الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاتخسروا مسعود برزاني !

مهند حبيب السماوي

2012 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من التهويل في شيء اذا قلنا أن التصعيد والتراشق الاعلاميين بين التحالف الوطني،وعلى نحو ادق بعض من نواب ائتلاف دولة القانون، وبين اعضاء من التحالف الكردستاني، سيلقي بضلاله الشاحبة على مشهد العملية السياسية بمجملها، وهو الامر الذي سيكون له، ان لم يتم تلافيه بحكمة العقلاء من الطرفين، تداعيات ونتائج وخيمة على مسار بناء الدولة والعملية الديمقراطية في العراق.
فالكثير من الاطراف السياسية، خصوصا القائمة العراقية، تنتظر مثل هكذا تراشق وتصدع في العلاقة بين التحالف الوطني وائتلاف الكتل الكردستانية، من اجل استغلاله لمصلحتها السياسية التي تتجسد وتتركز في محاولتها سحب الثقة عن حكومة دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي تمهديا لاسقاطه.
وقد اعلنت ذلك رسميا المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي لوكالة كردستان للأنباء، اذ قالت إن "القائمة العراقية بدأت التحرك للحصول على اجماع وطني لسحب الثقة من حكومة المالكي" .
لكن، ومع التشاؤم الذي يغرق فيه بعضهم كنتيجة لهذه التصريحات، ارى ان هنالك حقيقة مهمة فاقعة لونها تتمثل معالمها في انه من غير الممكن، مطلقا وتحت اي ظرف كان ، ان ينفض عقد التحالف الشيعي/الكردي الذي يعود الى تفاهمات قديمة مشتركة ونضال موّحد سابق ومصالح متبادلة ورؤى وبرامج سياسية متقاربة تعود الى سنوات عمل عديدة قبل سقوط النظام البعثي في العراق وانهيار دولته عام 2003.
هذه الحقيقة او الاستنتاج ، ولك الحق في ان تسمّيها ماتشاء، لاتنبع من تفكير رغبوي، بلغة سيغموند فرويد، او تأتي من رؤية تفاؤلية، قوامها السطحية والغفلة، وانما تجد ارضية وقاعدة اساسية لها استنادا الى جملة من العوامل والاسباب التي ادت الى وصولي الى هذه النتيجة، وهي تتمثل في أكثر من سبب واحد لابأس ان اطلع القارئ على مضامينها:
اولا: ان طبيعة الخلاف الذي حدث الان بين ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني هو خلاف مرحلي يتعلق بوجهات نظر مختلفة ورؤى واطروحات متباينة حول تفسير قضية ما وهي تتجسد اغلبها في قضية تصدير النفط واستثماراته في الاقليم وتطبيق المادة 140 من الدستور وهي مشكلات ليست بالصعبة ولا المستعصية على الحل خصوصا اذا ما علمنا ان الدستور العراقي وقانون النفط والغاز قد وضع الخطوط العامة لحل وتوضيح وتفسير كل النقاط العالقة ومحل الخلاف بين الاقليم والحكومة الاتحادية، مع اقرار الجميع واقتناعهم بضرورة التحاكم للدستور باعتباره المرجعية القانونية في العراق.
نعم كان لقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وتداعيات لجوئه الى اقليم كردستان واحتضان السيد مسعود برزاني له، لاسباب اوضحها الاخير بنفسه، بعض الاثر في تشويش العلاقة بين الحكومة الاتحادية والسيد رئيس الاقليم والتحالف الكردستاني ايضا، الذي رأى ان الاقليم لادخل له بقضية الهاشمي وانه قد تم اقحامه في هذا الامر خصوصا اذا ادركنا أن الهاشمي، وكما بيّن ذلك التحالف الكردستاني في معرض رده على نواب دولة القانون، قد غادر مطار بغداد بعلم السلطات وكانت ضده مذكرة اعتقال لم تُنفذ حتى غادر اقليم كردستان!.
ثانيا: وجود رمز سياسي كبير لديه حضور وتأثير بين الكتل السياسية المختلفة وهو الرئيس العراقي جلال طالباني اذ أنه يمتلك قدرات استثنائية وقابليات على ايقاف تدحرج كرة ثلج المشكلات بين ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني في الوقت المناسب وقبل ان تصل لمرحلة اللاعودة او نقطة اللارجوع حيث الكل سيندم ويتمنى لو لم تكن الامور وصلت الى هذا المستوى.
ثالثا: لايوجد بديل للتحالف الوطني غير الاخوة في التحالف الكردستاني ولن يجد الاخير ايضاً شريكا سياسيا استراتيجياً غير التحالف الوطني، وكلا الطرفين اي الاكراد والشيعة، وهم الاكثرية في هذا البلد، عانوا الويلات والاضطهاد في زمن النظام السابق، وساهمت تلك الجراح العميقة والنزيف الداخي في صياغة وعي " شيعي- كردي" ورؤية متقاربة حول اهدافهما الموحدة في خطوطها العامة المختلفة في تفصيلاتها الجزئية.
ولهذا من البديهي ان نؤكد ان كل من التحالف الوطني وائتلاف الكتل الكردستانية لايمكن لهما ان يتحالفا، كل على حدة، مع الطرف الثالث المهم بالطبع في المعادلة السياسية العراقية وهي القائمة العراقية، وذلك، لان بين الوطني والكردستاني من جهة والعراقية من جهة اخرى اختلافات جذرية في الرؤى والبرامج وكيفية ادارة الدولة وبنائها تقف حاجزا، بالتأكيد، دون "حتى" التفكير في امكانية بناء تحالف استراتيجي لتشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة السيد نوري المالكي.
ومع ذلك فانني اعتقد أن الامر الذي ينبغي ان نأخذه بنظر الاعتبار في كل مايجري وسط سيل التصريحات ليست تلك التي يُطلقها نائب من دولة القانون ،مهما كان مقربا من رئيس الوزراء، او بيانات ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني او اعضاء الكتلة الكردستانية في البرلمان...فهذا التصريحات يمكن قبولها كجزء من فضاء حرية التعبير التي تتأتى في سياق الجو الديمقراطي العام الذي تنفس رحيقه العراقيون بعد عام2003، شريطة عدم تجاوزها الاخلاقي والقيمي.
مايجب ان يوضع في محل الاعتبار في كل هذا هو الاقوال والتصريحات هي التي اطلقها السيد مسعود برازاني حول رئيس الوزراء في العراق وكيفية أدارة شؤون العراق والحكومة ومبدا الشراكة الوطنية...فليس من اليسير أهمال مايقوله السيد مسعود البرزاني وهو الشخص الذي تمت برعايته تشكيل الحكومة العراقية وفقا لاتفاق سمّي في وقتها "اتفاق اربيل" بعد فترة عصيبة من انغلاق الافق السياسي الذي شهده العراق بعد ظهور نتائج انتخابات 2010.
ووفقا لهذه المعطيات فاننا نعتقد ان على الحكومة ان لاتخسر شخصية مثل مسعود بارزاني وهو جزء من كيان وطرف سياسي أساسي منحه الكثير من المراقبين وصف" بيضة القبان" في العملية السياسية وقادر على التاثير في معطيات المشهد السياسي في العراق، وباستطاعته أتخاذ قرارات قد تؤدي الى احداث تغيير جذري في الخريطة السياسية للتحالفات لن أظن ان التحالف الوطني ولا دولة رئيس الوزراء ولا حتى التحالف الكردستاتي أو تاريخ العلاقة بين الشيعة والاكراد يمكن ان يرضوا بنتائجه على مستقبل العراق.
واذا كان الامر كذلك وهو فعلا كذلك فانه من الصعوبة التي تقترب من الاستحالة ان تؤثر هذا التصريحات على المستقبل الاستراتيجي للعلاقة بين التحالف الوطني والكردستاني على الرغم من برود هذه العلاقة في هذه الفترة الحرجة باثر تصريحات اطلقها الطرفين تتحدث حول نقطة خلافية بين الطرفين.
وقد تناهى الى اسماع وسائل الاعلام ان الرئيس طالباني سيقوم باجراء لقاء مباشر بين دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان السيد مسعود برزاني من اجل كسر جليد تصدّع العلاقة بين الطرفين الذي لا أظن ان اي منهما تنقصه الحكمة والعقلانية ولايعرف اهمية تحالفهما الاستراتيجي واثره على مستقبل العراق والعملية السياسية برمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشيعة والكورد أم البارتي ودولة القانون
fadil rammo ( 2012 / 4 / 9 - 08:43 )
هنالك نقاط لم يتطرق اليهم المقال : 1-محاولة المالكي من تعزيز سلطته من خلال مسكه بنفسه لملف الجيش واحتواء جيشه لقادة وضباط ذوي توجهات قومية ، 2- محاولة فرضه لنهج مركزي بينما الدستور يقول باللامركزية ، 3- محاولة السيطرة على الهيئات المستقلة واخرها محاولة سيطرته على سياسات البنك المركزي .
هذه الامور كانت لها تأثير مباشر على موقف البارزاني وليس فقط المادة 140 وقانون النفط ، حيث ان هذه النقاط التي اوردتها انا هنا ، تشكل عقدة اساسية ان لم تحل فلن تحل قضية 140 والنفط .

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس