الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء

ابراهيم زهوري

2012 / 4 / 8
الادب والفن


أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء
إبراهيم زهوري
- أما زلت تذهب إلى مقبرة الشهداء وتسقي الورد يا أبو البر !؟
- لم تعد فضاء مفتوحا لممارسة طقس الشوق في حضرة الغياب .
أجبته مبتسما رغم حذري الشديد في زيادة كمية الكلام المباح عنوة على قارعة الطريق , إنه هو ذاته بطوله الفارع كشجرة حو ر ’مسّنة على شاطئ بحيرة طبرية تراقص ريح إكسير الشباب وتفتح صندوق الأسرار, يرميني بصيحاته المرحبة وكيف لا ونحن الإثنين في وقت ما كنا رفيقين في منظمة فلسطينية واحدة يشاركنا اعتباطا اهتمامنا هوس رؤوس أقلام الأدب ومكر التاريخ في عيون البشر , أتهيأ دوما من بعد التحية لهجوم عفوية أحد أسئلته الفطرية في طريق عودتي من نهاية دوامي المدرسي حين أدفع أمامي عربة أطفالي وهم يلتفتون إلى الوراء صوب بيت جدتهم البعيد و إلى ما يستهوذ اهتمامهم الغض من خضم حركات مفاجئة لشارع ينشط كلما غزتنا الفوضى و حرارة اجتماعنا حين تعوزها حكمة الفطنة , وهو من رتابة التقدم في العمر يكسر ضجر بؤس أيامه بالجلوس ساعات طويلة أمام دكان ما يتبادل أطراف الحديث مع أحد أصدقاء الطفولة ويرتحل كلما مر طيف إنسان يعرفه ويلعن بعلو صوته خرابنا في اللجوء ويعلن أيضا الهلاك الأبدي لقرف التنظيمات , هو ذاته المعلم المتقاعد الذي هجرته زوجته الحلبية وتفرق أولاده بينهما , ليس لديه دارا تأويه منذ هجرانه بيته في متاهة السبعة زواريب الضيقة , في كل سنة غابرة وفي كل فصل أو حتى شهر في مكان ما لا على التعيين يقيم وكأنه على بساط سحري يجوب على متنه أرجاء المخيم وفي كل مرة يكتسب جيرانا جدد ويكتسب دون قصد منه أمتع الحكايات وأشدها فتنة وكأن فلسطين من البحر إلى النهر تتشكل فيه وتضفي عليه كرم الغنى رغم فقره المدقع وكأن عدم استقراره يعطيه أطنانا من السعادة التي إليها يرغب سر عشقه و إليها يرنو حنظل نشيده , يستأجر غرفة واحدة يعيش فيها وحيدا يقرأ ما تيسر وما توفر من الكتب القديمة ويحادث بالقصائد نفسه المكلومة على شاشة التلفاز , يستقبل فيها أحفاده ويصلح لهم أعطال دراجاتهم الهوائية كنوع من تسلية ظهيرة الواحد المتوحد, يحاول جاهدا أن يتناسى مرارة تلك اللحظة حيث لم ينفع معها أبلغ الشعر وجزالته ولم يذرف حينها ولا حتى دمعة واحدة , صلبا مشدودا لا تهزه عاصفة ولا تزحزه مصافحات المعزّين وقبلاتهم وهم يتناوبون في طابور طويل كل على حدة كسبيل وحيد للصبر والسلوان , مذهولة به الرايات وعناق الهتاف لصراخ المشيعين , يترك يديه تداعب ذؤابة العلم تربت على جبين من في داخل الكفن وكأنه يجري حوارا بعد انقطاع عشرين عاما مع جثمان إبنه الشهيد البكر العائد رغما عنه إلى لحد لم يرغب به ولم يشتهيه وهو الذي قضى في عملية جريئة ضمن مجموعة فدائية للجبهة الديمقراطية في أصبع الجليل وتنعّم مرارا طهر جسده بتراب فلسطين , لم يهمه أبدا حينها رقما على المكان الذي حرره ودفن فيه , سألني والحرقة تنسل بين شفتيه كشلال موسيقى و وضع يده على كتفي نبعثر خطواتنا البلهاء وراء الحشد نحو المغيب وكأنه يريد استفسارا معقولا لما يجري وهو الذي لا يثق أبدا ببهرجة الاحتفال و إن ارتفع في زحمة العوام واعتلى المنصة أرذل رعديد, قلت له ويهزني حزن عليه وحزن أشد على ما سوف أقول : متى يعود الجنود من الجبهة ؟ أجابني ودمعته على الخد : عندما تنتهي الحرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص


.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود




.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا


.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب




.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع