الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيزوفرينيا السياسية لدى الاحزاب العراقية

هشام عقراوي

2005 / 1 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الاحزاب العراقية جمعاء تدعي الكثير و ترسم لنفسها و للعراق صورة مثالية، فيها الحزب و الوطن متناغمان بصورة هورمونية و بعلاقة عذرية. الحبيب فيها مستعد بالفداء للوطن و للشعب على حد سواء. وفي هذا يبذلون قصارى جهدهم من أجل أن يدعوا الى اية درجة يحبون هذا الوطن و الشعب.
فيقال لا فرق بين كردي و عربي و الكل متساوون. ويقال بأننا عراقيون و الوطن فوق الجميع.و يقال أن الاحزاب ماهي الا وسائل لخدمة الشعب و الوطن.و يقال أن الذي يحاول تجزئة العراق هو ليس بعراقي على اقل تقدير، أن لم نقل بانهم خونة و مرتزقة ينبغي محاربتهم و بكل ما أوتي من قوة (مقولة للياور مع قناة العربية).و يقال بان العراقيين يحبون العراق الى درجة بأنهم لا يريدون حتى بتر الاجزاء المريضة منه (مقولة للقوميين المتطرفين حول كردستان و الكرد). ويقال بان الجميع يجب أن يكونوا في خدمة العراق.و يقال بأن الطائفية لا تتعارض مع الوطنية و العراقية وأن كفة العراقية تعلو كثيرا على كفة المصالح الذاتية. و يقال و يقال.....
كل هذا كلام جميل ينبغي ان يكتب على لوحات ذهبية و يعلق على جدار بغداد و في كل بيت و مدرسة، أن كان فعلا ما يقال يطبق أيضا على ارض الواقع. و لكن و مع الاسف كل هذا كلام جميل يراد به فعل قبيح.
فالاحزاب العراقية، عراقية فقط عندما لا تتعارض عراقيتهم مع المصالح الذاتية و الطائفية. و عندما يصل الامر الى الطائفة و القومية، لا يبقى العراق عراقا و يتحول الطرف المقابل الى خونة و جواسيس و عملاء ينبغي ابادتهم و ليس التعامل معهم كأناس يفكرون بطريقة مختلفة و يرون العراق بمنظار أخر.
هذا الكلام و هذه الصراحة تغضب الكثيرين و تجعلهم لا يصدقون هذه الحقيقة. هذه الحقيقة التي يجب ان تواجة به كل الاحزاب و الاطراف العراقية كي يفيقوا من أوهامهم و يدركوا بأن الوطن الذي يحبونة و يقدسونة في خطر. وأن الشعب الذي يدعون بالاخوة و التراحم معهم يقتل و يذبح و يسحل على ايديهم و هم يتحالفون مع الجميع من أجل قتل هذا الشعب. ويحضرون الجيوش و المرتزقة و الاسلحة الفتاكة من أجل أن يقتل الاطفال و ذووا الاطفال بهذه القنابل و الجيوش.
أذن اين الحب الذي يدعونه و اين العراقية التي يقولونها.
استغرب سياسة الاحزاب العراقية وسياسة الذين يساعدون هذه الاحزاب و يطبلون باسم حب العراق و هم في الحقيقة ليسوا سوى بمشجعين، يصفقون لهذا الطرف كي يقتل الشعب العراقي او ذلك الطرف كي يقتل عراقيا اخر،و يعتقد بأنه على صواب و قد يهذي و يدعي بأنه المهدي المنتظر.
مهزلة الاحزاب العراقية تتبين و تتضح عندما يصل الامر الى المعطيات و الاستحقاقات الطائفية و القومية. و هذه الانتخابات و الحملات الانتخابية ليست الا بميدان لكشف زيف هذه الاحزاب و بطلان أدعاءاتها حول حب العراق و الشعب العراقي. هذه الاحزاب لا تتحرك و لم تتكون الا لحماية مصالح منتميها وفي أحسن الحالات مصالح طوائفها و فئاتها. أما العراق و الشعب العراقيون فهم أخر من يستفيدون من عملهم. ما يؤيد هذا الكلام هو أبتعاد الكثير من الاحزاب من كشف هذه الحقيقة و السبب الوحيد هو ان أغلبية هذه الاحزاب لا تمثل العراق و لا تخدم العراق و برامجهم الانتخابية هي ليست الا بدعاية رخيصة من أجل ايهام الشعب و الحصول على أصوات أكثر عن طريق التحايل.
لندخل في صلب الموضوع و نكشف بعض الاحزاب العراقية على حقيقتها. كما اسلفنا فجميع الاحزاب العراقية تدعي الوطنية و عدم التمييز و التفرقة بين افراد الشعب. فالاحزاب العربية الشيعية تقول أن الشيعة هم عراقيون اولا، و الاحزاب السنية تدعي أن السنة العرب هم ايضا عراقيون أصلاء بل حماة العراق، و الاحزاب الكردية تدعي أن الكرد هم عراقيون الى درجة أنهم مستعدون للتنازل عن مدنهم و سلطتهم من أجل أن يبقى العراق موحدا، أما التركمان فهم تنازلوا عن الجميع من أجل العراق، و الاشوريون و الكلدان و الاخرون فهم الذين بنوا العراق و هم أحفاد سومر و أكد و أشور.
عندما نسمع هذا الكلام و نقرأه يتبادر الى الذهن أن هؤلاء سيصبحون شعب الله المختار و أم محمد المهدي سيظهر فعلا بينهم. ولكن أين هذا الكلام من الحقيقة المرة التي يتهرب الجيمع سماعها و معرفتها و الاقرار بها.
ففي الواقع الاحزاب العراقية كلها باستثناء عدد قليل منهم، لا يقبلون العراقية. خاصة تلك الاحزاب التي سمت قوائمها الانتخابية بالعراقية. يبدوا انهم يريدون الاتجار حتى باسم العراق. فكلما أعلنت قائمة أنتخابية، تعرضت الى الفحص الدقيق و الى التحليل العميق من اجل كشف نسبة القوميات و التوزيع الطائفي فيها. و الكثير من الاحزاب حاولوا وضع كل القوميات و الاقليات و الاثنيات وحتى الاديان في قوائمها من اجل أن تتخلص من هذا الانتقاد و من هذا الفحص الطائفي و القومي و الديني.
و الويل كل الويل من قائمة تخلوا من قومية أو من طائفة، ستتحول مباشرة الى قائمة طائفية. بعض الاطراف من أجل أن تتستر على طائفيتها أقحمت و لو شكليا اسماء لقوميات و أديان و طوائف في قوائمهم الانتخابية.
هنا لا أود التركيز على هذه الاحزاب لأن الخطأ يقع عند الشعب الشعوب العراقية أيضا، و الا لماذا تشترط الاحزاب العراقية هذا النوع من القوائم على بعضها. فلو كنا عراقيين و لا فرق بيننا، عندها لا يهمني أن كان الذي سيمثلني كرديا أو عربيا أو تركمانيا أو مسيحيا، المهم أن يكون عراقيا منتخبا بصورة ديقراطية.
القائمة الكردستانية كمثال كانت أحدى القوائم التي حاولت عدم الخوض في هذا التقسيم. ولكن لم تمضي ايام الا و خرج الذين يدعون العراقية و الاخلاص وأ تهموها بعدم النزاهة و قالوا بانها لا تحتوي على شخصيات عربية و لا كردية فيلية. هؤلاء من شدة كرههم للكرد و بالتالي لجزء من العراق كما يدعون، لم يتمعنوا في القائمة و تسرعوا في قرارهم. و نسوا أن في القائمة أكثر من 9 اكراد فيليين و عدد لا باس بة من العرب و على راسهم الدكتور منذر الفضل.
قائمة الائتلاف العراقي حاولت المستحيل من اجل أن تضع بعض الاسماء الكردية الفيلية و المسيحية و السنية في قائمتها، من أجل أن تقول أنها تمثل العراق. السبب الوحيد لهذا الجهد و اللهفة هي الطائفية التي ينطلق منهاالجميع في نظرهم للعراق، و كأن القائمة الشيعية لو لم تضم بعض الاسماء الكردية أو السنية فأنها سوف لن تستطيع تمثيل العراقيين.
عدد من الاحزاب الصغيرة نظرا لصغرها و لتمثليها الطائفي و القومي و الديني المباشر فلم تتعب نفسها بهذا الشئ و أعلنت قوائم لا تضم سوى أفراد هذه الطوائف و يقولون بأن هؤلاء سيمثلون طائفتهم و لا يأتمنون أو يرضون بأن يمثلهم عراقي أخر. هذه أيضا طائفية و لكن بصيغة تحتلف عن الاحزاب الكبيرة بعض الشئ.
أذن لدى العراقيين و مع الاسف، الشيعي يمثل فقط الشيعة و لا يستطيع أن يمثل السني، و السني هو الذي يمثل السنة و الكردي يمثل الكرد و هكذا...
كي أكون عراقيا كما يقولون و يدعون، يجب القفز على هذه الاعتبارات. هذا العمل هو من أهم واجبات الاحزاب الوطنية. طبعا هنا يجب ان لا يسئ الفهم و يخلط بين الطائفية المقيتة و الطائفية كهوية و أنتماء وتنوع. فالشيعي و السني و الكردي عندما يتباهون بأنتماءاتم الطائفية و القومية لا يعني بأنهم ليسوا بعراقيين أو أن نشكك بذلك في عراقيتهم. بالعكس من ذلك يجب ان نكون مستعدين أن نستمع للشيعي عندما يغني بالاهوار و بأمجاد الحسين و مع الكردي عنمدما يدبك و يغني بجالة و أمجادة وهكذا للجميع، و لكن ما أقصده هو فرض و حصر الطائفية و جعلها مقياسا للحقوق و الاستحقاقات مرة و تحويلها الى نقطة للهجوم على الطوائف و القوميات مرة أخرى.
مع الاسف تعتبر الكثير من الاحزاب العراقية الامتيازات التي ستحصل عليها طائفتة أو قوميتة في العراق الجديد أو في القوائم الانتخابية كمعيار لتقبل العراق أو التصويت لهذه القائمة او تلك.
هذه شيوفرينيا سياسية و أزدواجية مقصودة في المعايير. فالكل عراقييون الى حد الوصول الى مصالحهم الطائفية، و تقييماتهم و قراراتهم تأتي من أعتبارات طائفية. فنرى حزبا يخرج من قائمة معينة لأنها لم تعطي قوميتة أو طائفتة هذا العدد من المقاعد. و نرى هذه القائمة تمتنع أعطاء مقاعد الى قوميتة معينة ويقولون لهم بان نسبتهم في العراق قليلة. فلا يجوز أن ترتفع نسبة المسحيين مثلا في قائمة عراقية من نسبتهم الاجمالية في العراق، و السبب معروف.
لو كنا عراقيين فعلا لما وضعت هكذا عراقيل في التوزيعات الانتخابية.
أعرف بان هذا الكلام مر و لكنها مع الاسف هي الحقيقة و لا يمكننا خداغ أنفسنا و يعيش الجميع في وهم و نخدع بعضنا البعض من اجل طوائفنا و قومياتنا. هذه هي الحقيقة شاء من شاء و ابى من ابى و لنكن جريئين كي نصحح الوضع لا أن نرقص على ذقون بعضنا البعض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر