الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية وأزمة ما بعد الموجة الأولى

علاء فروح

2012 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة تيار جارف يكسر السد ويعلو عليه .لا ضابط ولا حدود لعفويته ولا كابح لرعونته أيضاً إلى أن يهدأ وتفرغ طاقته المحبوسة فى الإمتداد قليل التبصر ثم يبدأ فى الإنحسار تدريجياً ومن ثم تبدأ جميع الأطراف فى حساب المكسب والخسارة ..هكذا كانت الثورة المصرية فى موجتها الأولى ،ولم تكن فى ذلك استثناءً عن غيرها من الثورات ،والثورات إما أن تخمد و تنتهى عند ذلك الحد وتسجل فى التاريخ الذى لن يكتبه الثوار بطبيعة الحال لأن أعواد المشانق لا تكتب تاريخا وإنما يكتب عنها و تذكر بعد حين على أنها كانت مجرد حركة كبيرة من الحركات التى سعت الى التغيير ،وتضاف الى غيرها من حركات التحرر الوطنى ,و إما أن تكون قادرة على التخلص من عفويتها وعلى إكتساب المزيد من النضج الذى يؤهلها للقيام بموجتها التالية متداركة كل أخطائها ساعية للحسم راسمة كلمة النهاية بمداد من نور على جبهة الوطن فنضج الثوار فحسب هو ما يجعل الثورة قادرة على النهوض من مأزق ما بعد الموجة الأولى ..مأزق العفوية الذى هو مأزق الثائر نفسه فالثائر هو الإنسان الفاضل الشديد الصدق والنقاء .هو الراغب أبداً فى حياة عادلة لا لنفسه وإنما لغيره من بنى جلدته ،بل وللإنسانية كلها أما هو فيقدم حياته ثمنا لذلك بكل سخاء ..هذا الثائر لا يجيد الحسابات ولا يعرفها إذ لوعرفها لما ثار ..لا يفهم ماذا تعنى المواءمات السياسية ،ولكنه من دون ذلك يخسر أيضا .تلك هى أزمته .إنه كأبطال الإغريق الذين يسعون إلى حتوفهم المتيقنة دونما تنازل أبدا وكأنهم أعوان لأقدارهم .كأن الموت هو غايتهم لا الحياة .لقد أسمينا شهدائنا فى مصر (ورد الجناين) ،ولقد كانوا كذلك ..لقد إكتشف الثوار فى مصر أنهم كانوا وحيدون تماما فى مواجهة النظام فى ماسبيرو وفى شارع محمد محمود وفى مجلس الوزراء وأن أصدقاء الأمس يجلسون الآن مع النظام العسكرى ويتفاوضون مع الأمريكان ولا يتورعون عن إتهامهم بالخيانة والعمالة ،بل إنهم هللوا وأبدوا سرورا حينما أغلق المجلس العسكرى الجمعيات الأهلية وطارد منظمات حقوق الأنسان ..لم يتورعوا عن القول بإسقاط شرعية الميدان وتدبيج قانون لمنع التظاهرات ..لقد إكتشفوا أن أصدقاء الأمس لم يكونوا أصدقاء فى يوم من الأيام وأن الموجة الأولى لم تنحسر تلقائياً ولكنها حوصرت بسيل من المؤامرات والتوافقات واستسلم الثوار الذين لم يكن بمقدورهم أخلاقيا ولا عمليا أن يواجهوا قوة مدنية كقوة الإخوان المسلمين بعد أن تشوهت صورتهم أمام الرأى العام ووقعنا جميعا فى الهوة الفاصلة بين الموجة الأولى والموجة الثانية التى حسبنا أن مواجهات محمد محمود كانت بدايتها فإذا بنا نتعرض لمذبحة بشرية هائلة فى بور سعيد ،وبدأ الثوار يفطنون إلى مأزق الثورة ..لقد كان التحالف بين التيار الإسلامى وفى مقدمته الإخوان المسلمين وبين المجلس العسكرى يقتضى تقسيم المنافع بينهما ..المجلس العسكرى يعطى ويمنح والأخوان يهتبلون الفرصة التاريخية وكان الثمن وأد الثورة والتسامح مع الدماء والتصالح فى الأموال المنهوبة وقد بدا ذلك جليا فى المشروع بقانون الذى قدمه حزب الحرية والعدالة وحاول تمريره .كان ثمنا دفع جزء كبير منه بكل يسر ،ولكن هذا الإتفاق الذى رعته أمريكا لم يكن هو الحل النهائى ولم يكن ممكنا له ذلك إذ أن طرفى الإتفاق لم يكن أحدهما من السذاجة أن يأمن للآخر لأسباب تاريخية وعقائدية أيضا فالجيش المصرى علمانى النزعة والتكوين بينما التيار الإسلامى يسعى الى السيطرة عليه فى إطار سيطرته على كل مؤسسات الدولة بينما يمتلك المجلس العسكرى كل أوراق اللعبة فنزع عن البرلمان صلاحياته ودفع بمرشح له للرئاسة معروف بعدائه للتيار الإسلامى بخاصة وعدائه للديمقراطية بعامة وحصن لجنة الإنتخابات الرئاسية التى إختارها على عينه من الطعن على قراراتها بموافقة الإخوان وأتباعهم السلف فى حزب النور حين كان الإتفاق ساريا فما كان الإخوان إلا أن دفعوا بمرشح لهم أملين فى شعبيتهم ومعولين على رعاية أمريكا التى رعت من قبل إتفاقهم مع العسكر ،وبدأت الحرب التى هى فى حقيقتها حرب للمصالح لا مكان لمصر فيها ..هل نضج الثوار فى مصر بما يكفى ليعبروا بثورتهم الى الضفة الأخرى من النهر ؟ أم أن صدقهم سيدفعهم الى الخيار الذى سيودى بهم وبثورتهم ؟ إن المنتصر فى تلك الحرب -حرب المصالح- هو من سيحكم مصر وهو من سيعلقهم على أعواد المشانق لاحقا ،وهو أخيرا من سيكتب تاريخ ثورتهم فيملؤه زورا وبهتانا وإفكا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر
فيفا صندي ( 2012 / 4 / 12 - 14:35 )
ازمة الثورة المصرية انها بلا اخلاص حقيقى فى النهوض بمصر,, الكل يتحدث عن الثورة وعن مصر من الكبير والصغير,, والحديث كله عاطفى حماسى غير منتج لما بعد الحدث.
فماذا بعد الحدث؟
للاسف لم يكن هناك شبئا فعال,, غير انتظار حدث اخر مقهحم على الحياة الثورية بمصر حيث يكون علكة الاعلام والناس..
فقط هدوء ومن اول السطر ربما تنجح تجربة مصر الثورية

اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت