الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس الانتخابات

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2012 / 4 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أصرت الجماعة على الاستئثار بمقاعد اللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة الدستور ورفضت التنازل عن بعض المقاعد لمصلحة القوى السياسية الأخرى. واجتمعت اللجنة لاختيار رئيس يتولى إدارة الجلسات ووضع آلية عمل اللجنة. ورغم مرور عدة شهور على تشكيل مجلس البرلمان وانتخاب اللجنة التأسيسية إلا أن الخطوات الأولى لإعداد الدستور لم تبدأ بعد. الغريب أن الانتخابات الرئاسية بدأت قبل وضع الدستور الذى يحدد صلاحيات الرئيس ونائبه. لقد تقدم لخوض الانتخابات الرئاسية أكثر من عشرين مرشحا وقد رأت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية استبعاد العديد من المرشحين لعدم توافر شروط الترشح. فبعض المرشحين تم استبعادهم لعدم تمتعهم بالجنسية المصرية أو لحصول أحد الأبوين على جنسية أجنبية، كما تم استبعاد آخرين لدواعى قانونية حيث إن رد الاعتبار لا يتأتى إلا بقانون يصدره مجلس الشعب.

وفى المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية تكاتفت قوى وأجهزة عديدة لمساندة مرشح النظام. لقد بادرت بعض الجماعات والتكتلات السياسية بشراء الأصوات لصالح مرشح النظام السابق حيث تم دفع مبلغ 100 جنيه عن الصوت الواحد. وقد تلاحظ أن رجال الأعمال انقسموا إلى فريقين: فريق تولى إرسال موظفيهم إلى الأحياء الفقيرة لشراء الأصوات وفريق آخر قام بتوفير حافلات لحشد ونقل مرؤوسيهم إلى مقار الاقتراع. وبالفعل انتقلت الحافلات حاملة العمال والموظفين إلى مقار الاقتراع حيث قاموا بالتصويت حسب التعليمات. وفى الوقت نفسه قام مأمورو الأقسام بعقد اجتماعات دورية مع عمد ومشايخ القرى لحثهم على الوقوف على بذل المزيد من الجهد لتشجيع المواطنين على التصويت لصالح مرشح النظام. كما تم استدعاء موظفى المحليات المشاركين فى اللجان الانتخابية حيث وجه لهم المأمور تحذيرات شفهية مفادها أن مرشح النظام لابد أن ينجح بأية وسيلة. أما مليارديرات النظام فلم يترددوا فى ضخ الأموال التى تساعد فى إغراق البلاد بصور ولافتات المرشح.

الجدير بالذكر أن جهود هؤلاء تكللت بالنجاح حيث استطاع مرشح النظام أن يحصل على الأصوات الكافية التى تنقله إلى مرحلة الإعادة. كما استطاع ممثل التيار الاسلامى أن يحصل على أصوات تؤهله للبقاء فى حلبة المنافسة. لقد أصبح التنافس بين مرشح النظام ومرشح التيار الاسلامى على أشده. ففى صباح يوم الإعادة خصص رجال الأعمال كل مدخراتهم لإنجاح ممثل النظام. وانتشر جنود وضباط وموظفو النظام يجوبون القرى والنجوع داعين الأهالى لإنقاذ الثورة التى تتعرض للخطر وتذكير الناس أن ممثل التيار الاسلامى لو نجح فسوف يحدد إقامة النساء فى المنازل وسوف يفرض الجزية على المسيحيين وسوف تنتشر جماعات الأمر بالمعروف فى كل مكان يضربون هذا ويجلدون ذاك. لقد ظل فلول النظام يذكرون الأهالى بأساليب الخداع والمراوغة التى يجيدها الإخوان والأخوات حيث أطلقوا الوعود بأنهم حريصون على تمثيل كافة الطوائف فى الجمعية التأسيسية لكنهم لم يلتزموا أو يوفوا بوعودهم. وفى المقابل تحولت خطب الجمعة فى المساجد إلى مظاهرات تأييد لمرشح التيار لدرجة أن بعضهم أطلق شائعات مفادها أن من يتقاعس عن التصويت لصالح مرشح التيار الإسلامي لن يرى الجنة يوم القيامة بل سوف يزج فى أتون النار.

لقد بدأت عملية الفرز فى اللجان الفرعية بحيث يتولى رئيسها إبلاغ رئيس اللجنة الرئيسية بنتيجة الفرز وبقيت العيون مثبتة على شاشة التلفزيون والأيدى متشبثة بالصدور ترقبا للنتائج وبين الحين والآخر نستمع لبعض التجاوزات التى حدثت فى اللجان الانتخابية واستمر الترقب ليومين كاملين لم يذق فيها الناس طعم النوم وبعضهم لم يستطع تناول أى طعام. وبدأت بعض الأخبار تتسرب، منها أن مرشح التيار الإسلامى متقدم فى بعض المناطق مما يدخل السرور فى قلوبنا ثم تأتى أخبار أخرى مفادها أن مرشح النظام حصل على أصوات أكثر فى مناطق أخرى مما يصيبنا باليأس والخوف. وقد أصابنا هذا التأرجح فى المشاعر بالإعياء والتعب. ثم مرت عدة ساعات من الانتظار حتى قطع المذيع البرنامج ليذيع نبأ مهما وهو أن مرشح النظام قد فاز بمنصب رئيس الجمهورية. صرخ الموجودون بجوارى مطالبين بضرورة الطعن فى هذه النتائج لكن أحد الأصدقاء ذكرهم بالمادة 28 من الإعلان الدستورى التى تجعل "قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء,"

لم تكن اللجنة التأسيسية قد انتهت من إعداد الدستور عندما تولى مرشح النظام منصبه كرئيس للجمهورية. وبهذه الصفة قرر أن يتخذ عدة قرارات: العفو عن الرئيس السابق المتهم بإرتكاب عدة جرائم وقرر التصالح مع المسجونين الكبار وإطلاق سراحهم مقابل التنازل عن جزء من الأموال التى نهبوها. وقرر أن يحل مجلس الشعب من خلال الدفع بعدد من المحامين الذين سارعوا بالطعن فى المجلس وقرر أيضا الطعن فى دستورية تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور. وبذلك فقد ذهبت الثورة أدراج الرياح وسالت دماء الشهداء بلا مقابل. فجأة وجدتنى استيقظ من النوم وأنا أتصبب عرقا، فتناولت كوبا من الماء وحامدا الله بأن ما شاهدته كان كابوسا بدد النوم من عيناى حتى الصباح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال


.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل




.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا