مع قيادات المجلس العسكري، الذي حرصت رموز الجماعة على التقاط صور حميمية معها؛ تذكرنا بالصور التي كان يحرص على التقاطها رموز شركات توظيف الأموال مع مسئولي الدولة في زمن سابق؛ من أجل تكريس فكرة الحظوة والأفضلية لدى الحكام.
ثم جاءت جمعة الغضب الثانية في السابع والعشرين من مايو. ويبدو أن الجماعة لم تكن فاقت بعد من صدمة جمعة أول أبريل؛ ولم تصدق ـ أو حاولت ألا تجعل المجلس العسكري يصدق ـ أن هناك قوى أخرى تستطيع حشد الشارع. فكررت نفس الخطأ، وأطلق قياداتها وخطباؤها على الجمعة "جمعة الوقيعة بين الجيش والشعب". وحشد الإخوان إعلامهم وكوادرهم لوصم الداعين للجمعة بالملاحدة والكفار والعلمانيين؛ ثم تبرأوا مرة أخرى من هذه البيانات. غير أنهم لم يستطيعوا التبرؤ من تغطية موقعهم الإعلامي على الإنترنت "إخوان أون لاين" التي جاءت منافية لأبسط قواعد المهنية الصحفية. فبينما رصدت وسائل الإعلام المحلية والعالمية نجاح القوى اليسارية والليبرالية المنظمة للحدث في حشد ملايين عديدة في ثمانية عشر محافظة، حرص موقع "اخوان أونلاين" على تصوير الميدان في الصباح لإظهار قلة الحشود، مع علم الجميع أن الفعالية موعدها بعد صلاة الجمعة، حيث تنطلق الحشود من مساجد القاهرة المختلفة لتصل الميدان بعد انتهاء الصلاة. وسارت تغطية الإخوان الإعلامية على سنة تليفزيون المخلوع عندما كان يصور مشهد الثورة من شارع ماسبيرو، بينما تنقل وسائل إعلام العالم مشهد الملايين في ميادين تحرير مصر في القاهرة والاسكندرية والسويس. وأذكر أن المشهد كان رائعًا عندما وصلنا الميدان؛ حيث مئات الآلاف من المصلين في حراسة إخوتهم المسيحيين. وكان الجو شديد الحرارة، وما أن انتهت الصلاة حتى غطت الميدان سحابة أطلقت رذاذا خفيفا رطب الجو، فصار بديعا. حتى أنني قلت لمن حولي "يبدو أن الله سبحانه قرر التلطف بالعلمانيين والملاحدة الكفار" وأضفت "يد الله مع الجماعة فعلا.. لكنها الجماعة الوطنية، وليست جماعة الإخوان"!
ويبدو أن الجماعة اكتشفت أن أحدا لن يتلفت لدعوتها لما اسمته "مليونية حماية الثورة ودعم التحول الديمقراطي"، فقررت التراجع و"الطيب أحسن"! لأتذكر أغنية ترددت في ذهني بعد خطاب المخلوع العاطفي "بعد إيه.. بعد إيه.. بعد إيه" وأردد كلمات الأغنية تعليقا على عدم استجابة النخلوع لنصائح الإصلاحيين "مارضيش يسمعني.. ما رضيش يفهمني.. حاسيبه للأيااام"!
وتتوالى الأحداث، تؤكد إصرار الثوار على مواصلة النضال حتى تحقيق أهداف ثورتهم؛ وإصرار الإخوان على التشبث بما يظنونه مكاسب، مع إجراء اختبارات قوة ـ من حين لآخر ـ لتحسين شروط الصفقة مع الحاكم الجديد. وتنتشر التعليقات على الإنترنت"مشكلة عائلية.. واحنا مالنا"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري


.. مقاطعة حفل ممثل هوليودي لدعمه للاحتلال الإسرائيلي




.. حزب الله: استهدفنا مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزارع ش


.. الاتحاد الأوروبي يفعّل نظام كوبرنيكوس لمساعدة إيران.. ماذا ي




.. استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين