الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب والسلام

فاطمة الشيدي

2005 / 1 / 22
الادب والفن


الحرب والسلام " ليست رائعة تولستوي بالتأكيد هي ما أعني هنا ، بل لعل الفكرة في تمحورها حول الذات والرعب الخرافي المنقض عليها من الضجيج الداخلي الذي ينمو ويتوالد بكثرة ويحرك النفس البشرية في خطواتها المشرأبة بحمى الجزع نحو انفجار مرعب ، أقرب لرواية الجريمة والعقاب لـــ ديستوفسكي ،
إنها ببساطة هذه الـ ( نحن ) حينما تتسكع مشوهة أو مختومة بإمضاءة جفاف ، حينما نعلق على صدرها نياشين المجد أو تعويذة الفشل ، حينما ننصبها نبي أو جلاد ونفتح منها أو عليها شيئا من نيران ما لتصيب الأشياء بشيء من الحروق والقروح التي ستفرح فوهاتنا الفاتنة .
أحيانا كثيرة تخوننا المداخل حول فكرة ما ، وهنا تحاصرني اللغة والعبارات فعلا فأي مدخل مناسب لفكرة ليست سوى (أن إنسانيتنا ليست بخير ) هكذا فقط ، لا أكثر إنها حالة سرد مشوهة وناضحة بالجزع لحياة مزدوجة المعايير والأطر والقيم .
إن قراءة سيكولوجية الداخل المشوهة هي قراءة فاترة لا تصلح لحزن جميل لأنها باتت مستهلكة ومعروفة ، لكنها تفرض أحيانا نفسها علينا حين يفترسنا شجنها الخفي أو تحاصرنا تخرصات بعض أشباحها المنتفخين بالعلل ، تلك النفوس التي لاتراهن على البياض ولاحتى تكتفي بمجرد نقطة بل هو الوهم الفاغر فاهه كحرب ضروس تأكل الأخضر واليابس.
وهم مدجج بالكثير من الحرارة الخضراء والكثير من الشوك المنتصب لبدء المعركة المفتعلة ، دون كيخوته المنتصر لفكرة الوهم يسكن الرؤوس وهو بيديه القصيرتين وسيفه الأعزل مرشح تماما لبدء المعركة مع الطواحين والرياح .
فماذا ينقص الأوهام التي تسير بلا أحذية معانقة الغيب رافعة طاسات رؤوسها للسماء سوى التشدق والعجرفة ، ماذا ينقصها سوى تقمص دور وصي أو نبي في حلة وهمه التبشيرية ، ممتطيا لذة لغة لاتكون لغيره مطية.
هؤلاء الذين يخيطون أكفان الرؤيا بمصابيح منطفئة ، ويدسون خلف كل كلمة حجر مدبب الرأس ، يجاهرون الآخر بشيء من فراغهم المثقوب حد الامتلاء ، مسرفون في الصمت حتى إذا نطقوا كان للكلام لون الصفرة الباهت أو القيح .
اللون الأسود يحاصر كل شيء فينا من هذه الثياب التي تقمصنا حدادها ، حتى الحزن الذي نشتغله بدقة وحرفنة كصدار تريكو لطفل لم يولد .
وحينما تهب رياح السموم المنبعثة من الآخرون ( الذي هم الجحيم فعلا) تشتعل فتنته الفضية وتقتل أسراب عصافير فرحنا الصغيرة التي نتحايل لترفرف بين ضلوعنا دفعة واحدة .
يالا السأم ، حتى ذوي الأطراف المبتورة يحملون مقاصهم الجاهزة للقطع دائما ، يحملون سيوفهم الخشبية لمعركة بلا ساحة ، الساحات غيبوها هم والضباب في آن ، الساحة التي بلا أبطال وبلا تماثيل للتزيين وبلا حتى شلالات مياه تحفز على الصمت.
في بقعة ضجرة مكتظة بجفاف الجغرافيا والتاريخ كل الأيدى موصدة تدخر أصابعها لموت أكثر بهجة وحتى حين تكون الأيدي مفتوحة فليس للسلام والجمال بل لأشياء أكثر بلاغة في زمن الخسارات هذا .
رايات الحرب مرفوعة .فأينما تولوا وجوهكم فثمة اللاشيء ، مساحة كمينية مفخخة ، والسجال قائم وحالة إقصاء على أشدها .
علل ، انتفاخات ، وجثث تتدحرج على الأرصفة مفتعلة حروبها الصدئة ، مغطية وجوهها بأيديها في تقمص لدور وصي .
الأوصياء يتناسلون ، أوصياء ثقافة ، أوصياء لغة ، أوصياء دين ، وأوصياء موت ..
جثث معلقة في حبال الفراغ وأكفان محدودبة جاهزة تماما لابتلاع أسفار الرؤيا، روائح منبعثة من مستنقعات آسنة صدقت أعشاب البحر ..حروب شرسة .. وأمنيات سلام .و(000الله المستعان على ما تصفون). .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-