الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن البنّا كان صنما إخوانيّا و مهرّجا سلفيّا 20

حمادي بلخشين

2012 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الوثيقة التي أسقطت ورقة التوت عن العورة الإخوانية :


إن خيبة الأمل التي إجتاحت المصدومين من أبناء الحركة الإسلامية لدى الإطّـلاع عــلى
حقيقة فكرالإخوان المسلمين، لا تدانيها في مرارتها وشدة وقعها، إلاّ خيبة العاشق الذي إكتشف أن المرأة التي أحبّها عن طريق سماع اخبارها، ثم إستقـرّ في ذهنه أنها مثال العفّة والجمال، فعادى من اجلها العشيرة، وهجر الوطن و مراتع الصبا. محرقا سفن العودة من ورائه، لم تكن سوى إمرأة قعيدة شوهاء، تشتغل قوّادة في بيت دعارة!

و بما اني كنت أحد هؤلاء المصدومين، فلا غرابة لو بدرت منيّ بعض الحدّة، فعظم الفجيعة بتلاشي الأمل في يوم مشرق قريب، كان وراء ذلك القدر العظيم من الغضب الذي حفل به هذا الكتاب. أمّا من ناصب رؤيتي العداء، و أصرّ على إتهامي بـالتطاول على العلماء ذوي اللحوم المسمومة (1)، خصوصا بعد إفاضتي في شرح المشهد الإسلامي المريع، و بعد أن أصبح هؤلاء "العلماء" والزعماء الأخوانيون يؤدون بحذق و قلة حياء دور أبي رغال (2) فلا إعتذار ينتظره منى إليه، لأنه غير موجود في حسباني، فهو عبارة عن جثة تنتظر التصريح بالدفن، جثة لا نفع فيها لغير ديدان الأرض .

إن فجيعة أمثالي لدى تعرّفهم عن حقيقة الفكر الإخواني الذين عاشوا دهرا وهم يجلوّن رمزه الأوّل: حسن البنا " الرجل القرآني" أو " الإمام الشهيد" أو" مجدّد القرن " ، كانت كبيرة، لأنّ التغيير المنشود لم يكن يؤمل (حسب تصوّرنا الساذج) إلاّ من جهة تنظيمه، وإلاّ فهل كنا ننتظر نصرة الاسلام من قبل الحكّام العلمانيين،أو من يدور في فلكهم من الإكليروس السنّي المنتسب زورا و بهتانا الى سنة رسول الله،( في حين انهم يخدمون سنة فرعون و هامان والحجاج بن يوسف في إرهاب الشعوب و تهميشها)؟ أم هل كنا ننتظر نصرة الإسلام من قبل الشيعة الخمينية الميثولوجية التي لم تضع قدما واحدة في ديـن الله ؟ أم كنا نأمل نصرة هــذا الدين، من قبل الصوفية الغائبة و المغيّبة عن الوعي ؟ أو من قبل حزب التحرير السّاذج ؟ أو من قبل جماعات التبلـيغ المعاقـة؟ أو من قبل سلفية الألباني أو سـرور زين العابدين أو بن باز أوالمدخلي العاكفة"على مهاجمة شرك القبور دون شرك القصور"؟ فمن بقي على الساحة إذن، ممن تـشرئبّ إليه أعناق، و تتطلع إليه أنظار مــن يأمل الخلاص، سوى من كانت" الله غايته" و" الرسول قدوته" و" الجهاد سبيله" و" الموت في سبيل الله أغلى أمانيه"؟! اي الإخوان المسلمين اصحاب الشعار المذكور الله غايتنا و الرسول قدوتنا.. الخ... لكنني اكتشفت كأمثالي فور حصولي على أوّل وثيقة موضوعية تتضمن تاريخ حسن البنا، كيف كان صنم الإخوان يخفض جناح الذل من الهوان للملك فاروق و رجال دولته، و كيف كان يعترف بشرعيّة الدستورهم العلماني الذي جعله الأنجليز بديلا عن الشريعة، بل و يقرّ وشرعيّة المحتل الأنكليزي لمصر،(في مقابل شراسته وسوء خلقه ضدّ من رمى المؤسسة العلمانية بحجر، حتى لو كانوا من شباب الإخوان، ثم ضيقه بكل رأي مخالف داخل الجماعة) حين اطلعت على كل ذلك،أدركت كما أدرك أبناء جيلي، أنني قد وضعت بذور آمالي بواد غيرذي زرع. كما تأكدت أن التغيير الإسلامي، لن يكون إخوانيّا بحال من الأحوال، ما أصرّت الزعامات الإخوانيـة على لزوم أكاديمية حسن البنا التي نذرت نفسها لتخريج كوادر أمنية تشدّ أزرالإرهاب العلماني المهيمن على بلاد المسلمين، ثم لتقف أخيرا في صف الإمبريالية العالمية ورأس حربتها الأمريكية، لتؤصّل شرعيّا لإرهابها و فتكها بالمسلمين، في جرأة اخوانية وقحة، ليست فيها رجولة ولا شرف، حتى أنه لايمكن لنا تشبيه عمل القرضاوي و زعماء الإخوان في سفاهتهم ، بغيرمن تعري ليتبرز في ميدان عام غير آبه باستهجان المارّة وتقززهم، إعتبارا منه بان الجميع قد عموا عن رؤيته، أو أنه بصدد عرض بهلواني مـثير و محبّب يصفق له !

أما الوثيقة التي وضعت النقاط على الحروف، حين أرّخت سيرة حسن البنا وكبار زعامات الإخوان إعتمادا على مواقفهم، وأدبياتهم وما صرحوا به للصحف و المجلات عن طـيب خاطر و دون ضغط أو اكراه ، فكتاب " الحصاد المرّ .الإخوان المسلمون في ستين عاما " لأيمن الظواهري الذي لم يحل انتماؤه لقاعدة بن لادن السلفية الكريهة على الإطلاع على كتابه القيّم فالحكمة ضالة المؤمن اين ما وجدها استفاد بها خصوصا و ان الظواهري كان من الإخوان المسلمين كما كان على دراية محترمة بالعلم الشرعي، وقد تجلّت موضوعية دراسته في كونها (ولأوّل مرّة بالنسبة لي على الأقل) قد تناولت بالنقد الموضوعي، تاريخ جماعة الإخوان و سيرة مؤسسها، وعرضتها بعين محايدة، لم تكن عين العدّو التي لا تبدي إلاّ المساوئ، ولا عـين المحبّ الولهان التي تغـض الطرف عن كلّ عيب. بل من خلال عرض لأشـهر مواقــف و تصريحات حسن البنا و حسن الهضيبي( المرشد الثاني) وعمر التلمساني(المرشد الثالث) و سواهم من قادة الجماعة المعتبرين إعلاميا، دون مديح يضلّل القارئ ويصرف بصره عن المخالفات الشرعية التي سقطوا فيها، ودون ذمّ أعمى يحمل القارئ على التعاطف مع تلك القيادات الإخوانية، باعتبارها ضحية افتراء" المخالفين الحاقدين الذين اعمتهم كراهية حسن البنا عن تقديره و جماعته حق قدرهم!"

لقد صنف الإخوان، على ما يزيد من ستة عقود، إلى ملائكة أو شياطين. ملائكة أطهار، في نظر من أحبّهم و تبنىّ رؤيتهم في معانقتهم للطغيان، و في خطتهم الغيرالمسبوقـة في التغيـير. و شياطين لا حسنة لهم، في نظر من ناوأهم من العلمانيـين الحاكـمين و أذيالهم من الكتّاب والصحفيين.

لقد بقيت مواقف زعامات الإخوان ( قبل ظهور كتاب الحصاد المرّ) محل تساؤل و تعجب لدى غيرالمغسولي الأدمغة من قواعد الإخوان و محبّيهم، نظرا لإلقاء تلك القيادات عرض الحائط للضوابط الشرعية في تحديد مواقفها من الأنظمة القائمة وطريقة التعامل معها، ونظرا لسهولة تفلتها من دائرة الممنوعات الشرعية، ويسر قفزها على النصوص الجليّة، لوعارضت مصالحهم الحزبية، وكأنّ لتلك القيادات فـي لامــبالاتها و تنصّلهـا من الإقتداءبالمنهج النبوي براءة من النار، و حصانة من مؤاخذة الواحد القهار. و كنت أعزّي نفسي ـ كأمثالي من الحائرين ـ، بأن راشد الغنوشي و حمادي الجبالي و على العريض ، كانوا يتصرفون بمبادرة فردية ما كانت تمليها عليهم أية مرجعية ولا برنامج مسبق، غير الهوى الشخصيّ البحت، كما كنت اعتقد أن إستمرار الأزمة الحاضرة في حلقة النهضة التونسية، والإعاقة الراهنة لمركبة الجماعة، رهيــن موت الغنوشي الزعيم الرخــو و الزئبقي. و حلول آخر، قد يكون أكثر منه التزاما بحدود الشرع و بتعاليم" الإمام الشهيد" حسن البنا في معاملة المستهترين بقيم المجتمع المسلم و دستوره الرباني، بالشكل الذي يصبح الإسلام فيه هو الحل، فتسير الأمور على أحسـن مـا يرام، فـتتحرر الأوطان ويكرمّ الإنسان. كنت اعتقد ذلك حتى جاء الكتاب المذكور ليؤكد لهؤلاء المخدوعين ـ و كنت أحدهم ــ أن تلك الزعامات الرخوة أمثال الغنوشي، الجبالي، العريض لم تكن تتصرف بطريقة فردية تمليها عليها اجتهادات شخصية متأثرة بظروف خاصّة، بل كانت تتصرف بطريقة منهجية وفق رؤية اخوانية ثابتة ،وخطة قديمة محدّدة المعالم، قد إحتكر حسن البنا صياغتها، و تفرّد بتحديد خطوطها العريضة، ثم سار عليها من تبعه من "المرشدين" و كبارالجماعة!!!.

كانت سيرة حسن البنا، بمثابة الحلقة المفقودة، كي يجد الباحث عن حقيقة الاخوان، تعليلا لما يلمسه من اصرارزعماء الجماعة على تكرار تخبطات شرعية فاضحة، و مواقف سياسية مخجلة.

لقد كان من الضروري لأمثالي من الحيارى والمتذمرين، الإطلاع على الوثيقة المذكورة حتي يكتشف حسن البنا من خلال اعماله،لا من خلال ما قيل فيه من إطراء أو لعن، و حتى يجد في سيرة الدكتاتور حسن البنا ، تعليلا لضيق صدور قادة الإخوان بكل من نظر بغير أعينهم أو فكّر بغيرعقولهم،لأن البنا الذي رباهم كان ستالينيّ القيادة، في حين أن كبار اتباعه كانوا في خضوعهم أمام إرادته كالموتى أمام غاسلهم.

لقد كان من الضروريّ أن اطلع على تلك الوثيقة الحياديّة، حتى أستفيق من حلمي الجميل ( وإلاّ فان عـرض أعمال حسن البنا و قادة الإخوان على الكتاب والسنة، كان كافيا للتحقّق من فساد فكر الجماعة و استعصائها عن الإصلاح، كي أغادرها في الإبّان، و ان لبثت في حركة الإتجاه الإسلامي ــ النهضة لاحقا ــ على مضض و على علاقة سيئة جدا بقياداتها و قواعدها الى حد قال لي احدهم حين اخبرته سنة 2000 بانفصالي الرسمى عن الحركة "متى كنت في النهضة حتى تخرج منها؟ "لأنني كنت مستاء منذ 1981 اول يوم صدر فيه البيان التاسيسي للحركة تخاطب فيه النظام البورقيبي بتخنث و خنوع مؤكدة بانها لا تدّعى التكلّم باسم الإسلام و تمثيله، كما انها لا تدعى ملكية الحقيقة ).

لقد كانت مواقف حسن البنا السّاقطة إسلاميّا ووطنيّا وأخلاقيّا، ثم مواقف المرشدين من بعده(كانوا نسخا كربونية من مرشدهم)، كافية لدفع كل صاحب شرف ليس فقط الى البراءة من الرجل و فكرته بل و البراءة من الأديان عموما و في مقدمتها دين الإسلام، لولا ان اسلامنا العظيم يمثل حقيقة علمية و مفخرة حضارية و تاريخا نضاليا رائعا قام على ايدي رجال( صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدّلوا تبديلا) رجال لا تأخذهم في الحقّ لومة لائم، قد مثلوا في حياتهم النماذج الراقية في الشجاعة و الإستهانة بالظلمة و نصرة الحق و ان غلبت على تاريخه المظالم الأجتماعية والإستبداد السياسي بفعل تغوّل المؤسسة الملكية الجائرة بسبب بالونات هوائية تعيسة من أمثال المهرّج حسن البنا.
إنّ ما سأعرضه في هذا البحث، من مواقف تاريخية قديمة، قد صدرت عن حسـن البنا و مرشدي الإخوان، وإن كانت سترد في صور جامدة و باللون الأبيض والأسود، و إن كان سيعوزها عنصريّ الحركة والألوان الطبيعية، فان ذلك لا يفقدها أهميتها التاريخيّة التي تكمن في أنها كانت تؤسّس لإستراتيجية اخوانية فاجعة نعيش أحداثها اليوم وغدا، مواقف تصفعنا بها وسائل الإعلام بالصوت و الصورة، مواقف مشينة تعرض أمامنا بطريقة فضائحية، في شكل تحالفات أخوانية علمانية و تحالفات اخوانية امريكيةــ يهودية.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ـــــ إن كان في القلب اسلام و إيمان .

يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " لحوم العلماء مسمومة و عادة الله في حق هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وان من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب " جملة قالها بن عساكر و قد وضعت قصد إرهاب كل ناطق بالحق و منتقد لتجاوزات نعال السلاطـين من حاملي أســفار العلـم، و ترددها الرخويــات السلفية في كل مناسبة و هي ليست قرآنا . و لا تلزم أحدا من المسلمين...... فالعالم بشر يصيـب و يخطئ و نقده ليس نقدا للشريعة التي يتكلم باسمها. فلحم حسن البنا و القرضاوي في خيانتهما لله و رسوله و المؤمنين، ولحم مونيكا صاحبة كلنتن لديّ سواء ،الكل صالح للإستهلاك… و بتلك العقيدة القي الله أحكم الحاكمين يوم ابعث حياّ .
(2) أبو رغال عميل عربي كان دليل ابرهةاثناء توجه الأخير لهدم الكعبة المشرّفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال