الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرات في القصة القصيرة

طالب عباس الظاهر

2012 / 4 / 12
الادب والفن


نظرات في القصة القصيرة

طالب عباس الظاهر

(1)

القصّة القصيرة عانت طويلا خلال الزمن الماضي عندنا وما زالت، بل لعلها ستظل تعاني أيضاً، وفي مقدمة ما تعانيه استمرار تداعيات ذاك الواقع المرير بهذا الشكل او ذاك وبهذه الكيفية أو تلك.. وانسحاب ظلاله القاتمة من الأمس إلى اليوم .. مما يعني تجدد اصطدامها بالحواجز ذاتها، وربما استجد غيرها، التي لا زال يقيمها بعض خبراء المؤسسة الثقافية الرسمية ـ أساطين النظر ودهاة الكلام ـ ويسوّروا حصونها، ويحفظوا بها أسرارها، لتلبد سماء الثقافة الأدبية من جديد بسحبهم الكثيفة من الغبار والدخان التي تحجب فقط أشعة الشمس، لكنها بالطبع ليست كالغيوم التي تجود بالمطر، اولئك ورثة الكراسي والمسؤوليات الذين لا يمكن بأي حال من الاحوال عدّ (تقارير فحصهم) بديلا مناسبا لفيصل القانون للنظرية الاجناسية المفتقدة في قصّتنا العراقية القصيرة، لاستحالة تأثرها، هي الأخرى، وكما أولئك بعوامل المحاباة والمجاملات والإخوانيات، وما إلى ذلك من طبخات العلاقات الشخصانية .. التي كانت وما زالت تتحكم بمقاسات ـ الصالح للنشر من غيره ـ التي تعودوا السير في ركابها طويلا، بسبب كون الاحتكام الى الثوابت يلغي من حساباتها كل تلك المفاهيم الفاسدة، وكون الأمر باختصار شديد، بلورة حقيقية للوعي الجمعي بهذا الصدد.
وهو اشد ما تحتاجه القصّة القصيرة خصوصا في هذه المرحلة الحرجة ما بين انفتاح فضاءات الحرية المطلقة، ومحاولة التخلص من قيود نفق الدكتاتورية الضيق التي رزحت فيه طويلاً، لموازنة مساراتها وعودتها ولملمة أشتاتها وتبعثرها المرير في متاهات الادلجة خلال تلك العقود المظلمة من الضياع ما بين تسييسها لخدمة توجهات الدكتاتور المتهورة وتعبويتها في ادامة عجلة الموت لتلك الحروب المدمرة بإفراز سلسلة (ادب قادسية صدام) او ما شاكلتها من السلاسل من الإصدارات المماثلة، وبين حرية النشر وسهولته التامة ، ومجانية التوصيف شعراً كان أم قصة ، كما في غيرهما من أجناس الإبداع الأدبي .. آخذين بعين الاعتبار حداثة عمرها كفن مستقل في أدبنا العراقي، بل والعربي أيضاً ، بالمعنى الفني وليس الاصطلاحي كون القصة وجدت مع الانسان ولا تموت إلا بموته.
بيد إن مقاييس الإبداع الحقيقية في القصة مثلما هي في كل الفنون الادبية لا يمكن أن تنبع إلاّ من ذواتها المبدعة، طبعاً مع مراعاة كلا الطرحين سواء في منحاه القديم (الكلاسيكي)، وكذلك الحديث في موجات ما يسمى بالحداثة وما بعد الحداثة.
اذ ان القصة على وجه الخصوص لا يمكن استخلاص قوانينها، وتأشير جمالية فنها، بمعزل عن متنها الحكائي، من خلال الكشف عن مديات التخليق في المساحات الإبداعية.. بإضافتها لمناطق اشتغال واعية على خارطة الإبداع، والتأسيس في فراغات اللاشعور وليس الوهم ـ كما في كثير من الأطروحات ـ وأسلبة الطرق بخطوات عملية، للسمو في القيم الاصيلة للمفاهيم الإنسانية العميقة غاية الإبداع، وديدن التجارب الحقيقية التي ربما لا يؤصلها شيء؛ مثلما يؤصلها الاقتراب من البؤر المتوهجة، ومراكز الإشعاع الإنساني، لإضاءة اشد الزوايا عتمة في الالم والمعاناة الوجودية لإنسان العصر.. بنبل الغايات لرسالتها الهادفة من اجل رقي الحياة وحثها صوب فجر كمالها الآتي.
اذ ان اشد ما يجذب الانتباه، ويحفز الشعور، ويطرب الطبيعة البشرية، ويقرّب الإنسان لتوأمه الإنسان.. بعيداً عن جنسه ولونه وعقيدته، وما إلى ذلك من محددات؛ هي تلك الدغدغات الموحية في مثل ذلك الرصد الشاعري للمكنونات الدفينة في الذوات، بما تمثله من المشتركات الوجودية ما بين البشرية، وفي الحديث الشريف (الناس صنفان: اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، واستنفار ذلك القلق الأزلي المستتر، والبحث المستمر عن الحقيقة وأسرار الجمال، لبث الأمل، والاستجابة لدعواته الملحة، من اجل التحامها في مواجهة الغامض والمجهول من الأخطار الخارجية، وتوحدها لدفع هواجس الموت، وتهديدات القدر الدائمة بالفناء.
حينئذ ينبثق شعور متأصل في الذوات المرهفة، وتتوهج فيها طاقات جديدة مستمدة من خزين التجربة الإنسانية المعمقة.. من خلال سعادة المشاركة، بغبطة الالتقاء، ونعمة التماثل، بعدالة الخلق، ووحدة المصير بالانصهار والتوحد في بوتقة هذا الوجود.
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح