الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريد أن ننسى و محمود جلبوط يتذكر

اسماعيل خليل الحسن

2005 / 1 / 22
أوراق كتبت في وعن السجن


أخي ورفيقي محمود
كل عام و أنت بخير

و أنت تتذكر لا تعجزك الذكريات و أنا أريد أن أنسى فيعجزني النسيان أريد أن أنسى كل شيء عدا الأسماء التي لا وجود لها في خارطة النسيان كيف ذلك وابتسامة رضا و غمزته تلوح لي
باستمرار؟ أما أنتم الأحياء , ولكم طول العمر, فلم ينقطع حواري الداخلي معكم , فكل سلبيات السجن ظلّت في السجن , وعندما أزور أبا محمد في بيته نلتقي بكل الحب و الود وحين التقيت
بأبي عبدو صدفة في حلب , عانقته طويلا وكنت تاركا أمر اللقاء معك للصدفة , و لكن تخوما وبلادا فرقتنا وكما قال سميّك و مواطنك محمود درويش
هذا هو العرس الفلسطيني لا يصل الحبيب إلى الحبيب , إلا شهيدا أو شريدا

فالفضل لكوننا أحياء اليوم ذلك أننا لم نكن في صبرا وشاتيلا عشية حزّت حراب الأعداء و( الأعدقاء ) رقاب الهاجعين , فسلمنا و سلم حكامنا و ظلّّوا يتناسخون بينما السؤال الذي يلحّ بقوة من
الأموات هم أم نحن ؟

عندما سقط الاتحاد السوفياتي تلخبطت المفاهيم وهامت العقول تسأل لماذا؟ حتى نحن الذين كنا نعتقد أنه كان لدينا رؤية أكثر موضوعية بحكم استقلاليتنا الفكرية و السياسية فقد كنا نخدع
أنفسنا فتداعي الأحداث حتى اليوم ليس بالإمكان توقعه بل هو ضرب من اللامعقول

قلت سيكون الحلّ في الليبرالية , ولكن النيوليبرالية المتوحشة , خطفت منا اللافتة وقالت أنا من يقودكم , فتمخض سجن أبي غريب عن خرافة ليس لدي عقل لتفسيرها حتى الآن و حمدت الله
أننا نحن العرب وحكامنا لم نكن من نزلاء أبي غريب فسلمت بكارتنا و ظل خطيب المهرجان يتوعد الإمبريالية و ظلّ خطيب المسجد يدعو الله أن يفرق شملهم , فأقسمت ألاّ أدخل مهرجانا أو
مسجدا بعد اليوم

أتساءل اليوم من أنا ؟
في عقلي برلمان يتصارع فيه بقية ماركسي و بقية عروبي و بقية مسلم و شيء من ليبرالي ولكنه صراع حضاري لا قيود ولا معتقل فيه . ماركسيتي لا تهتم بالأحزاب الشيوعية و لا شأن لها
بالشيوعية الدولية لأن كل ذلك جرّ وبالا على الماركسية و الاشتراكية حتى غدت دينا فيه فرض و فيه سنّة و فيه أشعرية و خوارج فغدا تغيير اسم حزب ما مثلا ضرب من المروق

والعروبي لا شأن له بالقومية العربية تلك التي كانت مدجنة تفرخ الأوغاد و الأحقاد فما زلت أومن أن على العرب أن يتوحدوا لكن بلا مركزية مقرفة , اتحاد يحفظ حق الأقلية قبل الأكثرية ,
فلو قلت لقوموي اليوم أن للأكراد حق بتأسيس جامعات تنطق بلغتهم لا ستعاذ بالله من الشيطان الرجيم

ولقد كنت أدّعي دائما أن المسلمين كسبوا دينا و خسروا الإسلام فالمسلم في داخلي لا شأن له بالدين الذي هو مجرد طقوس وطلاسم ولحى وعمامات و أزياء وهابية , تقول لنا هذا يجوز و
هذا لا يجوز وتقبض دولارات على الفضائيات .

و الليبرالية حتى لو شوهها الأمريكيون الأنذال تبقى مطلبا مثاليا فما زلت أومن بكل كلمة مثالية قيلت عبر التاريخ منذ قوانين حمورابي التي أقرت شخصيّة العقوبة بعد أن كان العقاب جماعيا
و اعتباطيا فكانت درجة في سلّم الرقي الإنساني , مرورا بمبادئ الثورة الفرنسية التي تمخضت عن طغيان وتكالب استعماري و حروب و حتى مبادئ ولسون الرئيس الأمريكي حول حقوق
الشعوب .

أتابع ما تكتب على صفحات الحوار المتمدن , و أرى أنك ما زلت تتمرّس على فن المقالة وقد كنت قلت للشهيد رضا حداد ذات مرة إن الفكرة العظيمة لاتكفي لكتابة مقالة جيدة فلا بد من
أسلوبية و لا بد من امتلاك اللغة

أخيرا سأتركك لذكرياتك و سوف اذهب إلى الفراش لأنام و أنسى فلا قدرة لدي للتذكر


الرقة سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية