الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومضة

ربيعة العربي

2012 / 4 / 3
الادب والفن



سافرت في قطار الزمن... قلت في نفسي لابد من أن أخبرها... لابد من أن أمنعها من أن ترتكب هذه الحماقة . أحسست بالخوف بداخلي . هل سأصل في الوقت المناسب . قال لي أخي لا جدوى من المحاولة وأمضى النهار كله يحاول إقناعي بأن أتراجع عن قرار السفر غير أني كنت قد عزمت. أنت عنيدة هكذا قال أخي. استفزني بروده و عدم اكتراثه بالأمر. قلت له: إن لم تكن ترغب في المجيء معي فسأسافر لوحدي، و بالفعل سافرت لوحدي. وصلت ليلا. نزلت مسرعة و اتجهت صوب منزلها. لما وصلت هناك زاد قلقي، و أحسست بشيء يهوي في صدري. مددت يدي نحو الجرس. فتحت لي جدتي الباب و استقبلتني بفرح عارم و دعتني للدخول. قلت لها: أين العروس فأجابتني إنها في غرفتها تكمل زينتها ، فالحفل سيبدأ بعد قليل. توجهت بسرعة صوب الغرفة. فتحت الباب بصورة مفاجئة و قلت بدون مقدمات: ماما رجاء لا تقيمي هذا الحفل رجاء لا تتزوجي هذا الرجل. التفتت العروس إلى "النكافة" و قالت لها : هل هذه ابنتك فلما أجابتها "النكافة" بالسلب ، نظرت إلي مستغربة . قلت لها : أنا أتحدث معك أنت. أنت ماما ضحكت العروس و قالت: و متى ولدتك أنا لم أتزوج بعد . قلت لها : أنا أعرف أنا ابنتك التي ستلدينها بعد الزواج و لقد جئت لأحذرك من هذا الرجل لا ترتبطي به أرجوك و إلا ستعانين كثيرا. رأت "النكافة" أن من واجبها أن تنهرني، لكننني صممت على البقاء و قلت لأمي أنا أحمل الدليل معي ، ووضعت يدي في جيبي و أخذت شريطا كنت قد سجلته لهذا الغرض . استحال شك أمي إلى يقين ، فعانقتني و قالت لي أشكرك، إذا كان هذا هو الحال الذي سأكون عليه مع هذا الرجل بعد عشرين سنة ، فأنا لا أريده و سألغي هذا الحفل. أحسست للفور بفرح عارم. لقد أنجزت مهمتي بنجاح، و علي الآن أن أعود من حيث أتيت. خرجت مسرعة علني ألحق القطار قبل أن يغادر. وجدت المحطة فارغة، إلا من بعض الركاب. استفسرت أحدهم فقال لي: سيتأخر القطار ساعتين. يا إلهي ساعتين كاملتين. جلست أنتظر. أحسست بالملل، و فجأة خطرت لي فكرة: لماذا لا أعود لأتحدث مع أمي بعض الوقت. بدت لي الفكرة جيدة، فأسرعت الخطى. اقتربت من المنزل مرة أخرى بقلب يخفق و بدهشة عارمة: فأمي لم تلغ حفل الزفاف كما وعدتني، و ها هي تجلس بجانب أبي و الناس يتراقصون من حولهما. رأيت الفرح في عيون الناس إلا عيني أمي. قلت لها : ما الأمر؟ لم تراجعت عن قرارك ؟ فقالت لي، و هي ترسم بسمة على شفتيها : لأجلك تراجعت. وضعت يدها على جبيني، فتحت عيني فوجدت أمي واقفة بجانب السرير تحثني على الاستيقاظ ، فالساعة تشير إلى السابعة صباحا و علي أن أتناول فطوري بسرعة قبل الذهاب إلى العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخيال حين يتشابك مع دراما الحياة !0
جابر حسين ( 2012 / 4 / 3 - 08:55 )
أعجبتني فكرة أن يمتد الخيال ليكون في سدة الواقع والحياة نفسها ، حين يتداخلان فيختلطان في الكتابة الإبداعية فيكون النص مضيئا وعميق الدلالة بهي الملامح ! رأيتها - الراوية - تحلم ، لكن حلمها سرعان ما يكون - جوهرة - في جسد الواقع بمخاوفه ومراوغته وصراعه الخفي مع أحداثيات اليومي في حياة هذه - الأم - ومصائرها ومخاوفها التي تراها بصيرة - الراوية - التي هي أبنتها التي ستأتي و ... تكون ، و- كان ما سوف يكون - علي قول درويش ! نص جميل الحبكة و ... الرؤية ، ولأجل هذه البرهة النابهة من الكتابة أحييك ياسيدتي !0


2 - ايتها الربيع بعينه
شاكر الخياط ( 2012 / 4 / 3 - 23:01 )
تحية تقدير ومحبة اليك ايتها الانسانة
تحية اجلال واكبار الى هذا القلم الرائع الذي ابدع هذه الخلطة الرقيقة والاشراقة المبدعة الخلاقة التي تشير الى كاتبة كبيرة وكبيرة جدا...انا لايمكن ان اغبط حق احد ان كان سلبا او ايجابا وهذا ديدن كلفني الكثير وخصوصا في هذا الزمن المتلاطم الافكار....ايتها الرائعة اتدرين ماذا كتبت؟ ام انها ارهاصة بسيطة من وجهة نظرك؟ اقول لك حقيقة لو آن لهذا النص ان ينشر بالفرنسية ليقرأه الفرنسيون، او بالانكليزية ليقرأه البريطانيون لفاجأك ما سيرد من تعقيبات ومن مشاعر تؤكد ان هناك كاتبة تحمل نبوءات في علم النفس والتحليل السايكولوجي قد لايستوعبها كل عقل كما هو الحال بالنسبة الى اساتذة وفلاسفة هذا النوع من الادب ولا غرابة انني اتوقع منك في القادم اغرب من هذا مع الحفاظ على نفس الجمالية...مكافأتي اليك انني سالزم نفسي بالتفرغ لقراءة ماكتبت سابقا، فاسمحي لي ان اخضعك وكتاباتك لما يمكنني الله عليه... تقبلي خالص مودتي

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟