الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن المشجع

ساطع راجي

2012 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يسجل المواطن العراقي الغياب الاكبر في الازمات العراقية المتناسلة حيث يغيب عن حلقة الاهتمام السياسي شكلا ومضمونا، رغم إن هذا المواطن هو الاساس وفقا للنظام الديمقراطي الذي يفترض إنه يحكم البلاد، فلا المواطن يؤثر على مجرى الاحداث بعد ساعة الانتخابات ولا هو قادر على اسماع همومه ومشاكله والضغط على من أخذوا منه صوته في الانتخابات ولا القوى السياسية أو زعماؤها تهتم بهذا المواطن ورأيه ومشاكله.
الازمات العراقية هي أزمات ساسة وزعماء، عدد محدود من الاشخاص يتنازعون على المواقع وفي حمى التنازع ينصبون لبعضهم البعض الفخاخ ويحيكون المكائد فيعلو الصراخ ويخمد من وقت لاخر، يتم انتاج تسويات أو عقد هدنة، ثم تبدأ خلافات جديدة، والنتيجة إن العملية السياسية صارت تسير لحل مشاكل الزعماء وليست لحل مشاكل المواطنين الذين يلتزمون الصمت أو يدمنون الشكوى، فكيف وصلنا الى هذا الحال؟.
الساسة غير مهتمين بمشاكل المواطنين بعدما إقتنع هؤلاء بدور المشجع لا الفاعل السياسي، والمقصود بالمشجع هو ذلك الانسان الذي يختار فريقا كرويا لاسباب غير محددة ولا يستطيع هذا المشجع وضع قائمة واقعية بالدوافع التي استجاب لها عندما اختار فريقا معينا ليمنحه ولاءه ومشاعره ووقته وربما ماله أيضا، ولا يمكن لهذا المشجع في الاعم الاغلب مراجعة قراره وتغيير ولاءه أو موقفه فهو محكوم بقوة لا يدركها تسيطر عليه فيفقد حريته دون علمه ولذلك يبقى متمسكا بالفريق الذي يشجعه حتى عندما تتغير كل معالم الفريق التي جذبته في البداية ويظل مرتبطا بها حتى عندما تتوالى خسارات فريقه وفضائحه.
المواطن العراقي سيطرت عليه ذهنية المشجع المرتبط لا إراديا بفريق ما حتى وان كان هذا الفريق هو حزب سياسي أو كتلة ترفع عددا من الشعارات التي تبتعد عنها يوما بعد آخر وتتبنى قائمة من الاهداف التي لاتعمل ولا تفكر حتى بتنفيذها رغم ان هذه الكتلة في السلطة وتبقى فيها لسنوات، المواطن يريد فريقا ليشجعه وحتى لو تحدث عن رغبته في قادة وساسة ينفذون ما يقولون ويعملون أكثر مما يتحدثون فأنه في نفس الوقت يتعصب لفريقه الذي خيب ظنه مرارا وتكرارا.
المشجع يفرح بفوز فريقه ويحزن لخسارته رغم إن الفوز عمليا لا ينفعه والخسارة لا تضره، والمشجع ينتقد فريقه ويظلمه وقد يشتمه ويضربه لكنها يبقى مواليا له ويلتزم بتشجيعه في مباراة تلو الاخرى، وهو حال المواطن العراقي عندما ينتخب أو حتى عندما يتجادل سياسيا فتجده متعصبا لفريقه السياسي رغم معرفته بفشل هذا الفريق وربما حتى خيانته للناخب وأن لا أمل فيه، وهذا ما أدركه الساسة في قواعدهم الشعبية وإكتشفوا إنها نقطة الضعف الكبيرة التي تعفيهم عن السعي للقيام بواجباتهم تجاه الوطن والمواطنين.
ذهنية المشجع التي تسيطر على المواطن في الفعل والموقف والرأي السياسي هي نتيجة لسيطرة العاطفية على التفكير والابتعاد عن التفكير العملي والعلمي وهي نتاج للعبث السياسي المتعمد بمخاوف وعواطف المواطنين التي تضعهم أمام إعتبارات اخلاقية وعاطفية في حين يخضع السياسي والزعيم جميع تصرفاته لحسابات نفعية فجة لا مجال فيها للعواطف والاخلاق والمشاعر، فكل شيء قابل للمساومة والبيع والشراء في سوقنا السياسية المشرعة على القتل والسرقة والتزوير والخيانات.
لن تتقدم قضايا المواطن على مشاكل وطموحات ومطامع السياسي مادامت ذهنية المشجع تسيطر على العراقي بفعل عصبيات طائفية وعرقية وحزبية يغذيها الساسة بحرفية واتقان، ويبدو إن الطريق الى تجاوز ذهنية المشجع هو طريق طويل ما دامت شهوة التشجيع تدفع العراقي أحيانا لتشجيع أحزاب وزعماء في دول أخرى كما يشجع لاعبين واندية في قارات أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟