الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة المجتمعية سبب انتاج الاستبداد والحكام والمستعمرين نتيجة لذلك

سامي بن بلعيد

2012 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الثقافة هي جهاز المناعة التي يحمي اي امّة من فيروسات الامراض الثقافية المعادية او من فيروسات الامراض الموروثة من تأريخ الامة ذاتها , وما من شك ان الثقافة تشكل جسر العبور للوصول الى مواقع حضارية تنشدها الامة , فمتى ما كانت ثقافة الامة سليمة الحواس والمدارك استطاعة ان تسخر كل اسباب الحياة لصالح الامة واستطاعة ان تستلهم المفاهيم الخاصة بها والوافدة اليها مع اجراء التمحيص والتنقية اللازمة دون السماح للافكار والمفاهيم الهادمة بالولوج الى العمق الفكري والقيمي للأُمة .

ما من شك ان ثقافتنا العربية قد تعرضت للتعرية والغزو على مر القرون الطويلة نالت من خلالها الذهنية الفكرية والقيمية الكم الكبير من التمزق والشتات حتى فقدت حلقات التكوبن العام لثقافة ( العام ) او ما يسمى بالعقل الجمعي الذي من خلاله نستطيع ان نقرأ هويتنا الحقيقية المتكاملة التي تشخص الامراض وتحدد لها العلاج , ولم يبق لدينا سوى شيئ اسمه الذات , تلك الذات التي صارت تدور حول نفسها بصورة نرجسية بدوية غريبة ولكن الامر الخطير ان تلك الذات لم يعد لديها القدرة على اصلاح نفسها لانها لا تر نفسها والسبب في ذلك يعود الى السلوك العاطفي اللآعقلاني المتسم بطبيعته الشيئية .

بالنظر الى الثورات العربية في اربعينييات القرن العشرين وما بعدها وكبف كانت بداياتها القوية وما شهدته من زخم عارم إلاّ إنه للاسف أضمحل بالتدريج حتى عاد لنا بشكل استعماري داخلي أكثر استبداد ووحشية من الاستعمار الاجنبي ... ومرّت الايام الى الشكل الذي نعيشه اليوم والذي يظهر الصورة جلية ان التخلص من الاستعمار الاجنبي كان ثمنه باهضاً ولكنه كان ممكناً بينما التخلص من الاستعمار الداخلي قد اصبح باهضاً أكثر بل انه صار في بعض الاقطار وكأنه أمر مستحيل .

اسباب كل ذلك تعود الى الثقافة المجتمعية الغير ناضجة لادراك ما يهمها في التغيير وحماية الثورات , والعربي ومثلما اشرنا سابقاً عاطفي إنفعالي ولم يعد لديه خارطة اسنراتيجية لتسيير الحياة وشؤونها لان لُبّه ( عقله الواعي والمحايد ) في حالة جمود لا ينتج معرفة بقدر ما يحفظها او ينقلها ويقلدها .

وعندما نقول ان الثقافة المجتمعية هي السبب في انتاج حكام مستبدين او إبقاء سيطرة الاجنبي , فتلك هي الحقيقة ولولا سذاجة العرب وسطحيتهم لما ظلّوا ضحية على مر التأريخ الطويل ,,, وعند مناقشة أمر التحرر من الاستبداد والاستعمار والنخلف فلن يتم ذلك خارج إطار ذهنية العربي ذاته , لن يتم ذلك إلاّ من خلال تحرر العربي من كل مفاهيم الولاء الاعمى ومفاهيم الصراع والتخلف , لا بد من تحرير العقل العربي من اطار السجون الفكرية التي تقيد ذهنيته واكبر تلك السجون هي سجون التعصب الفكري الذي لا ير الآخر ولا يؤمن بالتنوع والتكامل .

وعند الحديث عن التحرر قد يطرأ السؤال : من اين نبدأ وبمن نبدأ ؟
فما من شك إن الاولى بالتحرر هم جمهور المثقفين على مختلف اطيافهم ومراكزهم , لانهم هم همزة الوصل بين المجتمعات وما تصبوا اليه , فهم القادرون على اجراء التغيير وصناعة الفارق نحو الافضل او العكس , والمجتمعات في الغالب تتبع مثقفيها فيا إمّا الى طريق الرشاد ويا إمّا الى الهاوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه