الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ تصفير المشكلات في ضوء الانتفاضة السورية

معمر خولي

2012 / 4 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


مبدأ تصفير المشكلات في ضوء الانتفاضة السورية
ارتكزت السياسة الخارجية التركية في عهد حكومة العدالة والتنمية التي وصلت إلى الحكم منذ عام 2002، على عدة أسس منها، مبدأ تصفير المشكلات مع دول الجوار. وقد أثبت هذا المبدأ فعاليته وبشكل نسبي مع الدول التي كانت في حالة عداء تاريخي مع تركيا كاليونان وجورجيا وروسيا وحتى سوريا. ولكن ما مدى فاعليته مع الانتفاضة السورية؟. ولأن الوضع الداخلي في سوريا مثل تونس ومصر قبل ثورتيهما من حيث طبيعة بنية الحكم الاستبدادي ومخرجاته السلبية التي انعكست بشكل مباشر على الدولة والمجتمع السوريين على مدار أكثر من أربعين عاما.
وصلت الحركات الاحتجاجية المدن السورية التي طالبت في البداية قيام الرئيس بشار الأسد بإجراء إصلاحات دستورية وسياسية تعيد الاعتبار للدولة والمجتمع، وبدل أن يعتمد الرئيس على مقاربة سياسية إصلاحية تهدف إلى تجنب الدولة أية مخاطر قد تهدد ديمومة كيان الدولة، فضل الاستعانة بالحل الأمني في التعامل مع مطالب الجماهير. ونتيجة أسلوب القمع الذي مارسه القيادة السورية ضد المحتجين وسقوط العديد من الضحايا، صعد المتظاهرون مطالبهم ووصلت إلى مستوى المطالبة برحيل حكم الرئيس بشار الأسد.
لم يمنع التقدم المتعاظم الذي طرأ على العلاقات الثنائية بين تركيا وسوريا في عهد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري. أن يطلب الرئيس من القيادة السورية قبل وأثناء الانتفاضة الانفتاح على المجتمع السوري من خلال تسريع عجلة الإصلاحات الدستورية والسياسية والاجتماعية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطواريْ ووقف العنف ضد المدنيين. ولكي يقوم حاكم استبدادي بإجراء إصلاحات حقيقة، فهذا يتطلب منه شجاعة تاريخية، لأنه يدرك تماما بأنها وبشكل حتمي ستنهي حكمه الذي لا يحظ بالشرعية الوطنية. لذلك فضلت السلطة الحاكمة في السورية خيار البقاء في السلطة مهما كلف الأمر على الرحيل عنها. ومن أجل الاستمرار أمعنت الأجهزة الأمنية والجيش السوري في استخدام العنف ضد المدنيين الأمر الذي جعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ينتقد ذلك الاستخدام "مؤكدا على عدم رغبة تركيا في رؤية حماة جديدة مشددا على أن العالم يتغير وأن أي نظام يحد من حقوق البشر لا يستحق البقاء".
وذهبت تركيا في تصعيد موقفها ضد السلطة السورية إلى أبعد من ذلك. حينما استقبلت على أراضيها فصائل المعارضة السورية كافة لعقد اجتماعا لها تحت شعار" لقاء اسطنبول من أجل سوريا". والمطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد عن حكم. ولقد كان السلوك التركي سواء بالتصريح أو الاستقبال مدعاة لإثارة الغضب السوري الذي عبرت عنه صحيفة " الوطن" السورية التي رأت في الموقف التركي "استيقاظات عثمانية ما قبل أتاتوركية، أو أنه أحد الحقول التشاركية مع الإستراتيجية الأمريكية التي تعمل راهناً على إعادة إنتاج سلطات إسلامية غير جهادية ونظيفة السلوك تجاه الكيان الصهيوني، لتتولى منظومة الدول العربية لعقود عدة قادمة".
وإزاء الفعل ورد الفعل تراجعت العلاقات التركية السورية، وقد تشهد المزيد من التراجع في حال استمرار التناقض في موقف كلا الدولتين عما يحدث في سوريا ، وإذا قدر للقيادة السورية الاستمرار في الحكم ولم تتراجع تركيا عن موقفها ، فربما نشهد توترا سمته الصراع في العلاقات بين الدولتين تذكرنا فيما كانت عليه في أثناء الحرب الباردة وما بعدها بسنوات قليلة.
وعليه، شككت الإنتفاضة السورية وتداعياتها على العلاقات التركية السورية بمدى فاعلية مبدأ "تصفير المشكلات مع دول الجوار" وواقعيته السياسية الذي وضعه الدكتور أحمد داود أغلو وزير الخارجية التركي الحالي ومهندس سياستها الخارجية . فالمبدأ أقرب إلى عالم الفلسفة السياسية(القيم، المباديء، الغايات)، منه إلى عالم علم السياسة( الوقائع، الظواهر، الحركيات السياسية). وتأتي الانتفاضة السورية لتؤكد أن العلاقات بين الدول مهما وصلت من تقدم لا تسير على خط مستقيم، بل هي معرضة لهزات سياسية لا سيما بين نظامين يختلفان في مصادر الشرعية، نظام شرعيته التوريث الجمهوري! والأخر صناديق الاقتراع. فالمبدأ بحاجة إلى إعادة مراجعة سياسية وفكرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل