الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات خالد تاجا ...

جقل الواوي

2012 / 4 / 5
الصحافة والاعلام


مات خالد تاجا...

كانت أمسية حارة بدد المكيف الجبار الدرجات التي تجاوزت الأربعين و مزق بلا رحمة غمامات الرطوبة الخانقة لذلك كان الجو داخل الصالة لطيفا و منعشا، جلس خالد تاجا كأنه عصا "قس بن ساعدة" التي كان يتوكأ عليها و هو يدبج خطاباته الرنانة، قامته المديدة نقطة علام واضحة ستمنع الرؤيا عمن يجلس خلفه، و سيضطر الى إستراق النظر من اليمين أو اليسار و بالقدر الذي سيسمح به مزاج خالد تاجا الفارع،جلست الى جواره آمال عرفة كانت تبدو قلقة و آثار توتر على عينيها تحدث إليها برفق أحنى هامته قليلا صوبها و تابع نظراته المحدقة الى الأمام،أندفعت لتجلس الى جوارة فتاة غضة مشربه بلون وردي أنحرف عيناه صوبها و حين تأكد بأنها حورية سقط عليه من السماء أبتسمت عيناه،قالت له بأنها معجبة بتمثيلة و كذلك معجبه به شخصيا ترك أمل عرفة و حرف جسده نحوالحوريه أخرج بطاقته و تناول اصابعها و همس و كأن قس بن ساعدة تقمصه "إذا إجيتي على سورية أحكي معي"، و تابعا معا فيلم "الليل الطويل".

يتحرك خالد تاجا في وسط المشهد، و مهما بلغ تزاحم الممثلين، بحرية، و كأنه دلفين رشيف يراقص التيارات،عقد صداقة حميمة مع العدسات و اصبح خبيرا في قوانين الإنعكاس و الإنكسار، و سجل اسمه الى جوار خبراء علوم الضوء، في الفصول الأربعة تفوقت النصوص و أمتاز خالد تاجا، و في أيام شامية حفر لنفسه نمطا خاصا في لوحة موزاييك كبيرة ستبقى مرجعا دراميا زمنا طويلا، و في التغريبة الفلسطينية استعار خالد شخصية "دياب بن غانم" من التغريبة الهلالية و حارب بذات السيف حتى تأكد محمد درويش بأن للعرب "أنطوني كوين" ايضا،و في زمن العار كان شاهداعلى نبوغ الدراما و أقترابها من الأدب عندما كتب بأدائه سيرة مجرم لم يلمس آداة الجريمة،و دائما كان حضورة كشجرة جوز عملاقة يمكن أن يجلس تحتها كثيرون.

في شعره الأبيض المكتمل و أخاديد وجهه تختبىء عشرات الشخصيات ملوك و مغامرين و سوقه و قادة،يستطيع كساحر أن يخرج من جيوبه الشخصيات و ينثرها تنبض على الشاشات في رمضان و غيره من الشهور. رجولة المهلب بن أبي صفره، و دهاء زياد ابن ابيه،و مجون النواسي،و في لحظة واحدة يمكنه أن يتحول الى الملك فيصل الذي دخل دمشق ملكا و أخرجه منها غورو طريدا،و بسهولة يمكن أن تلاحظ الخيوط التي تربطة بابطال نجيب محفوظ، سهل التحريك و كأنه مكعب "روبيك" يتموضع بملايين الطرق يعتقد كثيرون بأن وضعية واحدة هي الصحيحة و لكن خالد تاجا بفروسية و إقتدار برهن على أن كل تموضع هو حل مكتمل.

ليست لحظة درامية و لا دخل لكاتب سيناريو سوداوي في الأمر، سجى خالد تاجا نفسه طائعا مختارا و أغمض عينية برفق تلاصق الجفان، و بدأت الأضواء تنحسر تدريجيا عن السرير المعدني تاركة الجسد الفارع الطول ممدا ببهاء كبار الكهنة، أنتهى المشهد دون أن يصرخ المخرج "ستوب برافو خالد...كنت كثير منيح".و لم يعرف أحد هل زارته تلك الفتاة اليانعة المشربة بلون وردي في دمشق، و لكن المؤكد بأنها لا تزال تحتفظ ببطاقته في حقيبة يدها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حزن جميل
مسعـــــــــود ( 2012 / 4 / 6 - 08:26 )
رثاء رائع جه قه ل ، يستحقه تــاجــا

اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا