الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيدلوجيا البعث : كنا وقودها المجاني

جاسم محمد كاظم

2012 / 4 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أيدلوجيا البعث : كنا وقودها المجاني
هي ليست مذكرات بالقدر الذي تؤرخ لمشاهد تبقى مرسومة تصور حجم مأساة تلاشت تكون عصية على التصديق لذلك الذي لم يكتوي بنارها الحامية. نحن والبعث ومسيرة بدأت فصولها بعد انقلاب "شلة تكريت" على الرئيس احمد حسن البكر وإدخال العراق نفق العسكرتاريا المقيتة وإعادة تاريخ الهتلرية السالف وتحويل العراق إلى ثكنة عسكرية مقيتة .
سن الطفولة الخامس الابتدائي : بعمر التسع سنوات وقعنا ونحن لا نعرف ما هي الحياة على تعهد يقضي بالإعدام يتضمن عدم الانضمام إلى أي حزب أخر غير حزب البعث من قبل معلم الابتدائية ومسؤول مكتب الابتدائيات في نهاية سبعينيات القرن الماضي .
وارتدينا ملابس الطلائع الزرقاء المزينة بخارطة الأمة العربية وسرنا في طوابير تسير على إيقاع الصفارة في مراكز الشباب مثل "شبيبة هتلر" أنشدنا عند الصباح " شعلة البعث صباحي .. وجبين الشمس ساحي ".
وأصبح للطلائع برنامج تلفزيوني أسبوعي تقدمة "رقية عبد الحسين " مساء كل سبت .
خالطنا البكاء حسرة بطفولة تجد نفسها باكية يوم الجمعة عندما تأخذك سوح التدريب على مشاهدة أفلام الكارتون صباح الجمعة حين يكون ثمن الغياب تلقي الأيدي الناعمة ضربات العصي صباح السبت .
الأول المتوسط : بداية عقد الثمانينات تم جباية ما يسمى" بدل الاشتراك " برسم مقداره مئة فلس عن كل طالب من قبل المسؤول البعثي ولبسنا ملابس الفتوة وتعرفنا هذه المرة على بندقية الكلاشينكوف وان كانت بيد المدرس الذي أصبح يسمى "بالرفيق المسؤول" .
الرابع عام : منتصف الثمانينات لبسنا الخاكي المتسخ واستلمنا بنادق الكلاشينكوف من مشاجب السلاح ودخلنا بامتياز خدمة العلم من باب الجيش الشعبي "سي الصيت" فككنا الكلاشينكوف الروسية الصنع عيار "7.6 ملم" وعرفنا أنها تعمل بقوة الغاز ونابض الإرجاع بخطوة تصنع منا رجالا كما يريد "القائد الضرورة " وبقيت هذه المعلومة تراوح مكانها وتعلك نفسها لمدة ربع قرن من الحياة.
الخامس العلمي : دخلنا مراكز التدريب الحقيقية في نفس المحافظة كمقاتلين حقيقيين وعرفنا كم حقيرة هي الحياة العسكرية بكل مفرداتها وسكانها من العرفاء والجنود وأصبحت العطلة الصيفية كابوسا مرعبا يرتدي لون الخاكي الحقير الذي منعنا إن نشاهد الساحر مارادونا وهو يرفع كاس العالم في " الأزيتيك " .
لم تقبلني الكلية العسكرية بين قاعاتها لأكون ضابط يحمل مرسوما جمهوري كما كان يريد مني والد رحل باكيا بأمنية لم تتحقق وان كان معدلي الدراسي عاليا بسبب ماضي لم أكن أنا من بين مفرداتة لتنموا مابين جنبات النفس عقدة كرة لكل ما يحمل اسم العراق .
أيام الجامعة : أصبحت العطلة الصيفية جحيما لا يطاق أصبح معها الإكمال في المناهج الدراسية وسيلة للخلاص من خدمة الخاكي القسريه أيام العطلة الصيفية على ارض معسكرات " فايدة - الموصل " .
وتسربلنا أخيرا بقسر الخاكي اللعين في أحقر الأماكن وأبعدها عن عيون الأحبة في ألوية لا يحتمل واجبها اقوي الحيوانات صبرا .
احتملنا شتائم ضباط التدريب و أمراء السرايا وحملة شارات الأركان من مناطق " عفترة "التي يكون فك رمزها ( عانة . فلوجة .تكريت .راوة .هيت .) أصبحت الأجازة أمنية تطول كثيرا وكثيرا تصبح معها مدة الثلاثين يوما كأنها كل العمر لتنعم برؤية أم باكية وطفلة صغيرة لازالت تنام مع القماط .
و خلصنا من براثن "خدمة الألم" بعد مسيرة سنة ونصف لم تكن كافية للخلاص من شكل البعث حتى بعد تدمير كل العراق بعد هزيمة الكويت ليعود البعث يعزف هذه المرة سيمفونية جديدة تغنيها حنجرة القائد الملهم " أبو الليثين " عنوانها تحرير القدس وتبدأ فصول مسرحية جديدة اشد مرارة من كل الفصول السالفة .
وبدئنا هذه المرة نلعب مع "رفاق البعث" لعبة القط والفأر . غيرنا أماكن النوم بعد أوقات الغروب في بداية الأمر للإفلات من قطعان الذئاب البعثية وهي تداهم البيوت عند منتصف الليالي أيام حملات جمع المقاتلين لقواطع جيش القدس سي الصيت .
أصبحت سلطة البعث تنزف نسغ حياتها في هذا الوقت بعد انطلاق قنوات المعارضة في الخارج وتهديدات البيت الأبيض بإسقاط نظام صدام حسين . تفشت الرشوة العلنية في صفوف الجيش وناغم القائد ضباطه المفلسين بإعادة خدمة الاحتياط لكي تكون موردا مدرا للنقد لجيوبهم الخاوية عبر بيع الإجازات لطالبي الحرية من جحيم ساحات العرضات بعد انهيار سلطة الدينار العراقي إمام الدولار الجاذب لكل الهاربين من ارض العراق عبر بوابة الأردن .
وجلسنا نضحك على ضباط الركن في أخر المطاف ننتظر دبابات الفاتحين وهي تحث الخطى منتشية نحو مقر الشر في بغداد لوحنا لها بالأيدي ورمينا أمام سرفها الهادرة بنادق البعث المهزوم برفقة الخاكي المتسخ .
وانهار البعث ورحل بعيدا مع كل أوجاعه وماسية ولم نعرف لهذا الراحل من هوية محددة تكشف عن نفسه و مبادئه وهل هو من أهل اليمين أو أهل اليسار كما ذكر لي جدي لامي وهو يتذكر قصة بطلها " عزة الدوري" وهو يقص الشريط لمشروع أروائي في جنوب العراق أيام السبعينات وكيف هم بخنق احد الشعراء الشعبيين بعد أهزوجته التي قال فيها :
"هلة بحزب اليمين واليسار وياة " فلم يكن من عزة الدوري إن اخذ بتلابيبه وخنقه بكلمات " ولك منهو حزب اليمين ومنهو هذا اليسار وياة " ولم تنفرج المسالة إلا بتدخل بعض المسؤولين بان هذا الرجل لا يعرف شيئا عن أهزوجته .
ونحن نتذكر ماسي الأمس نتطلع لمستقبل أخر نتمنى معه التغيير من قبل ذلك الذي يمسك دفة السلطة أيا كانت هويته وملته سائدة أو متنحية دينية أو علمانية يمينية أو يسارية مؤمنة أم ملحدة إن يقرءا الماضي بتفاصيله مبتعدا عن فرض نفسه على الرقاب بايدولوجيا عقيمة تجسده " كقائد ضرورة " أو أب جديد لأطفالنا الصغار تعيد شكل الماضي العتيق تجعلنا نستجدي الفاتحين ونلوح لهم بباقات الأزهار من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والله المضحك المبكي
سليم ( 2012 / 4 / 5 - 05:46 )
والله اني ضحكت باكيا واني العارف ما تعنيه في ما كتبت كان اخي الكبير كل ما اتكلم عن مسألة عويصة يقولي: انسى


2 - صدقت
فواز الشمري ( 2012 / 7 / 29 - 06:06 )
لن يفهم ما كتبت الا من عاش تلك الماسي, لكن ارجو ممن لن يفهمها ام يصلي معك من اجل مستقبل افضل للعراق والعراقيين,,

اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها