الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصة المخابرات العسكرية الجزائرية: من عبد الحفيظ بوصوف إلى محمد مدين - الحلقة الثالثة بقلم رياض الصيداوي
رياض الصيداوي
2012 / 4 / 10اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
سنة 1962 دخل الأمن العسكري في صراع خفي مع جهاز آخر اسمه “الفرق الخاصة” شكله أحمد بن بلا ليقوم بدور البوليس السياسي وعهد بقيادته لمصطفى فطال.
قامت الحكومة الإسبانية بعمليات تحقيق واسعة لمعرفة قاتل محمد خيضر وتوصلت إلى تحديده : إن منظم عملية الاغتيال هو مسؤول الأمن العسكري في إسبانيا والذي يعمل ظاهريا كملحق ثقافي للجزائر في سفارتها في مدريد. وساعده في تنظيم العملية قاتل محترف جزائري يدعى صالح وكنيته “فسبا”، وهو مسؤول في الأمن الوطني. أما منفذ عملية القتل فهو يوسف دخموش، يعمل لحساب الأمن العسكري من خلال عقود مالية
الغريب في الأمر هو تواطؤ الحكومة الإسبانية الفرنكية أو الحكومة الألمانية الديموقراطية مع الأمن العسكري الجزائري. حيث انتصرت مصلحة الدولة على متطلبات القضاء والعدالة وتم دفن الملفين في الحال
حاول أن يكون فوق كل القوانين وهو ما أخاف بقية قادة الجيش وقلقهم الدائم من جهاز أصبح شبه أسطوري. حدثت أول محاولة لإضعاف الأمن العسكري من قيادة الجيش نفسها. حيث قام سكرتير وزارة الدفاع العقيد عبد الحميد الأطرش بمحاولة الحد من سلطة قاصدي مرباح وجهازه في سنوات السبعين بأن أنشأ جهازا منافسا عهد بقيادته إلى العقيد محمد التواتي (سيصبح لاحقا قائد جيش البر)..لكن محاولته فشلت أمام قوة مرباح.
هواري بومدين نفسه ورغم جبروته وقوة شخصيته الطاغية وزعامته الكاريزمية شعر أكثر من مرة بالخوف من سطوة جهاز مرباح، فحاول أن يحد من نفوذه، فأنشأ جهازا آخرا منافسا سماه الإدارة العامة للأمن الوطني يتبع مباشرة وزارة الداخلية وليس وزارة الدفاع وقاده في البداية احمد دراية ثم فيما بعد الهادي خذيرياح هو الرجل الذي يعلم أكثر من الجميع في الجزائر”.
قاصدي مرباح اسمه الحقيقي عبد الله خلف. ولد في 16 أبريل / نيسان سنة 1938 في المغرب الأقصى، حيث يمتلك والده آراضي هناك، وليس في منطقة بني يني في منطقة القبائل كما تروج لذلك السلطات الجزائرية حينما تعرض سيرته الذاتية. درس في المرحلة الابتدائية ثم المرحلة الثانوية في مدينة القنيطرة المغربية، تلك المدينة التي ستستقبل محمد بوضياف سنة 1964 حينما يختار المنفى. وفي سنة 1956، جندته جبهة التحرير الوطني وهو ما زال طالبا ليصبح اسمه الحركي قاصدي مرباح. الاسم الجديد الذي احتفظ به حتى اغتياله. واختاروا له موقعا بجانب عبد الحفيظ بوصوف في وزارة التسليح والارتباطات العامة والاتصالات (المخابرات). تميز بالسرية الشديدة وبالانضباط القاسي حينما يتعلق الأمر بتطبيق الأوامر. لفت انتباه هواري بومدين الذي قرر تعيينه على رأس الهيكل الجديد للمخابرات، أي الأمن العسكري. أشرف على هذا الجهاز طيلة 18 سنة مكن من خلالها هواري بومدين من حكم البلاد عن طريق نهج ستاليني صارم. من أهم أعماله : اغتيال محمد خيضر في مدريد وكريم بلقاسم في ألمانيا وهما من القادة التاريخيين للثورة. كما قمع كل الحركات المعارضة سواء كانت إسلامية أو شيوعية أو حتى في داخل جبهة التحرير الوطني نفسها. وخارجيا، ساعد كثيرا الثورة الفلسطينية وكل حركات التحرر الوطني في العالم التي أصبحت الجزائر قبلتها المفضلة. أما أهم أعماله على الاطلاق، فيمكن حصرها في تزكيته، بل تعيينه للشاذلي بن جديد على رأس الدولة الجزائرية بعد وفاة بومدين. فأقصى بذلك المرشحين المنتظرين للخلافة. عبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية وزعيم الجناح الليبيرالي ومحمد صالح اليحياوي، مدير الحزب وزعيم التيار الاشتراكي المتشدد. كان مخططه جهنميا : لقد اختار أضعف الرجال، بن جديد المهتم عادة بلعب الورق ومطاردة النساء والغوص في أعماق البحر أكثر من اهتمامه بشؤون الدولة، حتى يخلو له الجو ويكون الحاكم الفعلي للجزائر، أي الخليفة الحقيقي لهواري بومدين. كان الشاذلي بن جديد يعتبر الرجل الضعيف في الوقع القوي. شاهد الفيديو في هذا الموقع http://www.taqadoumiya.net/?p=10081
بن جديد لم يكن ضعيفا
قاصدي مرباح قاصدي مرباح (1938 – 1993 )، اسمه الحقيقي خالف عبد الله
بن جديد لم يكن بالضعف الذي تصوره قاصدي مرباح. إذ سرعان ما بدأت تصفية الحسابات للجناح الليبيرالي الذي شرع في إزاحة التيار الاشتراكي البومديني. فقام بإبعاد مرباح عن جهاز الأمن العسكري في شهر مايو / أيار 1979. ليعينه سكرتيرا عاما لوزارة الدفاع، ثم وزيرا للصناعات العسكرية. وابتداءا من سنة 1982 يقوم بإبعاده نهائيا عن المؤسسة العسكرية والأمنية في الجزائر ليشغل بعض المناصب المدنية كوزير للصناعات الثقيلة، ثم وزير للفلاحة سنة 1984، فوزير للصحة سنة 1988. وحينما هزت أحداث أكتوبر / تشرين الأول 1988 الجزائر، حيث أحرقت مقرات حزب جبهة التحرير الوطني وتدخل الجيش الوطني الشعبي الجزائري لأول مرة ليطلق النار على مواطنيه تعالت تعليقات الطبقة السياسية الحاكمة في الجزائر ورددت “لو كان قاصدي مرباح على رأس جهاز الأمن العسكري لمنع وقوع هذه الكارثة..” وهو ما دفع بالرئيس الشاذلي بن جديد إلى تكليفه بتشكيل حكومة. لكن التعايش لم يدم إلا سنة واحدة. فشخصية مرباح طغت على الساحة وهددت وجود بن جديد نفسه. كان الجزائريون يهتفون باللغة الفرنسية حينما يحضر بن جديد أو قاصدي مرباح نفسه مبارة كرة قدم في الملعب “مرباح رئيسا للجزائر” (Merbah Président). قرر بن جديد فجأة عزل الرجل القوي وإقالته من منصبه ولكن مرباح فاجأ الجميع حينما رفض قرار العزل لساعات طويلة وتمرد على الرئاسة. ولكنه رضخ في النهاية للأمر الواقع وقرر أن يؤسس حزبا سياسيا خاصا به اسمه “الحركة الجزائرية من أجل العدالة والديموقراطية”.
حزب ضعيف
حزبه لم يفز في أول انتخابات ديموقراطية شهدتها الجزائر في شهر ديسمبر / كانون الأول 1991. وقام بحملة عنيفة ضد رؤساء الحكومات المتعاقبين وتصالح مع الصحافة حيث أكثر من إعطائها الحوارات لأول مرة في حياته. تحول مرباح من رجل الجهاز السري إلى رجل السياسة العلني الذي يعيش على الدعاية الإعلامية. وفي الآن نفسه كان يمثل كابوسا للطبقة السياسية الحاكمة وخصوصا لرجال المافيا الصاعدين. مرباح يعرف الجميع ويقال أنه استنسخ لنفسه صورا من ملفاتهم يمكنه أن يهدد بها أيا كان. وهو يحتقر الجميع، إما لأن الأغلبية كانت من صنعه أو بسبب ما يعرفه عنهم من معلومات فساد ورشاوي. كان يمتلك أكبر سلاح يرهب به خصومه، سلاحه أرشيف المعلومات. لقد قال عنه الرئيس الأول للجمهورية الجزائرية احمد بن بلا “قاصدي مرباح هو الرجل الذي يعلم أكثر من الجميع في الجزائر”. وكان على خصومه أن يتحركوا بسرعة ليضعوا حدا لتهديده الدائم، لطموحه الجارف، ولاحتقاره المتواصل لهم. شاهد الفيديو في هذا الموقع http://www.taqadoumiya.net/?p=10081
أعمال مرباح
لم يجد جهاز الأمن العسكري منذ تأسيسه صعوبة في انتداب العملاء والمخبرين. لقد جذب إليه المغامرين والانتهازيين لكثرة الامتيازات المادية والمعنوية التي يقدمها لهم. ودخل في صراع خفي منذ سنة 1962 مع جهاز آخر اسمه “الفرق الخاصة” شكله أحمد بن بلا ليقوم بدور البوليس السياسي وعهد بقيادته لمصطفى فطال. وبعد نجاح انقلاب هواري بومدين في 19 حزيران / يونيو 1965 واعتقال بومدين وفطال، خلت الساحة لقاصدي مرباح كلية. وقام بنشر أعوانه في كل مكان ليخترقوا الإدارة وأجهزة الأمن الأخرى وجبهة التحرير الوطني ووسائل الإعلام وحتى مؤسسات الدولة من شركات ومصانع وجامعات. وقام بعملية تنظيم التجسس ومكافحة التجسس وبإنشاء شبكة عنكبوتية رهيبة حيث زرع في كل مكان مخبرا وعميلا. وابتكر عمليات نشر الإشاعة والحرب النفسية لمعرفة موقف الجماهير من نظام هواري بومدين. وفي الآن نفسه حمى جهازه من عمليات التدخل والمحاسبة من قبل أجهزة الدولة الأخرى. حاول أن يكون فوق كل القوانين وهو ما أخاف بقية قادة الجيش وقلقهم الدائم من جهاز أصبح شبه أسطوري. شاهد الفيديو في هذا الموقع http://www.taqadoumiya.net/?p=10081
حدثت أول محاولة لإضعاف الأمن العسكري من قيادة الجيش نفسها. حيث قام سكرتير وزارة الدفاع العقيد عبد الحميد الأطرش بمحاولة الحد من سلطة قاصدي مرباح وجهازه في سنوات السبعين بأن أنشأ جهازا منافسا عهد بقيادته إلى العقيد محمد التواتي (سيصبح لاحقا قائد جيش البر)..لكن محاولته فشلت أمام قوة مرباح. هواري بومدين نفسه ورغم جبروته وقوة شخصيته الطاغية وزعامته الكاريزمية شعر أكثر من مرة بالخوف من سطوة جهاز مرباح، فحاول أن يحد من نفوذه، فأنشأ جهازا آخرا منافسا سماه الإدارة العامة للأمن الوطني يتبع مباشرة وزارة الداخلية وليس وزارة الدفاع وقاده في البداية احمد دراية ثم فيما بعد الهادي خذيري.
يتبع يوم الأحد القادم تنشر حلقة جديدة
رياض الصيداوي http://www.riadh-sidaoui.blogspot.com/
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز