الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة كردية حقيقية من الماضي لم تحدث!

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 4 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


سأل طفل كردي أباه قبل ان يأوي الى الفراش ليلا عما سمعه من اصدقاءه بأن الكرد أرادوا يوما أن تكون لهم دولة مستقلة ولكنها لم تحصل, فحدق الوالد في سقف الغرفة وأخذ شهيقا عميقا وقال: ايه يا ولدي, لاأريدك في هذا العمر أن تعرف شيئا عن السياسة فماذا تريد أن أقول لك؟ الا ان عبراته حتمت عليه ان يُعلم ولده بما حدث, فوضع يده على رأسه وسرد عليه الحكاية قائلا: كان ياما كان في قديم الزمان حاكم ظالم استوى على كرسي الحكم في العراق اسمه (صدام حسين), ورغم سطوته وجبروته فقد كان كثير من الناس يعارضونه وانشق عن طاعته اقليم كردستان, وبعد أن صار الحاكم مشكلة كبيرة اضرت بمصالح العالم, وبلاده تملك من الثروات, تحت الارض وفوقها, مالاتحصى اسالت لعاب الطامعين فيها من شرق وغرب, شنت امريكا, والتي كانت في ذلك الحين أقوى دولة في العالم, الحرب على العراق واسقطت النظام فيه, فصار الحكم بعد ذلك دستوريا وجرت انتخابات وصار للبلاد برلمان حيث تحول الحكم بشكل كامل فيها الى (الديمقراطية), اما كردستان فقد تمتعت بحكم محلي في ظل حكومة وبرلمان محلي مستفيدة من الدستور العراقي الذي اباح النظام الفيدرالي. ولما لم يكن العرب يألفون هذا النوع من الديمقراطيات, فقد ثارت حميتهم فانقلبوا على حكامهم طمعا في (ديمقراطيات) تزيح ظالمين حكموهم لفترات طويلة ايضا. وتعددت اشكال الانقلابات على الحكام, ففيما جرى تسليم السلطة سلميا في تونس ومصر واليمن, فقد سال الدم في سوريا حتى بلغ الزبى, اما في ليبيا فقد طلب العرب والعجم من امريكا واوربا ان يسقطوا حاكمها بالحرب, كما حدث في العراق, فسال الدم فيها وتنعمت ليبيا بعدها بال (ديمقراطية). ولما صار سقوط الحكام عرفا وبدأ يطال القريبين والبعيدين من امريكا و لايستثنى احدا, تخندقت دول في محاور اتقاء شرور المستقبل أو استحواذ لخيرات من نكبت بهم (الثورات), وما ان انجلا غبار بعض من تلك الثورات حتى بدت المحاور تبدوا للعيان, وتركزت في محورين, اولهما محور قطر- تركيا المرتبط بالغرب, ومحور ايران ومن شاركها المصالح في معاداة امريكا. أما العراق فقد بدأ الحكم فيه يسير على السراط المستقيم, وعلى جهتي السراط امريكا وايران, وفي كردستان تمسّك حاكموها ومن انتدب عنها في مشاركة الحكم في بغداد, بحبل يوصلهم بحاكمي بغداد ويسيرون قلقين خلفهم على السراط المستقيم. اراد رئيس الاقليم وكان اسمه (مسعود البرزاني) ويرأس حزب له هيمنة عسكرية على نصف الاقليم الذي يضم العاصمة (اربيل), ان يتخلص من ذلك السير المتعب على السراط, وينحاز الى المحور الذي تيقن بانه الغالب في النهاية, الا وهو محور تركيا- قطر, فنسق معهما واستشار, ولما كان حاكم العراق, واسمه (نوري المالكي), في حينها اقرب الى ايران, فقد كانت فرصة ذهبية لرئيس الاقليم, اذ حمل على حاكم العراق منتقدا اياه بالتفرد في الحكم في عين الوقت الذي بشر شعبه بالانفصال عن العراق وتحقيق حلمهم الذي طالما انتتظروه بانشاء دولتهم المستقلة (كردستان). وما أن حل يوم النوروز, وهو عيد قومي لدى الاكراد, أوفىٰ رئيس الاقليم بعهده, واعلن من جانب واحد قيام (دولة كردستان) جمهورية مستقلة وذات علٓم, تعمل على اصدار دستور لنظام حكم (ديمقراطي). لم تعترف حكومة بغداد بالدولة الوليدة وتهيأت الدول المجاورة لاتخاذ مايلزم لحماية مصالحها والظرف الجديد, وتحركت حكومة بغداد بضم الاقليم اليها بأي وسيلة كانت والغاء الدولة الجديدة, وحتى الحكم المحلي فيها والذي رأو فيه مشاكل انغصت عليهم نومهم لفترة طالت. تحرك الجيش من بغداد واراد اخضاع كردستان, فما كان من رئيسها الا ان طلب العون من تركيا وقطر, فدخل الجيش التركي واحتل الجزء الذي يهيمن عليه حزب الرئيس من الدولة الجديدة بما فيه العاصمة (اربيل), ولما لم يرضى الجزء الآخر من كردستان بدخول الجيش التركي, وهو الجزء الذي يتسيده حزب آخر يرأسه رئيس جمهورية العراق آنذاك (جلال الطالباني) وكانت فيه من الحركات والاحزاب مالا يروقها البرزاني, أرادوا اخضاع ذلك الجزء أيضا بالقوة، فنشأت عن ذلك حرب أهلية اكلت الاخضر واليابس وزاد من نارها دخول ايران في الحرب على الضد من تركيا. واستسلمت بغداد لامرها وانكفأت على نفسها حيث لم تكن لها طاقة في دخول الحرب. اعلنت تركيا بانها سوف تبقىٰ لأجل غير مسمى في المناطق التي احتلتها على النحو الذي عملته في قبرص في وقت سابق حين احتلت الجزء الشمالي من الجزيرة والذي تسكنه أغلبية تركية واعلنت فيه (جمهورية) لم تعترف بها اية دولة في العالم عدا تركيا نفسها. وبدأت تركيا تتحدث عن عائدية الجزء الذي تحتله في كردستان اليها تساعده في ذلك دولة قطر الصغيرة التي رأت في الوضع فرصة لها في استملاك الاراضي والاستحواذ على الثروات, أما ايران فقد اكتفت بمعاداة تركيا وقطر, ومن وراءهما امريكا, بالكلام أو من خلال نفوذها في العراق. وبسبب ذلك فقد بدأ الكثير من الشباب الكردي في الانخراط في صفوف البيشمركة, كما هي عادتهم على مر التأريخ, يقاتلون كل من احتلهم آملين الحرية والتحرر. وحينما انهى الأب قصته بآخر ماقال: (وبقي الحال كما هو عليه الى يومنا هذا) انقلب الطفل على جنبه الآخر حيث كان قد غرق في نوم عميق. ولما اشرقت شمس الصباح استيقظ الطفل وأخبر اباه قائلا: أبتاه, لقد رأيت في منامي أني كبرت وأصبحت بيشمركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.


.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو




.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza