الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن صيغة الديموقراطية التوافقية في النظام اللبناني

جمال القرى

2012 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ان غالبية الصيغ الاساسية العديدة والمعتمدة في النظام السياسي اللبناني، تحمل تناقضاً بين شكلها ومضمونها، ولكن وجودها يُعتبر ضرورياً لتأمين استمرار وتأبيد هذا النظام وإعادة بناء تكوينه كما هو بعد كل تسوية تنجم عن ازمة أو حرب. وهذه الصيغ اللازمة لوجوده هي نفسها التي شكلت وتشكل، اسباب ازماته وحروبه.
لنأخذ مثلا "الصيغة التوافقية"، او ما يسمى ب"الديموقراطية الطائفية" او "الديموقراطية التوافقية"، بما هي صيغة اساسية في بنية النظام اللبناني والتي تعطل عمل الدولة بتعطّلها، وباستمرارها تدوم وتنعم.
فهذه الصيغة تقوم على ضرورة وجود عناصر ضرورية هي الوعي الطائفي، التوازن، حق استعمال " الفيتو"، والديموقراطية الطائفية.
1-ان الوعي الطائفي ضروري لوجود هكذا دولة، وهي لا تتجدّد الا بتجدده.. فاذا استحال هذا الوعي وعيا وطنيا تعطلت الدولة بما هي دولة طائفية ولذا، فهي تعمد الى تشجيع الفكر والفعل الطائفيين من أجل المحافظة على الذات..
2-اما التوازن فلم ينعكس في تاريخ لبنان لا مساواة ولا مشاركة بين الأقليات الطائفية ( الكيانات السياسية), بل على العكس من ذلك، فقد كان دوما وهميا لانه امّن هيمنة اقلية واحدة او اثنتين على باقي الأقليات في ادارة شؤون الدولة التي بهذه الهيمنة تصبح دولة مركزية قادرة على حفظ هذا التوازن الاستتباعي الوهمي، وهذا ما جرى بعد الاستقلال عندما استفردت المارونية السياسية وبدرجة اقّل- السنّية السياسية- بحكم الدولة، وبادارة معظم مرافقها الاساسية على حساب باقي الأقليات، وذلك بتشريع ودعم فرنسيين. هذا الواقع تكرر في دولة ما بعد الطائف مع تبدّل الأدوار تبعا لتبدل الوصايات، فالوصاية السورية أمّنت هذا التوازن الهيمني للشيعية السياسية. ويخشى ان يتكرر ذلك ايضا بعد اي تسوية قادمة لحل اي أزمة اخرى قادمة، فتحل طائفية سياسية جديدة مكان التي سبقتها.
3-في حين ان حق استعمال " الفيتو" الذي هو حصرا حق الأقلية المهيمنة في هذا التوازن (لأن النظام نظام اقلّي)، فهي باستعمالها هذا الحق في مواجهة قرار الأكثرية (المؤلفة من عدة اقليات، ما كانت لتتكون لو لم تستشعر وجود أقلية مهيمنة) تتعطل الدولة، واذا ما استعملت هذه الأكثرية حق النقض في مواجهة قرار الأقلية، فهي تنتج عندها الغاء حق الأقلية المهيمنة في المشاركة، وهذا منافٍ للتوافق، وتتعطل حينها الدولة ايضا وتدخل في أزمة. وهذا ما نشهده على الدوام وفي شكل شبه يومي، كائن من كان على رأس كل السلطات، مع ما يستتبعه ذلك من استنفار لقواها الطائفية والمذهبية ان في المواقف وان في الشوارع وان في الاتهامات المتبادلة... مما يزيد الأزمات حدّة.
4-أما الديموقراطية الطائفية، فهي ليست الديموقراطية الفعلية، لأنها ليست سوى ديموقراطية الأقلية التي تنتج بالتالي ديموقراطية عنصرية ( هذه النوع من الديموقراطية لا يوجد الا في لبنان).

يتبين ان واقع هذه الدولة يقضي اذن، بضرورة تغيير الّسّمة الاساسية لنظامها، نظامها السياسي الطائفي، واستبدال صيغة "الديموقراطية الطائفية" بديموقراطية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية التكوين الاجتماعي اللبناني وضرورة المحافظة على تنوّعه الثقافي. وهذا التغيير ليس بالامر اليسير، لأنه لن يتم الا عبر سيرورة تاريخية طويلة تتميز باشكال متعددة من النضالات الشعبية الديموقراطية، قامت وتقوم بها قوى سياسية مستقلة، تنشط وتعبّر عن وجودها السياسي من خلال احزاب وتيارات وحركات ومنظمّات مدنية، وتّتخذ اشكالاً وافكاراً مختلفة باختلاف الظروف التي فيها تنشأ، وتتكامل مع بعضها لتصب في اصلاح سياسي حقيقي لبنته الاولى اصلاح قانون الانتخاب. مع الأخذ بعين الاعتبار ان كل القوى المنضوية في السلطة، اي زعماء كل الأقليّات مجتمعين، سوف يكون دفاعهم شرساً مكتسباتهم، وعن شكل هذا النظام الذي يؤمن لهم السيطرة على اقاليمهم واماراتهم، وافراد طوائفهم ومذاهبهم وقبائلهم. وليس ابلغ من ذلك سوى ردود فعلهم وتصريحاتهم مؤخّراً حول قانون الانتخاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو