الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية:قضية وطن ام محنة نظام

حبيب صالح

2005 / 1 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ما يثير الخوف والتردد في تعاطي واقتراف الكتابة السورية ,قضية وطن أم محنة هو المجازفة في عبور حقل مترام من الألغام مخافة أن تقع الكتابة في محظورات واستطرادات قانون المطبوعات وقانون العقوبات العام نصاً أو روحاً أو تكييفاً أوتأويلاً أو اجتهاداً أو استطراداً !على خلفية قانون الطوارئ , عراب الحياة السياسية في سورية !ويمكن اختزال معادلة الحياة السياسية في سورية ,بأنها حاصل الفارق زمنياً ووطنياً وسياسياً بين زمن الطوارئ المفتوح دوماً ,وزمن صندوق الانتخاب الموصد ابداً ! فالقانون العتيد هو أشهر معالم سورية المعاصرة وهو حصان طروادة الدمشقي ,استخدم لزمن طويل متراساً لتكييفات الصراع العربي الإسرائيلي واستطراداته , وآلية للصمود والتصدي بين الحكم والمواطنين !!
وآن له أن يترجل بعد التخلي عن مشروع المجتمع العربي الأشتراكي الموحد,ومشروع الأنتقال من صيغة الثورة إلى صيغة الدولة عبر رياح العصر ونوافذه المشرعة !ولا يصح أن يستمر بعد شعار وديعة رابين واستعادة الأرض المحتلة بالمفاوضات , دون التحرير !ولا بعد النتائج الكارثية التي انتهى إليها النظام العربي وطنياً وقومياً ؟ ولا يصح أن يستمر بعد مؤتمر مدريد وإطلاق خيار السلام الإستراتيجي مع إسرائيل ناسخاً صراع الوجود والحدود ! هذا من باب المرجعية ومساءلة الذات , لمن شرعوا حالة الطوارئ ولمن اختاروا خيار السلام ,ولمن اجهزوا على صناعة الرأي وثقافة الحرية , بعد ذلك,تحت مظلة ذلك القانون !وحاكموا فقراء الوطن بتهمة العداء للإشتراكية , واحباط مشاعر الأمة,وهم اليوم يفعلون أي شيء لدخول اقتصاد السوق ,ليستثمروا ما جناه العمر من عرق الجبين ومكرمات الإشتراكية,وليدفعوا عن انفسهم غيلة الغرب وهو يطرح صفقة الحساب الأخيرة,ليدفع العرب والسوريون ثمن الديمقراطية مقابل نظرة حانية من الغرب لإستئناف المفاوضات مع اسرائيل أو البراءة من دماء الجنود الامريكيين في العراق!وعلى نمط معادلة"النفط مقابل الغذاء والدواء"فجاء الزمن الذي نرفض فيه الديمقراطية حتى يرغمنا الآخرون عليها ويطالبوننا بتسديد أثمانها من حسابنا وحسابات وجودنا!أما كان كل ما جرى غريباً أن يجري !!ثم أليس من الأدهى أنه جرى تحت يافطات الثوابت و تحرير التراب الوطني و صيانة شرف الأمة!
أن من توقفت شروطه في تحقيق التوازن ا لإستراتيجي على قيام الوحدة العربية, ولم يتوفر له ذلك طبقاً لحساباته أولإنهيار النظام العربي ,فقد كان بوسعه وفي إطار سلطاته وقراره الوطني المستقل ,أن ينجز استحقاقاً بديلاً عبر ثابت الحرية ,فيغلق السجون أو يلغي قوانين الطوارئ أو يوقف المحاكمات العبثية ويوقف مصادرة الحريات,الأمر الذي أضاف,بغيابه, إلى احتلال الأرض احتلالاً لسيادة الشعب وتدميراً لإحلام الأجيال! فأصبح الأحتلال احتلالان, الأول اغتصب الأرض, واغتصب الثاني قوانين الحياة ذاتها وما صنعته الأجيال فوق تلك الأرض!!
ومن وجد له عذراً عبر المتغيرات الدولية, فقد كان عليه أن يتذكر أن معادلة الثابت والمتغير جاءت بما لم تستطعه الأوائل, عندما كرست ثابتاً واحداً لا يتغير ولا تنال منه المعادلات وهو ثابت مرجعية الشعب والمواطنة!وهنا تكمن بالضرورة, معادلة الداخل والخارج,وثنائية الثابت والمتغير!
ومن سجن الناس تحت أي شعار, كان عليه أن يدرك أن ذلك شكل خرقاً لثابت المواطنة الخط الأحمر الذي يبهر كل الخطوط الرمادية والخضراء والصفراء !وهو ثابت لا يقبل التكييف ,ولا تنتقص منه سلطة أو رمزٌ أو عرشٌ أو حزبٌ أو دستور ! الأمر الذي جعل مفاعيل هذا القانون تختزل تطبيقاتها في الشأن الأجتماعي وشؤون الحريات في سورية,دون أن تنسحب على قضية الأمن الوطني وتحرير الأرض وإنجاز التزامات المادة الثامنة من الدستور, التي افترضت أن من يركب المركب الخشن في قيادة المجتمع والدولة ً بالشرعية التاريخيةً
أو"بالشرعية الثورية" كان عليه أن يحرر الأرض , وينجز المشروع التاريخي في سلام المنتصرين وأن يصون كل مكونات الوطن والشعب وخياراتها المفتوحة علىما عداها,بكل مكونات القوة والحصانة الذاتية,والأمن السياسي,والأقتصادي والديمقراطي,والوحدة الوطنية القائمة على حرية الخيارات,وحرية التعدديات وقبول الآخر بالآخر!وإلا فلا تكون المادة الثامنة حجة له ,بل حجة عليه ويكون "التكليف"قد استنفذ مبرراته وضروراته حكماً وبالضرورة!لإنتفاء أسبابه في المبدأ,ولعجز المكلفين به عن الإيفاء بالتزاماتهم تجاهه,بعد أن توفرت لهم كل الأولويات والضرورات التي نسخت ما عداها,دون رقابة من أحد,ودون حق وطني أو دستوري تطوع به أحد!!أو تفوض بالمحاسبة عليه أحد!لأنه لو قدر لجدلية هذا القانون وهذه المادة أن تنتج تحرير شبر مقابل كل سجين رسى عليه قانون الطوارئ بدعوى الأمن القومي والدفاع عن الأشتراكية, لكان الجولان قد أصبح في وسط سورية ,ولكانت الوحدة والحرية والأشتراكية قد تحققت,قبل أن بأتي زمن استجداء السلام والأمن مع اسرائيل,واستجداء نظام السوق والعولمة من قوى الهيمنة والنظام العالمي الجديد !كل ذلك والجولان و الثوابت, قيد الأغتراب !!حيث تكرس العجز المركب ,والحال كذلك,عن إنجاز الإستحقاقات التي أورثتها ًالضرورات الثوريةً وًالعروبةالمستعربةًوًأحتلال العرب للعرب!وحيث داهمتنا استحقاقات العصر والعصور السالفة التي استنسخت ديناً في ذمتنا الوطنية !فلم يتحقق لجيلنا أن يشهد أياً من التزامات تلك المادة وهي ترى النور !!
وشهدت الساحة السورية إرهاصات المعارضة , حيث بدأت أطيافها ترسم مناخات حراك لا نقاش في صحتها وصحوتها,والرهان عليها منذ زمن البدايات !ولكن السؤال الذي واكب هذا الحراك وأسفر عنه ظل هو :هل واقع المعارضة في سورية يبشر في أنها هي البديل المنتظر والحلم الواعد وخشبة الخلاص ؟!وللجواب فلابد أن يأتي من المعارضة ذاتها عبر ما يلي:
1-عندما تعقد المعارضة مؤتمراًعاماً تعلن فيه أنها هي التي تحولت إلى مؤسسة وطنية,مادامت تطالب بدولة المؤسسات !!فلايتصنم فيها ًرمزً ولا يستنسخ فيها فرعون,ولا يعبد فيها أمين عام!!!
2-أن تؤكد المعارضة أن بعض أطيافها انتقل من طرح البدائل المذهبية والشمولية,إلى منطق المشروع التاريخي الديمقراطي المدني الاجتماعي!لتختفي بلا عودة ًمدارس الإفتاء السياسي ,وبيوتات التكفير,وًمنظومات الطوائف من ذوات الدماء الزرقاء!!!وليجهز هؤلاء على فائض ًستوكاتهمً من مخزون نظريات الدمار الشامل وأسلحة الفكر الكيماوي التكفيري.!!
3-أن تجيب المعارضة على السؤال الكبير وهو سؤال :ثلاثية الدين والدولة والعلمانية !
4-أن تعلن المعارضة موقفها مما راهنوا تضرعاً على الدور الأمريكي في المنطقة ومن رقصوا حتى الثمالة,يوم احتلال بغداد,ويوم استشهاد أحمد ياسين !وممن لم يستمرأوا دبابات الاستبداد,فأطلقوا الزغاريد لدبابات الاحتلال,وهم يعلمون أن جميع الدروب ممدودة وممتدة بين الإستبداد والإحتلال!
5-أن تصيغ المعارضة رؤاها للديمقراطية الليبرالية الإشتراكية,والديمقراطية العددية وهي تناضل لإقامتها !
6-أن تطرح المعارضة مشروعها الإقتصادي ورؤاها لقضايا العولمة وقيام النظام العالمي الجديد!
7-أن تطرح المعارضة فتواها في قضية الوحدة العربية,والأمن القومي العربي !
8-أن تعلن المعارضة براءتها بوضوح من مشروع مذهبة المعارضة اقتباساً و اختزالاً لما تسطره الفلوجة وسامراء والرمادي من صور الكفاح الشعبي الخالدة !وبالتالي فالمقاومة التي لا يجري توظيفها وطنيا ستسقط كما جرى في مدينة الصدروالنجف!!
ومن هنا فلا بد لحتمبة التغيير في سورية من أن تأتي بحياة حزبية كاملة حرة ,وفصل كامل للسلطات ومؤسسات مدنية تتشكل عبر الإنتخابات الحرة المباشرة,وعودة التقنيين والقضاء المدني مرجعاً وطنياً وحيداً في سورية !ولا بد من إطلاق جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي فوراً وإلغاء المحاكم الاستثنائية وأمن الدولة!وتوقف قضايا المساءلة في حربة التعبيروتشكيل الأحزاب والجمعيات!
وأقول للمعارضة أن نقد الذات يشكل تحدياًلن تقلع المعارضة إلامن خلال انتهاجه سلوكاً يومياً!وأن أمراض الفردية والتشوف والشخصنة وعدوى الإنتقام والإنقسامات الحزبية التي طبعت سيرة الموالاة,قد استنسخت كالطاعون بين صفوف المعارضة,لتدفع بعض فصائلها إلى معارك الدونكيشوت,وتصفية الحسابات الشخصية والمذهبية,مما لم تكن حوافزها فيه سوى الموروث المذهبي والشمولي,وانعدام التأهيل الديمقراطي!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا