الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة الثورة أم جنون الشعوب ؟

فتحي المسكيني

2012 / 4 / 11
الادب والفن


كلّ شجر المدينة
نادم
على الوقوف معنا
يوم الثورة
هل كان يمكنه أن يجلس ؟
ويتركنا واقفين وحدنا كنخيل حائر
وجد نفسه في العاصمة دون سبب وجيه
أجل
كل نخيل الروح نزل إلى العاصمة
لتغيير نسخة القدر
وإعادة توجيه العصافير في الشارع الكبير
نحو الساعة
التي مرّ عليها تاريخ طويل من الشهور الحمقى
دون أن تعدّل رقّاصها
على آلامنا الجديدة
من يمكنه أن يتفاوض مع الشجر
على تنشّق الغازات المستوردة للحرية
بدلا عنّا ولو لساعة واحدة
حتى يستطيع أطفال العنكبوت
أن يعودوا سالمين إلى لُعبهم ؟
من بإمكانه أن يقنع طفله
بأنّ الأعياد أوقات خرجت عن طورها
وأنّ أزهار الاحتفالات
قد تكون مناسبة جدّا
للموت ؟
ومهما كانت ألوان الأكفان جميلة
فهي مرعبة دائما
بسكوت العين عنها
حتى تمرّ على أجساد خرجت للتوّ
من الحديقة
يا
لهذه الأجساد الحرة
كيف صارت نائمة فجأة
على رصيف لم تلمسه أبدا من قبل
وكيف صار ظلها مرسوما بالدم
من دون سابق إنذار
كصوت عصفور مخنوق من فوقنا
لقد ندم الشجر
وأخذ ينتظر قيامته بفارغ الصبر
وينصح كلّ أغصانه بعدم السهر
في ضوء النهار
لأنّ أبديّة صغيرة
قد تسقط عليها في أيّ وقت
وتكسّر ملامح الله فيها
بلا جدوى
الحجر أيضا نزل إلى الشارع
وتوسّد كلمات العابرين
وغطّ في النوم
لأنّ الدولة لم توقظه في الوقت المناسب
حذراً من صراحته
كان الحجر صريحا دائما
وهو في أيدي أطفال شاخ بهم العمر
ولم يكبر فيهم
غير الضحك من الوطن
هل جُنّ الوطن ؟
وتحوّل إلى أرجوحة فوق رؤوس الجرحى
تبذر في كل مرة
باقة من الألم
مقابل كل جرح تركته عصيّ الملائكة
على الجسد
الضرب ليس عيبا ميتافيزيقيا لأحد
الآلهة ضربت من قبل
وكذلك البشر
وأن تكون مضروبا ليس رذيلة كبيرة
المهمّ
أن تتألّم بكل وطنية
وأن تباهي أيضا
بأنّك كنت يوماً ما من المضروبين
لعلّ الضرب يكون فاتحة طيبة
وتصبح وزيرا
على المعوّقين
أو المعطّلين
أو الجرحى
لا يهمّ
ربما يُترك لها الخيار على أيّ من نوع من الضحايا ستصبح وزيرا
أيّها المناضل الأخير
هل هي لعنة الثورة
على الحكّام ؟
أم أنّ الشعوب قد جُنّت
وخرجت عن السيطرة الشرعية ؟
لابدّ من وجود دواء للحنظل
حتى يشرب نفسه
من دون أيّ امتعاض غير لائق
بالمرحلة
قالت الدولة:
لا يهمّ عدد الضحايا
ولا عدد الجرحى
لأنّ رصيد الشعوب ليس شخصيا لأحد
إنّه نعمة شرعية
للفائزين
ولا يدري أحد متى يفوز
إذا كان يتبارى على إمكانية الاحتفاظ بعقله
لمدة كافية
حتى يعود الشعب إلى جحيمه الخاص
ويمتنع عن النزول إلى الشوارع
بحثا عن التاريخ
هلّلوا
ولكن لا تصفّقوا
إنّ أناشيدنا كلّها قد صارت بالية
والشعارات
حطبًا للعاطلين عن الكلام
ومن يفقد صوته
عليه بأن يلّقن جميع أعضاءه
كلّ الحركات المناسبة للدفاع عن نفسه
إنّ الوجوه لا تملّ من البروز أمامنا
لتبرير موتنا
والإطلال على آلامنا من فوق الدولة
دون خجل أو وجل
أيّتها الشعوب
إنّ لعنة الثورة قد حلّت
ولابدّ أن ننزع كل التمائم عن العصافير
حتى تعود إلى الغناء.............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته