الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الطائفية السياسية

ابراهيم زهوري

2012 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


منذ العصور القديمة ارتبطت حالة العلاقات بين الطوائف والمذاهب ضمن النظام السياسي الواحد بحالة العلاقات بين الامبراطوريات والملكيات الساعية الى الهيمنة على المناطق الاستراتيجية جغرافيا والحساسة سياسيا في منطقتنا , وأن منطقة الشرق الأوسط وخاصة منطقة ما يعرف بالهلال الخصيب لها تقاليد عريقة في الحفاظ على التعددية الدينية والمذهبية , غير أن هذه التقاليد تعرضت الى هزات عنيفة كلما اشتدت الخلافات بين الامبراطوريات والملكيات المتنافسة , وقد استعملت الطوائف والمذاهب الدينية على مر العصور لأغراض سياسية , سواء لكسب الأنصار أو زعزعة الاستقرار الاجتماعي تحضيرا لهجمات أو لفتوحات , ولم تتردد الدول الأوروبية في هجمتها على الامبراطورية العثمانية الآخذة في الانحطاط والاضمحلال منذ القرن السابع عشر , في استعمال العصبيات الدينية والمذهبية لخلق القلاقل الداخلية لمملكة بني عثمان وايجاد ذرائع للتدخل في شؤوونها ( حالة العراق حاليا ) , وذلك رغم اندثار العنصر الديني والمذهبي في تسيير شؤون الحكم لدى تلك الدول , خاصة بعد انتصار فلسفة الأنوار على الايديولوجيات الدينية- السياسية وتأثير عقيدة الثورة الفرنسية العلمانية على أوروبا بأجمعها . فبدلا من أن يأخذ الصراع بين الأمم الأوروبية والسلطنة العثمانية بعدا تحديثياحقيقيا كما كانت الحال مثلا بالنسبة الى حروب بونابرت في أوروبا وروسيا , فان الشعارات المرفوعة كانت في غالبيتها شعارات دينية ومذهبية سافرة تدعي حماية الاقليات كما هو معروف , وقد بلغت النظرة الطائفية ذروتها بالنسبة الى وضع الشرق الاوسط عندما شجعت بريطانيا الحركة الصهيونية على المطالبة بأرض فلسطين لاتباع الدين اليهودي اينما وجدوا في العالم , وفي الوقت عينه شجعت أيضا ولنفس الأسباب والغايات التي ذكرناها آنفا المسلمين من الهنود في الانفصال عن الهند الدولة الأم وبناء كيان قومي ( باكستاني ) على أسس دينية واضحة , ان الدول الاوروبية كانت تطالب السلطنة العثمانية بتحقيق المساواة التامة بين رعاياها المسلمين والمسيحيين , غير أنها في الوقت نفسه كانت ترفض أن تمس الامتيازات التي كانت تحظى بها الطوائف ( نصرانية أو يهودية ) عملا بنظام الملل ونظام الحمايات في المدن , وما نشاهده اليوم من صراع ( توافقي ) على اقتسام كعكة السلطة ما هو حقيقة الا ارثنا الرسمي الواضح لنتائج العلاقة الملتبسة التي نشأت في تلك اللحظة التاريخية بين المستبد الداخلي الذي يتداعى وينهار والطامح - الطامع الخارجي الذي يرسم الخرائط ويقسم الشعوب بغية الهيمنة والنهب والاستبداد , ومن المعروف أيضا أن السلطات الناقصة للشرعية هي التي تحتاج الى العامل الديني لترميم أوضاعها أو للتغطية على ماتقوم به من أعمال مخالفة لمفاهيم العدالة والمساواة بين أفراد الشعب , والنظام الطائفي في جوهره , وخاصة في الدول الصغيرة , ليس الا نظام تعايش "صهيونيات كامنة " يمكن ان يؤدي دوما الى حروب طائفية , حينها لن تنفع حبائل اللغة الكثيرة في التغطية على الفشل البنيوي لعجز تخلفنا وأخفاقنا الحضاري من القول صراحة أن هذا هو ما جناه علي أبي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقوى تعليقات على كابلز وفيديو كليبات مع بدر صالح ????


.. خوارزميات الخداع | #وثائقيات_سكاي




.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته