الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمييز بين الجهادية والكفاحية هامش تمييز الوسطية الدينية

خالد عبد القادر احمد

2012 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



مما لا شك فيه انه يجب ابداء الاعجاب والاقرار لقوى الاسلام السياسي _ بكفاحية _ عالية المستوى ابدتها تاريخيا في معترك الصراع المجتمعي الديموقراطي, ومحاولتها الاسهام في ترقية منسوب ووتائر الترقي الحضاري, من خلال نقدها ومعارضتها في كافة المجتمعات المتواجدة بها, لاخطاء ادارة الدولة للشان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والروحاني للمجتمع وتمثيله امام دول القوميات الاخرى,
غير ان عليها في مقابل اقرارنا بدورها الايجابي التاريخي هذا, ان تتقبل ايضا نقدنا لاخطائها, والاقرار بها ونقد ذاتها نقدا علنيا بعيدا عن التمترس السياسي الذي يشكك بسلامة طوية نهجها واهدافها, وحتى تتيح لنا تقبلها كشريك في ادارة ديموقراطية سياسية للشان المجتمعي العام.
ان تاريخ من الجمود العقائدي ساد علاقة المتدين الاسلامي السياسي بمجتمعه, تبدت ملامحها في منهجية التمترس خلف العقائدية شكلا وموضوعا ورفض العلمانية كاطار لعلاقات تكافؤ المواطنة, كانت ولا يزال يقف حائلا دون رفع مستوى التقبل الاجتماعي لوصول هذه القوى لموقع القرار المركزي. وقد فاقم الاحساس الاجتماعي بهذا الشك بطهوريتهم العقائدية كثير من تناقضات مواقفهم ومنهجيتهم السياسية واخطاءهم الفردية, واستعدادهم لتكييف الافتاء الديني بمقتضى الحاجة السياسية, وعلى وجه الخصوص منهجية ادعاء ان كفاحيتهم هي جهادية دينية, وخلطهم المتعمد بين الجهادية والكفاحية حيث قدموا الكفاحية على انها جهادية في الصراع المجتمعي الداخلي, مبدين استعدادهم لتشريع سفك الدم واللجوء للعنف الجهادي في مكان الكلمة والقلم في محاولتهم اخضاع المجتمع لتصورهم الديني الخاص ولما يجب ان تكون عليه تبعا لذلك صورة الحياة المجتمعية, عوضا عن اعتماد الكفاحية الديموقراطية ووسيلتها المعرفية.
اننا هنا لا نحاول ان نلعب على اللفظ اللغوي في سياق العمل على التمييز بين الجهادية والكفاحية, لان هذه الالفاظ تنطلق من مصادر واسس موضوعية ومعرفية مستقلة متباينة, حيث الجهادية مقولة دينية تتعلق بالانتصار لاهداف معرفية تتعلق بالله والدين, ولا علاقة لها بالوطن والمواطنة في حين ان الكفاحية تتعلق بتكافؤ واحترام المواطنة على الصعيد الديموقراطي المحلي والعمل على التمثيل العام للمجتمع القومي امام القوميات الاخرى وحفظ وصيانة حقوقها, وحفظ السيادة الوطنية والعمل على ازالة العقبات من مسار التطور الحضاري. اي الجمع الخلاق لمجموع القوة المجتمعية القومية في مواجهة التحديات ومحاولات الاختراق الخارجية,
فيجب ان لا ننسى ان جوهر المقولة الدينية تمحور حول انها مقولة اخلاقية تدعو للخير, وتصلح كمظلة احلاقية للعلاقات في اي مجتمع وفي اي نظام اقتصادي وهذا لا خلاف عليه, الا في حال اصبحت المقولة الدينية مظلة لسياسة التمييز والعنصرية والفوقية العرقية والقومية, فتتحول حينها الى مقولة استعمارية شريرة كما يحصل الان في تظليل المقولة الدينية اليهودية للسياسة الاستعمارية الصهيونية في فلسطين, او كما حدث تاريخيا في الحروب الصليبية او في عملها على الغاء استقلالية الشخصية القومية للمجتمعات كالغاء استقلال الهوية القومية الفلسطينية تحت ادعاء مقولة فلسطين ارض وقف اسلامي والمجتمع الفلسطيني فرع لا يتجزأ من شجرة العرق العربي, حيث تفقد حينها فلسطين صفة الوطن, ويفقد الفلسطيني استقلال هوية مواطنته الفلسطينية ويصبح تراثا من حالة احتلال عربية اسلامية تاريخية مرت على فلسطين كما تدعي الصهيونية.
ان خطورة هذا المعتقد والطرح تتعدى حوار الصالونات وتدخل في اطار تقرير المصير, فهي في تاريخ الكفاح الفلسطيني من اجل التحرر قبل وبعد هزيمة 1948م تجسدت في افتقاد استقلالية القرار الوطني الفلسطيني, لصالح القرار الاقليمي, كما انها تجسدت في ان القيادة الفلسطينية بخضوعها لهذا المعتقد باتت ولا تزال _ مندوبا ساميا اقليميا _ على فلسطين اكثر منها ممثلا لشرعيته القومية وحقه في الاستقلال وحرية تقرير المصير, وهي معتقدات خدرت فعلا فاعلية المنظور الفلسطيني في استقراء حقائق الواقع التاريخية والحديثة, وخدرت عقلانيته في ضرورة الاستقلال في نهج وطني خاص ورهنت الفلسطينيين مجتمعا وقيادة لحالة البيئة السياسية الاقليمية, فتعمق الانقسام المجتمعي بين الطوائف الدينية بانقسام سياسي وحضاري عكس الانقسام السياسي الحضاري الاقليمي وانقسام فصائلي مرتكزه افتقاد الاحساس بمركزية المصلحة والوعي القومي واستقلاليته كمانع لجنوح الخيار الفكري,
لقد بات عدم التمييز الفكري بين الجهادية والكفاحية مرضا ايديولوجيا قاتلا يجب العمل على الاستشفاء منه, وهو واجب يقع على العقلانية الدينية ان تسهم في مكافحته, عوضا عن هذه _ الجهادية الحادة _ التي تبديها وتبذلها ضد ايديولوجيا وقوى اليسار والليبرالية في المجتمع, وعوضا عن ان تصبح العوبة في يد اللذين يقع عليها فعلا واجب الجهاد ضدهم. كما تفعل الان في مواقع الانتفاض الاقليمية فنراها تنال رضا مراكز الاستعمار وتشجيعه دون ان تسال نفسها عن معنى تاييده واسناده لها؟ وهو الذي الصق بها بالامس تهمة الارهاب وغزا وهدم دولة طالبان الاسلامية في افغانستان, وهو ضامن بقاء واستمرار وامن وتفوق الكيان الصهيوني وشعاره من الفرات الى النيل.
ان هامش التمييز بين الجهادية الدينية والكفاحية الوطنية هو بالضبط الهامش الذي يمكن ان تتجسد به وسطية المعتقد الديني واخلاقيته, وهو الهامش الذي على العقلانية الدينية ان تتجسد فيه, والا فما فائدة سلطة وحكم ديني تذله حالة تبعية للاستعمار,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة