الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكاءات الدولية بين الجغرافية و التاريخ.

بودريس درهمان

2012 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


هل أخطا التقدير أصحاب تكتل "الولايات المتحدة الإفريقية" حينما لم يدمجوا دولة مالي في هذا الإتحادن، أم أن هنالك صراع دولي محتدم حول اعادة تشكيل الجغرافية السياسية لمنطقة شمال افريقيا و غربها؟
"الولايات المتحدة الإفريقية هو تكتل افريقي يضم اثنان و عشرون دولة توجد على الساحل الغربي لإفريقيا(انظر بهذا الصدد الخريطة).عدم دمج دولة مالي في هذا الإتحاد و امكانية انفصال منطقة أزواد الشمالية عن جنوب دولة مالي يمكن اعتبارهما مؤشران لمعرفة طبيعة القوى الدولية المتصارعة من اجل التحكم في الخريطة السياسية لهذه المنطقة.
حاليا هنالك تقطيع ترابي للقسم الشمالي و الغربي للقارة الافريقية قامت بتصميمه الدول الغربية المتصارعة حول الثروات الافريقية.
التصميم الاول يخص منطقة شمال افريقيا المشكلة من خمس دول هي: مصر شرقا، ليبيا و تونس في الوسط و الجزائر و المغرب في أقصى غرب القارة الافريقية.
التصميم الثاني يخص منطقة تماس مشكلة من أربع دول هي السودان شرقا أسفل مصر، تشاد، النيجر و مالي في الوسط أسفل ليبيا و الجزائر و موريتانيا أسفل المملكة المغربية. هذه المنطقة هي منطقة تماس و هي عبارة كذلك عن منطقة عازلة تقع ما بين دول شمال افريقيا و باقي الدول الافريقية.
التصميم الثالث يخص منطقة الدول الاثنى و عشرون المسماة بـ"الولايات المتحدة الإفريقية"
هذه المناطق الافريقية الثلاثة، تعيش حاليا صراعا مريرا من اجل ايجاد نموذج سياسي موسع يواكب اكراهات التحولات الدولية. هذا النموذج السياسي هو الان يتأرجح ما بين النموذج الانكلوساكسوني و النموذج الفرنكفوني. النموذج الانكلوساكسوني يغلب عليه طابع النظام الفدرالي سواء على شاكلة دولة الولايات المتحدة الأمريكية او على شاكلة دولة البرازيل أو المكسيك؛ والنموذج الفرنكفوني يغلب عليه طابع المركزية و اللاتمركو
الخريطة أدناه التي حصلنا عليها و التي تبين بشكل واضح منطقة "الولايات المتحدة الإفريقية" حصلنا عليها من المكتبة الالكترونية لجامعة ريو دي جانيرو البرازيلية التي لها باع طويل في علم الخرائط.
هذا التصميم المناطقي لشمال و غرب القارة الافريقية هو موقف اجماع ما بين الولايات المتحدة الامريكية و الجمهورية الفرنسية، الاثنتان معا متفقتان على السياسة المناطقية للقارة الافريقية و لكنهما غير متفقتان على النموذج النهائي لهذه المناطق. التقسيم المناطقي لغرب و شمال افريقيا هو تقسيم علمي عسكري و جغرافي و ليس تقسيما وفق التراكمات السياسية التاريخية مما يجعل من هذا التقسيم تقسيما علميا مجردا. هو تقسيم علمي عسكري لأنه يخضع لتقاسيم خطوط الطول و خطوط العرض ولا يخضع بتاتا لتقاسيم التاريخ. خطوط الطول قسمت دول شمال و غرب افريقيا الى ثلاثة مناطق. المنطقة الاولى التي هي منطقة شمال افريقيا توجد ما بين 30° درجة و 45° درجة لما فوق مدار السرطان. المنطقة الثانية هي المنطقة التي توجد ما بين 23° و30° درجة الى ما فوق مدار السرطان و هي المنطقة المسيجة لشمال افريقيا أما المنطقة الثالثة المسماة بالولايات المتحدة الافريقية و المشكلة من اثنان و عشرون دولة فهي المنطقة الواقعة في تقاطع خط الطول 15 و خط العرض 15 كذلك. هذا التقسيم الجغرافي العسكري تم اعتماده لمواجهة مخاطر تنظيم القاعدة و قد سبق أن وضحت في مقال سابق أن تنظيم القاعدة هو أداة اجرائية لاستباحة الاوطان و اعادة تشكل الدول.
هذا التقسيم يمكن اعتباره عامل عدم استقرار سياسي و عامل مساهم في تفكيك الدول القائمة حاليا من دولة ليبيا في المنطقة الاولى أي منطقة شمال افريقيا الى دولة السودان و دولة مالي في المنطقة الثانية المسيجة لمنطقة شمال افريقيا.
أصحاب تصميم المناطق الجغرافية الافريقية ذات الطبيعة العسكرية يؤمنون فقط بالعقل المجرد، أي بالعقل المشتغل خارج التاريخ، و هؤلاء ككل انصار العقل المجرد، يعتقدون بأن الخريطة تسبق الواقع و تطوعه لهذا يعملون جاهدين في تطويع الجغرافية خارج معطيات التاريخ. أما لماذا يفضلون الجغرافية على التاريخ، انهم يفضلونها لأنهم يعلمون جيدا كمية و نوعية الثروات الكامنة في باطنها.
ذكاءات العقل المجرد للدول الغربية و الذكاءات الموروثة من خصوصية الدول الافريقية تصطدم في ما بينها بواسطة تعمد تفعيل صراع الهويات المؤدي الى تحلل الاوطان. حدث هذا في جميع المناطق حدث في أفغانستان، و حدث في دول البلقان و في دولة العراق و ها هو يحدث حاليا في دول شمال و غرب افريقيا و الضحايا هم "ملتحفوا" الهويات التناحرية بدون فهم سياقات القوى الدولية المتصارعة من اجل الاستحواذ على الثروات.
التصاميم المعتمدة على تقاسيم خطوط الطول و خطوط العرض لا تكاد تنفلت من خلفياتها الايديولوجية القائمة على التمييز العنصري الموروث من القرون السالفة. المنطقة الافريقية الموجودة ما فوق خط الطول 30° درجة -فوق خط مدار السرطان- كل بشرة ساكنة هذه المنطقة بيضاء و ما تحت هذا الخط بشرة الساكنة سوداء لهذا فكروا في خلق منطقة عازلة مابين المنطقة البيضاء و المنطقة السوداء يسمح فيها الاختلاط بين العرقين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا