الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قانون الإرهاب إلى قانون الإضراب

اسماعين يعقوبي

2012 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قد يتساءل البعض عن علاقة قانون الإرهاب وقانون الإضراب: العلاقة موجودة في كون قانون الإضراب مررته الدولة بواسطة الأحزاب "اليسارية" لضرب الأحزاب والتنظيمات الدينية، وقانون الإضراب ستمرره الدولة بواسطة الأحزاب الإسلامية لضرب الأحزاب والتنظيمات اليسارية.
إن الانطلاق من المقولة المشهورة: ليس لدينا أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون ولكن لدينا مصالح دائمة، تبقى صالحة وسارية المفعول خصوصا بالنسبة للدولة المغربية التي تجعل مصالحها والتي هي في الحقيقة مصالح طبقتها الحاكمة والمسيطرة على ثروات البلاد والعباد، فوق كل اعتبار.
كان اليسار المغربي بما فيه ما يسمى الأحزاب الوطنية، في تناقض كبير مع الدولة حيث كان في الغالب يعارض مجموعة من خيارات الدولة الليبرالية وعلى رأسها الخوصصة والليبرالية المتوحشة في انسجام مع طبيعة تركيبته الاجتماعية المكونة أساسا من الطبقات الصغيرة والمتوسطة.
ومع ألازمة الخطيرة للدولة في بداية التسعينات، وهي مرحلة اصطلح عليها مرحلة السكتة القلبية، لم تجد الدولة بدا من إشراك هاته الأحزاب في السلطة حفاظا على مصالحها التي كانت مهددة بانفجار شعبي أو بتغيير جانبي معين.
لم يكن الإشراك تنازلا للدولة عن مصالحها وبرامجها، بل كان خدمة لمصالحها مما أدى إلى استمرار الخوصصة وجميع إشكال الاستغلال والنهب وضرب حرية الصحافة والتعبير والتجمهر.
مرت مرحلة السكتة القلبية بسلام وخرجت منها الدولة ومصالحها أكثر متانة وتطورا بينما خرج منها الحزب "الاشتراكي" مشلولا وصح عليه قول حزب الجنرالات بدون جنود بعدما انفضت من حوله آلاف الجماهير المتعطشة للحرية والانعتاق والتحرر. فوجدت نفسها في وضع استغلال اشد وبطالة وغلاء الأسعار.
كان من أهم منجزات الحكومة "الاشتراكية" شق العمل النقابي حيث خرجت من رحم الكونفدرالية الديموقراطية للشغل كل من الفدرالية الديموقراطية للشغل والمنظمة الديموقراطية للشغل، كما تم تمرير قانون الإرهاب.
إن الإرهاب لم يأخذ طابعا مغربيا في البداية، لقد كان فهما وممارسة أمريكية اضطر الجميع إلى قبولها وتقبلها تحت تهديدات بوش ومعادلته الغريبة: مع أمريكا أو مع الإرهاب.
بعد تفجيرات ماي 2003 قبلت الدولة كل شيء إلا التشكيك في صحة الهجمات على الدار البيضاء. فالدولة تعي جيدا ما تقول وما تفعل، فلتمرير قانون الإرهاب لا بد من إرهاب، والتشكيك في التفجيرات يعني اتهاما للدولة بالضلوع وراء العمليات الارهابية كما فعل وزير الداخلية بمصر في 2011.
لم تمر فترة "الاشتراكيين" دون مناوشات، خصوصا في ظل انعدام الثقة واختلاف المصالح، ولهذا فالدولة تفضل التعامل بأحزاب من صنعها، أحزاب تفتقد لقاعدة اجتماعية وتنظيمات موازية وبالتالي تربط مصيرها بمصير الدولة صانعتها وصاحبة الفضل عليها كما هو الشأن بالنسبة للفديك والأحرار والاتحاد الدستوري والذين انتهت صلاحيتهم بانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي.
حاولت الدولة صنع حزب بمقومات القرن الواحد والعشرين، حزب يتحدث لغة الشباب والمرأة والطفولة والديموقراطية وحقوق الإنسان، ويحافظ على المصالح الطبقية للسلطة الحاكمة والطبقة المسيطرة.
لم يكن الحزب سوى ذاك الخليط الغير متجانس من اليمينيين واليساريين والديموقراطيين والحداثيين، هاته العجنة أعطت لونا سياسيا اختير له من الأسماء الأصالة والمعاصرة.
تمكن الحزب أو الدولة من بسط نفوذه في جميع مناطق المغرب واكتساح البرلمان ومجلس المستشارين مستفيدا في ذلك من عجنة من الأحزاب الإدارية السابقة ومن قاعدة خلفية مشكلة من وزارة الداخلية من حلقتها الصغرى المتمثلة في المقدم والشيخ الى الحلقة الكبيرة حيث سيق للمواطن البسيط في القرى تحت يافطة حزب الملك.
عصفت على المنطقة رياح التغيير، رحل العديد من الدكتاتوريين العرب. لم يسلم المغرب من الرياح فجابت عشرين فبراير شوارع جل المدن المغربية معبرة رفضها بواقع الحال ومطالبة بإصلاحات سياسية، اقتصادية، دستورية، اجتماعية وبرحيل رموز الفساد.
لم يكن رموز الفساد الذي حاربتهم 20 فبراير سوى العديد من رموز حزب الدولة ورجالاتها، مما دفع بها إلى احناء الرأس للعاصفة واعتماد خطة بديلة مع مراكمة شروط الخطة الأولى.
تمكن الإسلاميون من السلطة، أو بالأحرى تم إشراكهم فيها بعدما تم تشكيل حكومة ظل تضم خيرة رجالات الدولة. أعطت الدولة الضوء الأخضر للإسلاميين بتدبير وحل بعض الملفات الشائكة فتعرض المعطلون للتنكيل، حوصرت تازة وبني بوعياش، قمعت مسيرات سلمية، فتحت بعض الملفات...
لكن اهم شيء بالنسبة للدولة هو مرحلة ما بعد الإسلاميين والتي يجب أن تكون اكثر ليبرالية وجاذبية للاستثمار الخارجي، هذا الأخير الذي يجد في استغلال العمال والفلاحين وعدم تطبيق القانون شروطه المثلى.
الحكومة الآن منهمكة في تطهير الاقتصاد والإدارة من كل شروط الرفض والمقاومة. لكن كما لا يمكن سن قانون للإرهاب بدون ارهاب، فلا يمكن سن قانون للاضراب في غياب الإضراب.
وبالرجوع الى الوراء قليلا، وربط الاحداث بعضها ببعض، تتبين الأمور بجلاء. فقد وقعت نقابة بقطاع العدل اتفاقا اعتبرته تاريخيا في ظل الحكومة الماضية والتزمت من خلاله بضمان حد أدنى من الخدمة (وهو للإشارة جزء من قانون الإضراب)، كما عبر زعيمها في تصريح لجريدة الصباح عن استعداده لتوقيع قانون قطاعي للاضراب وهي خطوة متسرعة أو كشف إن صح التعبير لخطة مبرمجة سلفا.
ان موقع الرجل وعلاقاته وتوجهه تبين أن لا شيء متروك للصدفة، فقائد النقابة ينتمي لتيار من داخل مركزية معروفة بميولها لتيار رجل سياسي على صلة بحزب الدولة المستقبلي.
وحتى لا نكون جازمين في تحليلنا، فالواقع يحتمل وجهين لحقيقة حكومية راغبة في تطهير مناخ الاستثمار وتوفير شروط الاستغلال والاستبداد.
الوجه الأول كون الرجل يعي ما يفعل ويشتغل لأجندة محددة سلفا تستهدف العمل النقابي برمته وهو ما تبرره خرجاته الإعلامية ومناوراته الحالية.
أو أنه ينخرط في مرحلة دون وعي النتائج، ويشتغل لحساب أجندات اكبر منه. وهنا وجب على القواعد والمناضلين وضع حد لقيادة لا تفهم الإطار العام للنضال وأفق تطوره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم