الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض المصطلحات والمعلومات الخاطئة في الإعلام العربي

معمر خولي

2012 / 4 / 11
الصحافة والاعلام


بعض المصطلحات والمعلومات الخاطئة في الإعلام العربي
لايزال الإعلام العربي المرئي والمسموع يزود مشاهديه ومستمعيه عبر نشراته الإخبارية وبرامجه الحوارية ببعض المصطلحات الخاطئة، كما يزود الإعلام العربي المقروء رواده سواء عبر الصحف الورقية المرموقة أو المواقع الإلكترونية الرصينة المعنية بالأخبار والمقالات التحليلية بمعلومات خاطئة أيضا. ومن الأخطاء المصطلحية الشائعة في الإعلام المرئي والمسموع ، ما نسمع من مقدمي الأخبار والبرامج الحوارية مثل عبارة " انهيار الاتحاد السوفييتي"، وهذا استعمال خاطئ للمصطلح، فالأدق أن يقال : " تفكك الاتحاد السوفييتي"، حيث يعرف القانون الدولي العام التفكك بأنه تفكك دولة إلى عدة دول سواء على أثر حرب، كما حدث لدولة (يوغسلافيا) التي تفككت نتيجة للحرب الأهلية إلى عدة دول في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، أو تفككها بطريقة سلمية كما حدث مع الاتحاد السوفييتي حيث تفككت إلى عدة دول أيضا ، أما الانهيار فيعني تلاشي المنظومة الفكرية في دولة ما مع بقاء الدولة كأن نقول على سبيل المثال" انهيار النظم الشيوعية في دول شرق أوروبا"، فمن المعروف أن دول شرق أوروبا في مرحلة الحرب الباردة كانت تعتنق الفكر الماركسي كموجه للدولة، ولكن الماركسية انزاحت عن المشهد السياسي في تلك الدول في مرحلة ما بعد الحرب الباردة واستمرت تلك الدول دون تفكيك. فالفرق واضح بين الانهيار والتفكك. ومن الأخطاء الشائعة أيضا عبارة" تنسيق التعاون بين البلدين " والأدق بين "الدولتين"، حيث أن هناك فرق بين مفهوم البلد ومفهوم الدولة فالأولى تعني المجال الأرضي من الدولة في حين الدولة الوطنية هي وحدة سياسية دولية، فقواعد القانون الدولي العام تخاطب الدول وليس البلدان بوصفها شخصاً من أشخاصه. كما نسمع أيضا خبراً مفاده" لقي ثلاث أشخاص مصرعهم أثر غرق مركبهم في أسوان جنوب مصر"، والأدق قول" جنوبي" مصر، لماذا؟ تعني جنوبي المحافظات التي تقع ضمن حدود الدولة، وهذا الأمر ينسحب على سائر الاتجاهات، أما جنوب مصر فيقصد بها الدولة أو الدول التي تجاور مصر من جهة الجنوب، فجنوبها السودان وجنوبيها أسوان. وتستمر الأخطاء الخبرية في الإعلام العربي المسموع والمرئي لاسيما فيما يتعلق بمصطلحات القانون الدولي البحري، مفادهما" دخلت سفينتين حربيتين المياه الإقليمية السورية" و" قامت القوات البحرية "الاسرائيلة" بالاعتداء على سفينة مرمرة في المياه الدولية". منذ التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون الحار لعام 1982، وفي 16 تشرين الثاني 1994 دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تصديق ستون دولة عليها، وبهذا التصديق طرأ التغيير في العديد من المفاهيم البحرية التقليدية ومنها مصطلح (المياه الإقليمية) الذي استبدل بمفهوم جديد وهو البحر الإقليمي، حيث عرفته اتفاقية قانون البحار في الجزء الثاني من الفرع الأول الفقرة الأولى بأنه" تمتد سيادة الدولة الساحلية خارج اقليمها البري ومياهها الداخلية، أو مياهها الأرخبيلية إذا كانت دولة أرخبيلية، إلى حزام بحري ملاصق يعرف بالبحر الاقليمي". وليس المياه الاقليمية. كما استبدل أيضا مصطلح المياه الدولية بمصطلح أعالي البحار حيث عرفته الاتفافية ذاتها في الجزء السابع منها الفرع 1- أحكام عامة، المادة 86 بالآتي" تنطبق أحكام هذا الجزء على جميع أجزاء البحر التي لا تشملها المنطقة الاقتصادية الخالصة أو البحر الاقليمي أو المياه الداخلية لدولة ما، أو لا يشملها المياه الداخلية لدولة ما، أو لا تشملها المياه الأرخبيلية، ولا يترتب على هذه المادة أي انتقاص للحريات التي تتمتع بها جميع الدول في المنطقة الاقتصادية الخالصة وفقاً للمادة 58". إذن أعالي البحار وليس المياه الدولية. نستنتج من ذلك أن الاعلام العربي المرئي والمسموع لا يدقق بالمصطلحات بالشكل المطلوب كما أنه لا يواكب المصطلحات المعاصرة للعلوم المختلفة، ونتساءل من المسؤول في رفد المشاهد والمستمع العربي وغير العربي بالمصطلحات الخاطئة؟، هل الخطأ يقع على عاتق محرر النشرة الإخبارية، ومعدي البرامج الحوارية، أم يقع على عاتق إدارة القناة الفضائية و إدارة الإذاعة التي لا تتوفر فيها كوادر متخصصة في مختلف المجالات أو- على أقل تقدير- الاستعانة بهم عندما تقتضي الحاجة لذلك؟
أما فيما يتعلق بالمعلومات الخاطئة التي ترد في المقالات التحليلية من قبل كتاب مرموقين، فهي موجودة، فبعض الكتاب يعرضون في مقالاتهم معلومات خاطئة- عن غير قصد- يضلل بها القارىء وهذا أمر غير مستساغ. ومن هذه الأخطاء -على سبيل المثال- ما أورده أحد الكتاب في إحدى مقالاته اليومية في صحيفة ورقية ولها موقع على شبكة المعومات الدولية ( الانترنت)، بأن (جمال جورسيل) الذي قاد انقلاب عسكري في تركيا عام 27 آيار 1960، أقدم على تنفيذ حكم الإعدام برئيس جمهورية تركيا الأسبق (جلال بايار)، وهذه معلومة غير دقيقة إطلاقاً، والصواب أنه على الرغم من صدور حكم الإعدام إلا إنه لم ينفذ، واستبدلت عقوبة الرئيس الأسبق من الإعدام شنقاً ألى السجن المؤبد بسبب تدخل رئيس جمهورية تركيا الأسبق (عصمت اينونو)، أما الذين أعدموا في 17 أيلول1961، على خلفية الانقلاب هم عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا الأسبق، ووزير خارجيته فطين رشدي زورولو، ووزير ماليته حسن بولاتكان. و هناك كاتب مرموق آخر ذكر في احدى مقالاته على موقع الكتروني رصين بأن من أعدم عدنان مندريس -رئيس تركيا الأسبق- هو كنعان افرين قائد الانقلاب العسكري الذي وقع في تركيا في 12 أيلول 1980، وهذا خطأ معلوماتي آخر، فعدنان مندريس كان رئيساً لوزراء تركيا من المدة 9آذار1951 إلى 27آيار1961، حيث ترأس خلال تلك المدة خمس وزرات تركية، وأشرنا إلى إعدامه آنفاً، أما كنعان أفرين كان قد أسقط في انقلابه العسكري الحكومة السادسة(12 تشرين الثاني 1979- 12 أيلول1980 ) لرئيس وزراء تركيا الأسبق سليمان ديميريل ولم يعدمه. والمؤسف في هذا الأمر أن باحثاً أعد كتاباً عن تركيا نشر في عام 2011، وظف المعلومة الخاطئة التي تتعلق بقيام كنعان افرين بإعدام رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس في إحدى جزئيات الكتاب. ونتساءل، كم من قارىء قرأ هذه المعلومة الخاطئة على أنها مسلمة من مسلمات تاريخ تركيا السياسي المعاصر؟!،
إن الاهتمام في تجربة تركيا وأي تجربة أخرى تقتضي من الكُتاب بمختلف مسمياتهم تحري الدقة المعلوماتية، لأن هناك حق للقارىء على الكاتب أن يوصل له المعلومة الصحيحة وليس عكس ذلك. وفي صحيفة أخرى عرجت إحدى الكاتبات إلى المشادة الكلامية التي حدثت بين رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) ورئيس الكيان الصهيوني (شمعون بيريز) على أنها حدثت في إحدى (مؤتمرات الاتحاد الاوروبي)!، ناهيك عن المعلومة الخاطئة، حتى الوصف غير دقيق، لا يوجد في هيكلية الاتحاد الاوروبي مسمى مؤتمرات وإنما مؤسسات كالمجلس الأوروبي، ومجلس الاتحاد(مجلس الوزراء)، والمفوضية، والبرلمان الأوروبي.وعلى الرغم من ذلك لم تحدث المشادة الكلامية في أي من مؤسسات الاتحاد الاوروبي وإنما وقعت في إحدى جلسات منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في تاريخ 29 كانون الأول 2009. ونفس الكاتبة ذكرت في مقال آخر معلومة خاطئة وهي أن عام 1988، دون ذكر اليوم والشهر، شهد تحطيم جدار برلين، والمعلومة الصحيحة أن جدار برلين حطم في 9 تشرين الثاني عام 1989.
والجدير بالذكر أن تلك الصحف والمواقع الاخبارية على شبكة المعلومات الدولية تقدم لقرائها خدمة التعليق على المقالات من منطلق الرأي والرأي الآخر، ومن تجربتي البسيطة في التعليق على المقالات، لا أعلق إلا على المقالات التي يرد فيها معلومات خاطئة وذلك للمنفعة العامة، لكنني توصلت لقناعة بأن معظم خدمة التعليق على المقالات تسير في اتجاه واحد وهي التمجيد فيما يكتب فقط، وتحجب عن النشر أي تعليق يرمي إلى تقويم المقالة. فالقارىء ليس من مهمته التبجيل فيما يُكتب فقط وإنما إبداء رأيه وتصحيح الخطأ المعلوماتي- إن حدث-. فإذا كانت علاقة بين الكاتب والجهة الناشره لمقالته مع القارىء كعلاقة الشاعر ابن الهانىء مع المعز لدين الله الفاطمي. فهذا يعني استمرار استبداد من نوع آخر في مرحلة التغيير العربي. وما نتوق إليه من مصطلح منضبط ومعلومة صحيحة تكاد تكون صرخة في وادٍ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟