الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المعوقات الجديدة في العام 2012م
عبد الحميد الموساوي
2012 / 4 / 11القضية الفلسطينية
المعوقات الجديدة في العام 2012م
في النزاع الإسرائيلي_الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية.
ما معوقات إقامة الدولة الفلسطينية؟ هو سؤال مطروح منذ أن تقدم الرئيس (محمود عباس) بالطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة في أيلول من العام الماضي، كمحاولة من السلطة الفلسطينية لرسم إستراتيجية جديدة هدفها كسر سياسة الأمر الواقع التي فرضتها إسرائيل عبر طلب انضمام الدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها، والتي عدّها صانع القرار الفلسطيني مغادرة لطاولة المفاوضات.
ويمكن لنا التأكيد في هذا السياق بوجود نقاط مفارقة عديدة حالت دون ذلك:
1- وجود تفاوت كبير بين الموقفين الفلسطيني ممثلا بمنظمة التحرير التي ترى ضرورة أن تفضي المفاوضات مع إسرائيل إلى إقامة دولة فلسطينية على كامل مساحة الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة منذ العام 1967م، في الوقت الذي تشترط حكومة ( بنيامين نتنياهو) على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل في مقابل قبولها بدولة فلسطينية منزوعة السلاح وغير محددة المعالم.
2- لقد سرّعت حكومة (بنيامين نتنياهو) من وتيرة النشاط الاستيطاني لتهويد أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية وبشكل خاص مدينة القدس، والجليل وبيت لحم... سعيا منها لمحاصرة أهداف الفلسطينيين العليا وخاصة هدف الدولة الفلسطينية ذات السيادة في الضفة والقطاع.
3- ثمة مؤشرات على اتفاق بين إدارة الرئيس (أوباما) وإسرائيل على استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي بأشكال ومسميات مختلفة، مثل النمو الطبيعي للمستوطنات، وهو ما يؤكد على عدم جدية موقف إدارة (أوباما) بشأن حل الدولتين، فضلا عن العلاقات الإستراتيجية الراهنة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمعبر عنها بدعم الولايات المتحدة لتوجهات إسرائيل السياسية والعسكرية، إضافة إلى المساعدات المالية الأميركية لإسرائيل والتي تجاوزت (110) مليارات دولار خلال الفترة الممتدة بين العامي 1951م، و2009م، وإذا كانت سنة 2011م، قد عدت سنة التغييرات والثورات العربية، وهي سنة تاريخية مفصلية انتفض فيها الإنسان العربي ليفرض إرادته، فان الإدارة الأمريكية حاولت الفصل ما بين التغيرات في العالم العربي وبين انعكاساتها الإيجابية الممكنة على الوضع الفلسطيني؛وهي تسعى إلى منع الأنظمة العربية من القيام بأية إجراءات من شأنها تصعيد العداء مع إسرائيل.
ويعدّ الاستحقاق الانتخابي في العام 2012م، في إسرائيل وفي فلسطين وفي الولايات المتحدة الأمريكية،فضلا عن تعقيدات المفاوضات بين حركة حماس وحركة فتح، والتصلب الإسرائيلي...كلها معوقات أخرى جديدة في طريق السلام وإقامة الدولة في ضل غياب كل أفق جديد لإعادة انطلاق المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، في حين يعمل قادة الاتجاهين الرئيسين المتنافسين الفلسطينيين لحركتي: فتح وحماس بجهد جهيد على تجسيد اتفاقياتهم للتقارب بينهما التي ما تزال حتى الآن حبرا على ورق.
وكانت الخطوة الجديدة التي تم تجاوزها في 6 شباط تتمثل في إعلان التشكيلة المقبلة للحكومة المؤقتة المشتركة التي ستكون مكلفة بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية، هذه الانتخابات التي تم تأجيلها منذ عدة سنوات، وتحديدا في (الدوحة) عاصمة دولة قطر، والتي أصبحت ملتقى لا بديل عنه لكل التسويات وكل المصالحات العربية، فقد توصل كل من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية (محمود عباس)، ورئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية حماس (خالد مشعل) إلى التفاهم من اجل تشكيل حكومة من التكنوقراط المستقلين، والتي من المؤمل الإعلان عنها في 18 شباط من العام الجاري.
وفي الحقيقة لقد تطلب الأمر أكثر من عام باكمله من الانتظار من اجل التوصل إلى هذا الاتفاق الذي كان متوقف على اختيار شخص رئيس الحكومة، فضلا عن صعوبة تجسيد ذلك لمواجهة الصمت والتحفظ الكبيرين من مسئولي حركة حماس في قطاع غزة. لقد كان رئيس الوزراء للسلطة الوطنية الفلسطينية الحالي(سلام فياض)، رجلا اقتصاديا لامعا و محترما ومفضلا من قبل الدول الغربية والمؤسسات المالية والدولية، وكذلك الرجل المفضل لـ (محمود عباس)، إلا انه اصطدم بالفيتو الذي رفعته حركة حماس في وجهه، وهكذا تم التضحية به فيما سيقود السيد (محمود عباس) الحكومة المؤقتة القادمة، هذا الرجل الذي ما يزال يحظى بقبول نوعا ما في الأوساط الفلسطينية.
التخلي عن السلام
وترى الحكومة الإسرائيلية: أن كل تقدم على طريق المصالحة بين حركتي: فتح وحماس، ومعناها: الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وكأنه خطر عليها،وهكذا صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي(بنيامين نتنياهو): بان اتفاق (الدوحة) يعني: أن السيد(محمود عباس) قد اختار(التخلي عن السلام)، وقد أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية في 5 شباط الجاري على ان الشيء الوحيد الذي يضمن الأمن والسلام في الشرق الأوسط هو (القوة).
وهذه التحذيرات المذكورة انفا لا تؤثر كثيرا في رئيس السلطة الفلسطينية، لا سيما بعد اللقاءات الخمسة الإسرائيلية الفلسطينية غير الضرورية التي التأمت في (عمان) بدفع من اللجنة الرباعية الدولية التي فقدت كل ضرورياتها ومصداقيتها. وقد فشلت هذه المباحثات في الأردن مرة أخرى عندما تناولت موضوع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، هذا الموضوع الذي يطالب به الفلسطينيون كما المجموعة الدولية منذ سنوات عدة.
وفي الحقيقة: إن هذه المواقف التي يقال عنها: أنها شروط فلسطينية، ليست في الحقيقة سوى متطلبات تطبيق المرحلة الأولى من خريطة الطريق التي تم اعتمادها في 30 نيسان من العام 2003م، أي منذ قرابة تسع سنوات، وتشير خريطة الطريق هذه التي أصبحت مرجعا إجباريا للدبلوماسية الدولية على الرغم من وفاتها في ديباجتها وفي نقطتها الأولى إلى نهاية الاحتلال الذي ابتدأ في العام 1967م، والى التزامن بين نهاية العنف، وتطبيق إجراءات التجميد التام للاستيطان، ومن ضمنها: النمو الطبيعي للمستوطنات القائمة.
ويتفق كل العالم اليوم، ومن ضمنهم: المسئولين الإسرائيليين على الاعتراف: بان السيد (محمود عباس) قد وضع حدا للعنف، وان السيد (سلام فياض) قد أنجز إصلاحات في العمق اعترفت بها المنظمات المالية والنقدية الدولية, وعلى الرغم من ذلك، فان الاستيطان ما يزال مستمرا بقوة كما تم التخطيط له عندما قرروا إنشاء آلاف المساكن في المستوطنات من اجل معاقبة الفلسطينيين بسبب طلب الاعتراف بدولتهم في الأمم المتحدة في أيلول من العام الماضي.
وبحسب منظمة (السلام الآن) الإسرائيلية، فان عدد إجازات البناء الإسرائيلية للبناء في القدس الشرقية قد وصل في العام 2011م، إلى رقم قياسي منذ عشر سنوات.
وفي عمان بقيت نقاط وجهات النظر بعيدة عن بعضها البعض، وحتى محضر الجلسات والمفاوضات، والذي كان موضوعا لعدم الاتفاق.
ففي حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو): بأنه ( قد عرض منشورا من 21 نقطة) مفصلا حول مختلف مراحل التفاوض، فانّ السلطة الفلسطينية قد أكدت أن ذلك المحضر لم يكن سوى إشارة لعناوين المراحل بدون محتوى، وبدون اتفاق حول الحلول المقترحة من قبل إسرائيل، وعلى العكس من ما أرادته اللجنة الرباعية التي تطالب بمواقف مفصلة في سبيل تحقيق التسوية السلمية.
إن التصريحات الإسرائيلية في أثناء تلك اللقاءات قد بّينت: بان الإسرائيليين ينوون إقامة حدودهم على مخطط جدار الفصل في الضفة الغربية، والذي يضم المستوطنات، ومن ضمنها: مستوطنات القدس الشرقية، وهكذا فان القيادي الفلسطيني (نبيل شعث) يرى، بان المنشور الإسرائيلي ليس سوى كتابة إنشاء حول السلام من قبل طالب جامعي.
المسئولية الرباعية
في ظل هذه الاوضاع، فانّ السلطة الفلسطينية لا تعد ترى مصلحة من اجل التفاوض للتوصل إلى إقامة دولة، والتي كان (بنيامين نتياهو) قد قبل بها في ظل شروطه في حزيران من العام 2009م، والتي لم تعد لها حظوظ لترى النور نظرا لفقدان الارضية الصالحة لها. هذا المأزق، هو كذلك مأزق اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط ، وهذه اللجنة الدولية الشكلية التي أقيمت قبل عشر سنوات، والتي لم تنجح أبدا لا في تحسين اوضاع حياة للفلسطينيين، ولا في تقريب وجهات النظر،ولا في رسم آفاق السلام، وهذه اللجنة الرباعية قد فشلت كذلك في شهر أيلول من العام الماضي عندما- بعد أن عجزت عن نشر أي تصريح طيلة أشهر عدة – كان لها موقفا على اثر خطاب (محمود عباس) في الأمم المتحدة عندما طلب الاعتراف بدولة فلسطين.فقد أعلنت الرباعية: بأنها تسعى إلى تحقيق السلام في العام 2012م، في الوقت الذي فشلت فشلا ذريعا طيلة العشرين عاما الماضية التي أعقبت اتفاقيات أوسلو. وقد كشف تقرير داخلي من 16 صفحة للاتحاد الأوروبي: بان السياسة المتبعة من قبل الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية لم تتغير ولم تتبدل، وان إقامة دولة فلسطين في حدود العام 1967م، تبدو وكأنها بعيدة أكثر من أي وقت مضى . إن نافذة الأمل من اجل الحل القائم للدولتين هو بصدد الانسداد.
الآفاق الواعدة في العام 2012م
لقد كانت الآفاق مع ذلك واعدة قبل عشرة أعوام، ففي العام 2002م، وبعد عدة أشهر أعلن مجلس الأمن: انه مع الحل الذي يقوم على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل ,فيما اقترحت الدول العربية على إسرائيل مشروعا جماعيا لسلام شامل، وقد تشكلت آنذاك اللجنة الرباعية من اجل التوصل إلى تسوية شاملة، ونهائية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ومع ذلك فان هذه الأحداث الواعدة لم تنجح في تغير الأوضاع في الشرق الأوسط التي أخذت منحى أكثر فأكثر تعقيدا.
إن العام 2012م، لا يستعد أبدا إلى إطلاق مشروع جديد للمفاوضات، نظرا لأن هنالك انتخابات ستعقد في الولايات المتحدة الأمريكية، وربما في إسرائيل، وكذلك الحال يمكن أن تجري انتخابات فلسطينية إذا ما نجح الاتفاق بين حركتي: فتح وحماس، وما يمكن من أن يطرح كإشكالية حساسة لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية إذا ما أصرّ (محمود عباس) على عدم الترشح لها.
إن حركة حماس التي تمر بمرحلة تحوّل كبير مدعوة كذلك في الصيف القادم إلى تجديد مكتبها السياسي الذي يعد جهاز القرار الرئيس للحركة، وقد أعلن (خالد مشعل) الفاعل الرئيس للتقارب مع حركة فتح: بأنه سوف لن يترشح هو الأخر مرة أخرى لرئاسة المكتب السياسي للحركة، وهكذا فان كل الحظوظ سوف تجمّد في الأشهر القادمة بسبب التجديد المحتمل والمتزامن لكل الفواعل الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، وفلسطين، وهو الأمر الذي لم يحدث أبدا من قبل.
استعادة الجهود في الأمم المتحدة
وهكذا فإن الفلسطينيين مدعوون إذا للاستدارة والبحث من جديد عن آفاق أخرى غير المفاوضات، إن استعادة الجهود في الأمم المتحدة قد بدأت حظوظها بالنجاح عند الحصول على عضوية اليونسكو في شهر تشرين الأول الماضي، في الوقت الذي ما يزال طلب الاعتراف بالعضوية في مجلس الأمن يراوح مكانه بسبب المعارضة الأمريكية، ولا سيما في العام الاستحقاق الانتخابي في الولايات المتحدة الامريكية، و كان مسئول المفاوضات الفلسطينية السيد (صائب عريقات) قد صرّح: بانّ العام 2012م، سيكون عام الخطوات الفلسطينية في الأمم المتحدة، وكل المنظمات الأخرى، وربما كان القرار الذي أقدمت عليه ألمانيا مؤخرا برفع التمثيل الفلسطيني في (برلين) إلى مستوى بعثة دبلوماسية يبيّن: بان السلطة الفلسطينية يمكن لها أن تحقق مكاسب دبلوماسية أخرى.
وهنالك مسئولين فلسطينيين كانوا قد أعلنوا: انه من المحتمل إجراء مراجعة للاتفاقيات السابقة مع إسرائيل، لاسيما في الميدان الاقتصادي والأمني، لان ذلك كان ضمن اتفاقيات مؤقتة في انتظار حصول التقدم السياسي المطلوب الذي لم يتجسد أبدا على الأرض، ويبقى السلاح المهم الأخير، الذي يثار والذي ستكون له آثار هائلة هو: استقالة الرئيس (محمود عباس)،وربما حل السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما سيكون من آثاره عودة مسئولية الإدارة اليومية للأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل، وهو ما لا تريده إسرائيل مهما كان الثمن.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا