الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهداء...يحتفلون بموتنا

فتحي المسكيني

2012 / 4 / 9
الادب والفن



-1-
قال أحد البلابل الذين شهدوا الواقعة
من دون أن يتعمّد ذلك:
من قال إنّنا في الجانب الصحيح
من الأفق
ربّما كنّا نحلم
وهم يقظون ؟
مثل أعمدة من الضحك
فوق رؤوسنا
ونحن لا نعلم
الشهداء هم الذين وحدهم شهدوا اللحظة الأخيرة
من انتهاء عالمنا كما كنّا نعرفه
وهم قد رفضوا أن يتقاسموا المشهد الأقصى
مع أحد
من قال إنّهم لا يشاهدوننا الآن
بأعين من صوّان
ويأسفون لكلّ ما جرى
من دوننا ؟
لا يُسمّى شهيدا إلاّ من شاهد ما لم يشاهده أحد
هم آلهة المشهد
بلا منازع
أولئك الذين اقتلعوا الإنسان فيهم
من النسيان
وحوّلوه إلى مشهد أخير
لأنفسهم
هم من أفلحوا في الاحتفاظ
بالنسخة الأخيرة من أنفسهم
وطبعوها في أبديّات صغيرة
قابلة للاستهلاك
خارج أفق الإنسان
ما أصغر أعيادنا كلّها
متى قورنت بشهادة واحدة
على نهاية العالم
من دوننا

-2-
العصافير لا تفكّر
ولكن
هل تحتاج إلى ذلك ؟
العصافير وحدها في الشارع الكبير
رقصت حتى المساء
بعد سقوط الدولة على عجيزتها
وكان الشهداء يعلمون
أنّهم سيبقون وحدهم
بعد عودة الأحياء
إلى ديار أجسادهم
بلا طائل
سيجوبون الشوارع الفارغة مثل قلب الله
بعد اليوم السابع من الخلق
وسوف يدردشون قليلا
مع بعض الهتافات الخجولة
التي رفضت مغادرة الشارع الكبير
بعد إعلان منع الجولان
والعودة إلى المنازل بلا أصوات
كان الشجر
قد تعوّد على المشاركة في المظاهرات
وتنشّق الغازات المتحضّرة
المختلطة بعطر العذارى
وصيحاتهن التي تحمل عبق الحرية
الخارج للتوّ من ضحك الأطفال على شرفة
تحت دموع الشمس
كان الشهداء وحدهم
قد ركبوا
ولم يبق غير كسالى الوطن
في الشوارع الخلفية
ينتظرون
الدولة....
وتدريب القدر
على الحوار
مع الكفن

-3-
الشهداء
يحتفلون اليوم
بموتنا
عنهم
إنّ سكوتهم عنّا
أكبر من كل ضجيجنا
عنهم
لا أحد يدري
ماذا خبّئوا في جيوب الوقت
حين غادروا مسرعين
نحو أنفسهم الجديدة
لكنّ المطر الذي كان شاهد عيان
قال
والعهدة على من روى
إنّ الصوامع كانت شاهدة
ولم تنبس ببنت شفة
وأنّ كلّ مساجد المدينة
كانت مشغولة
بتراتيل جديدة
تمّ استيرادها بالعملة الصعبة
لمحاكمة القدر
واسترداد رقصة الحرية
من العنكبوت
ومثل كل الأشياء الرائعة على الأرض
كان الشهداء يعانون من الوحدة
ليس لأنّنا لم نكن هناك
بل لأنّ حبّ الوطن
لم يكن يتسع
لكل آلامنا
على الخارطة

-4-
إنّ بكاءهم
قد فقد اليوم رونقه
وصار غيوما من الحنظل
إنّ دماءهم
قد سكتت اليوم عن الصراخ
في أجسادنا المتعبة بأوطان
مصنوعة من الأحزاب الورقية
والزجاجات الفارغة
تحت شبابيك الحكومة
إنّ سماءهم
قد صارت انتقالية
وعليهم أن يتعلّموا، بعد موتهم
كيف يعبدون
دولا افتراضية
بلا وطن
.......
عذرا
أيّها الشهداء
ليس هذا يومكم
إنّ الجنات قد أُغلقت مبكّرا
درءً للشبهات
وكلّ مباريات الجحيم
صارت تجري
بلا جمهور
....
عذرا
للذين
سيموتون.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم


.. أون سيت - من نجوم شهر مايو الزعيم عادل إمام.. ومن أبرز أفلام




.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف


.. عمر عبدالحليم: كتبت لفيلم «السرب» 23 نسخة




.. أون سيت - 7 مليون جنيه إيرادات فيلم السرب في أول 3 أيام فقط