الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- العملاء ورثة الأنبياء-

سعيدي المولودي

2012 / 4 / 5
كتابات ساخرة


في مناكب هذا الزمن الرديء ومسالكه المرهونة، ينام العقل العربي في الأنحاء المقفرة ليقود انكساراته نحو حديقة الفناء، ويلبس العالم العراء (بي) المقيم في ناصية السواد قمصان الزبالة والذل النائح، ولا يرفع غير رايات الرهبة والخنوع والعمالة والخذلان المترامي،والتسبيح باسم الناتو:القاتل المحترف، الذي يبني ظلال الجنة الموعودة بدماء العرب الأجلاف الذين يحلو لهم أن يناموا على هزيع المدافع والنفاثات الأمريكية المقاتلة ويفتحون أوطانهم وأعراضهم للمارينز المشاة الأنذال الذين يزرعون الرعب في طينة الأجيال، ويبحثون عن لحظة الغنيمة التي لا تنتهي. تنزل المهانات على سرير القرب، ووحده المواطن الأعزل يتلقى انحدار الضربة، ويهيم في أوطان مفصولة عن جذورها، تتحرك نحو الهاوية، والسيف الأمريكي سيد وقتها، يجتاح الأفق ويكاد يمسح صرخة الهواء.
قبل سنين جاء "بوش" القاتل المتنكر لهذا الدور. رسم في مرمى يديه خارطة دماء عالم جديد، تحده أمريكا من كل الجهات، وتظلله سماوات من رصاص مصبوب محشو بالأحقاد، ورسم وجه شرق أوسط كالح، مسنود إلى تاريخ المطاردات والمداهمات المنتظمة، يدب الخوف في كل مذاهبه، وترعاه أظلاف رجعيات بهيمة وأنظمة مسلوبة الإرادة، جوفاء، تتقن فن مصادرة الأحلام والحقوق، ولا تعرف غير طقوس الولاء لأمريكا والكلاب الذين يلبسون شكل السلالات.
وهاهو الشرق الأوسط الجديد يتحقق، شبرا شبرا، قبيلة قبيلة، وذراعا ذراعا،تونسا فتونسا ومصرا فمصرا وليبياءً فليبياءً، ويمَنا فيمانا،ويزرع في كل خطوة ذئابَ نشوة خرافية، بلهاء، ملتحية، كأنها المعجزات تصعد إلينا الأدراج، وتحشرنا في الغسق الهارب، توقف النور في الطريق وترخي أطباق الظلام، وفي كل محطة تخرج الحقائق من صمتها ويتأكد بالممسوس أن أمريكا مازالت تروض عداوتها للشعوب، وتفتح باب القيامات وتوقد جمر المؤامرات ولا تهتدي إلا بالدم، لتصنع هذا التاريخ الأجرب باسم ثورات وثروات تضخ من أجل توطيد تكنولوجيا الجرائم الشاهقة التي تحبك خيوطها وتدفع المرتزقة الأنذال ليكونوا لها الوقود، وتطلق أيديهم ليغرقوا المدائن في المكائد المتجددة والمجازر المتواصلة، وينشروا رغوة الإيمان الأعمى وخرقا بالية من الدين الملفق الموشى بالتعاليم الأليمة للاستخبارات والتفاصيل المعدة للقتل والمخفاة بدقة وراء جنون النعيق الموجه باسم الديموقراطية والحرية..
لهذا تخرج "هيلاري"،الأفعى، آمنة من جحرها، تيمم وجهها شطر المسجد الحرام، وتصلي صلاتها السافلة، محدقة في سماء النفط العريقة تحاول ختمها كي لا يفلت من بين يديها الزمام. تضحك ملء تاريخ أمريكا الأسود، وتنام هادئة على ضفاف حلمها الجميل، النفط سليل البداوات والغباوات.ترفع سوطها بالنذير وتقول: ها نحن أخذنا باللين ما لا يؤخذ بالقوة، وجعلنا كل سراديب الأنظمة المغلقة ملك اليدين، ومن الإسلام عميلا منتشيا، يصب زرقته في حمى الدولار.
وليس هذا غريبا فأمريكا دائما لها إسلامها المعبأ بالغاز المسيل للجهالات والرعاة المجاهدين الأوغاد الذين سخروا غير مرة لإغراق العالم في حروب لا معنى لها. وكانت القاعدة إحدى إنجازاتها البارعة، ولم تحس بنيرانها إلا حين احترقت أصابعها، فانقلب السيف على السائف والسير على السائر. وهاهي الآن تزرع بذور إسلام يابس يستعيد قمامات الخلافة العباسية الخرقاء التي وطنت الويلات والخصاء والبلاهات في كل أوابد العرب ومواطنها، وتحفر في اتجاه الخرائب لاسترداد تاريخها الذليل كيما يكون غرة العالم الجديد، وتشحن نقمات الإسلام المعتدي(ل)لتحاصرنا في الليل والنهار، ويضعنا الناتو بين مخالبها الوثنية أو يقودنا للنوم بين أفخاذها العارية على سرير التاريخ المهجور.
الأرض متاهات وسوق عملات زائفة: نفط مرقط يقطع الطريق على السارين وكوفيات رثة تحجب الحدود، وطقس عقيم يصارع الأفلاك، وحروب خاسرة تغطيها الإعلانات المأجورة وغبار السلف الموبوء، ودولار يهتز على إيقاع رقصات همجية تضرب في كل اتجاه، ثورات ، ثروات تعبر النهر مرتين، مرات، وترسو على حافات من القتل: قاعدة في "أبين"، واستثناء في "حلب"، وبدوٌ يقرعون طبول الموت ويقرؤون سورة الخراب والرعب القادم:عثمانيون وسلاجقة يصعدون من مناجم الناتو ليفتحوا باب الهبوب، ويرتعون على الجثث العربية المطهمة بالقرف، حيث "ساركوزي" يغرز سيفه ويلقي بها في شوكة الخلاء.. الساحات شاحبة، والوقت يطلق لحيته ويدعو أتباعه لصلاة الفتك وانتهاك نشوة العصر،يتقدم الأوغاد كالتيوس، ليضع الناتو على رأس كل قبيلة عميلا متوجا يرفع نشيد أمريكا العقل الخصيب في صناعة الحروب.
تستطيع أمريكا أن ترقص رقصتها الفاجرة، فقد أنضجت كل ثمار العاصفة، وزرعت حشائش أصدقاء السوء(ريا) ليقطفوا ماء الجنازات وينفثوا في الحلم العربي أحقادهم، ويشيدوا على جمرة الأنقاض إمارات متواطئة تكتب خرابها بأيديها، وتدفع بالتاريخ للوراء السقيم.
يا لمكر هذا التاريخ الأسود، الْيَجِيءُ دائما إلينا من الماضي البغيض، وينيخ على عتبات السطح. في القرن الآبق باعت الممالك العربية عزها لقبضة الحلفاء، لينزعوا عنهم أثواب الأتراك العتيقة ويستعيدوا قميص الخلافة المرصع بالمواجع والقتل الأكيد، وقرناً، بعدُ، هاهم يبيعون تاريخهم لأمريكا كي يتوجوا الأتراك قادة وحماة أصدقاء السوء، ويهتدون لطواعية العبيد، ليعيدوا للحياة بريقها (الرجعيات العربية عادة ما تزال تلبس صدأ الخرق العثمانية البالية: عاش مولانا السلطان،ظل الله في الأرضين،أمير المؤمنين، خادم الحرم الشريف،وهلم جرا)...واشتعل الموكب، وضع الأتراك أصدقاء السوء في الطريق، وفتحوا النوافذ للريح، الأتراك ذوو العقول الرصاصية جلادو الأكراد لآلاف السنين،دمروا خطوهم في عز الظهيرة، وحاصروا صوتهم من النبع للنبع، وهاهم يجلسون لمائدة ديموقراطيات الناتو السامة، يغمسون يقظتهم في عجيزة الجنون الأمريكي.
كم حرية ترعاها هذه الممالك الصماء،والملوك الدلافين المتعبة،وكم قبرا يمكن أن يحفره أصدقاء السوء ويصطادون الأبرياء لمجراه،وكم برميلا يرضاه العدو ليلون الثورات ويوليها كل لحَيْاَنٍ عميل لينبح في بردة الكون: فبأي آلاء أمريكا تكذبون.؟
تحت سقيفة الناتو الكئيبة
تدخن الثورة "غليونها"
تحدق في توابيت الوقت، وهي تردد من الأعماق:
- العملاء ورثة الأنبياء-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلماء ورثة الانبياء
عبد الله اغونان ( 2012 / 4 / 4 - 23:57 )
لاداعي لقلب المفاهيم كلما لج البعض يمينا او يسارا في العمالة وموالاة الغرب بشقيه الراسمالي والشيوعي الصقنا الامر بالمبادئ الاسلامية
العلماء الربانيون الذين لايخافون في الله لومة لائم دائما مع مصالح الشعوب مثلهم مثل المثقفون النزهاء وهناك طابور المثقفين العملاء نعرفهم بسيماهم
لاداعي للتلاعب بالالفاظ وتبني مفاهيم مغلوطة لاتميز بين الغث والسمين

اخر الافلام

.. المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير




.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام


.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي




.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية