الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيمة تضاريس,أشعار مبعثرة وحمّام نبع المنحدر

ابراهيم زهوري

2012 / 4 / 7
الادب والفن


خيمة تضاريس,أشعار مبعثرة
وحمّام نبع المنحدر
ابراهيم زهوري
ليس من قبيل المبالغة اعتباري كل مكان أزوره هو وطني الذي كنت أتمنى أن أولد وأترعرع فيه و أنا الذي كنت من يوم مولدي مهجوسا بفكرة المنفى وإطلالة العيش المؤقت على معسكر الأشبال عند طرف السهل , نعم أسرتني نافورة فتنتها كل الأمكنة , هكذا كان شعوري عندما زرت بلدة مصياف جنديا رغم أنفه و غير مرغوب فيه , وحدهم أبناء المخيمات فقط على ظهرهم العاري يستلقون في أسرتهم جبل هموم لا ينهزم , يقرأون في ضجر الظهيرة " النمور في اليوم العاشر " ويفتحون طاقة في الجدار الطويل تحمل وتحتمل عبور أجسادنا النحيلة و نحو البحر يهرعون في نضج اكتمال الثمالة و انفراط عناقيد الجنون , في البلدة كان لي فيها أصدقاء ينشدون غنى الحياة في غنى الطبيعة برونق بساطتها ويهربون كيفما اتفق من غول الجوع ,اضطهاد الفقر وقبح ملامحه ويحرقون بشرور أسبابه كل أسباب الشرائع و تلابيبها,و هكذا من قبل في سنواتي الجامعية الأولى عندما تعرفت على شلة من شباب بلدة بنش الأدلبية , الذين كانوا منذ ذلك الوقت يغمرهم رغبة التفرد في إطلاق تسمية المستقلة تماما بعد ذكر اسم بلدتهم التي يشقها الطريق المؤدي إلى المدينة إلى نصفين متعادلين , منهم من سكن دمشق واستفاد من مزايا ثقافته ومن فوائد وظيفة الشهادة الجامعية ومنهم من استوطن كرم زيتون أبيه وربى اللحى الطويلة إلا صديقي العذب المعذب هرب من يتمه المؤبد وترك مقاعد الدراسة,كان ناصري الهوى اشتراكيا , عرفني على مؤلفات عصمت سيف الدولة واستشهد في الجنوب اثر عملية عسكرية ضمن مجموعة فدائية فلسطينية , وهكذا كانت محبتي للناس في القرية البدوية مهبط الوظيفة الرسمية الأولى , أوسّع فضاءاتها كلما اتسع الثوب الأخضر واحتضن نهوض صدر البادية وكلما أينع ورد السهوب الأصفر ونقش امتداد النظر ببقع ألوان الله على شظف عيش البشر , عرفت كيف أكون عضوا سالما مطيعا من عبدة وعباد الإله بعل قرب موطئ هلاك النهر , لا نزوره في قيظ ولا نقدم له النذور إن غمرنا ماؤه في لحظة بناء سد ومحاولة حبس ماء بخيل تردد في المجيء وبقي خلف الحدود يقتنص سحابة ثلج منتظر , وهكذا كان عندما عرفت اتضاح حقيقة نفسي في ضخامة اتساع وجه القدر , وكم كان حجمي ضئيلا ضئيلا كلما أمعنت ليلا إلى وضوح شبابيك القمر وكلما صعدت في الخطى وحدي إلى الأعلى عائدا من رحلة تلوث الزحمة واكتظاظ الناس غيظا بين أربعة جدران وكلما نزعت عن أكتافي الرتبة العسكرية وهرعت نحو القمة حينا لأرى أضواء مدينتي السليبة في مساء يحتضر ونحو الوادي الفسيح حينا,نحو شجرة الكستناء حيث شاركت طعام ذلك العجوز في استراحته مرحبا وسؤاله عن منعطفات التاريخ البعيد والقريب وعن إخوان الصفا وخلان الوفا وعن آخر كتاب رافقني وعن أحوال آخر صديق , هكذا حسمت أمري أتنقل على طول الجبهة وعرضها أجمع تواقيع التسريح في براءة الذمة وأنقشها مستقبلا ومودعا كل هدوء القرى وصمت الوديان وغرة القمم , تفاح السفح وغزل أشعة الشمس , تعاريج الثلج كومة ظل يبتسم لشبح طارئ ويختفي , ثلاثة كلمات من اسمي على ساعد البندقية بكت و قلبي مع نار الكرز على حضن حجري اشتكى , دكان "بوقعسم "* الوحيد غنى على جانبي الصبر مواله وأثمر في الوداع عنبر النشيد , الوداع يا جبل الشيخ ,في جعبة ظهرية أحزم كل ذلك في يوم ما كان وفي سنة ما كانت في جنوب الجنوب,وأهلا للمرة المليون في شمال الشمال يا مدخل المخيم .
* بوقعسم : قرية صغيرة على سفح جبل الشيخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص


.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود




.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا


.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب




.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع