الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان على فوهة بركان

حسن عماشا

2012 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لبنان على فوهة بركان
اعتاد اللبنانيون اللهاث خلف الأحداث، كل شيء يولد عندهم هو ابن اللحظة. فلا مقدمات يمكن الاستدلال على مساراتها ونتائجها ؟!. ما يجعلهم دائما يدخلون بها متأخرين وفي غالب الأحيان من الأبواب التي يُقصد إدخالهم بها، بما يخدم من يخطط لجعل لبنان يغرق باستمرار في الأزمات والتوترات التي تعطله عن مواجهة التحديات الحقيقية المعيقة لنموه وارتقائه.
قد يحتج البعض على هذا التعميم حيث أن كثر يعتبرون أنفسهم أنهم يملكون من الوعي والمعرفة التي تحصنهم وتبقيهم في دائرة الخيارات الحرة في اتخاذ المواقف!. لكن مع التقدير والاحترام لهذا البعض، ما يستدعي التعميم هو ان الوقائع التي نعيشها والاتجاه العام لمسار الأحداث في لبنان والتي تبين بما لا يدع مجال للشك ان هذا البلد مفعول به اكثر من أن يكون فاعلا.
لا نغفل هنا عن مكامن قوة عبرت عن نفسها فعليا في مواجهة تحديات خطيرة سواء تلك المتمثلة بالعدوان الصهيوني او تلك التي منعت الانزلاق نحو حرب اهلية كادت ان تشتعل في اكثر من مناسبة. لكن حتى هذا لا يمكن الركون اليه الى ما لا نهاية في ظل تخبط لبنان بالأزمات على مختلف الصعد في كافة المياديين.
اجرى العدو الصهيوني اخر مناورة (نقطة تحول 5) قبل نحو عام ونيف. وكانت المناورة الخامسة التي يقيمها ويشرك فيها السكان "المدنيوين". انشغل اللبنانيون ومن خلفهم العرب بأخبار المناورة واستمرت لأشهر المقالات والتحليلات بين اعتبار المناورة مقدمة لحرب جديدة على لبنان والدعوة الى "إزالة الزرائع". وبين وثوق بالقدرة على مواجهة هذا التحدي. وأصبح أي كاتب يقدم النصائح بالسبل الواجب اتباعها لحماية لبنان من أي عدوان جديد. ومن ثم انطلق ما سمي "الربيع العربي" واحتلت عناوين نشرات الأخبار ومونشتات الصحافة اخبار "الثورات العربية" وكالعادة ينقسم اللبنانيون حول الموقف الواجب اتخاذه. إلى أن انفجرت الأوضاع في سوريا واتخذ الانقسام اللبناني طابعا حادا وبات سمير جعجع على سبيل المثال لا الحصر يعدد المدن والبلدات السورية ويتابع مجرى الأحداث فيها اكثر مما يعرف من مدن وقرى لبنانية خارج الغيتو من المتحف للمدفون.
وتقاسم اللبنانيون الموقف بين مؤيد للنظام ويطلق التوصيفات والتهديد والوعيد لمعارضيه. وآخر يقدم النصائح للنظام بما يجب القيام به للخروج من الأزمة. وبين معادي له وحاقد عليه لدرجة انه غيرمستعد أن يرى فيه الا الشيطان وكل من يعارضه من جنس الملائكة.
وتناسى اللبنانيون أن بلدهم تتعمق فيه الانقسامات العامودية بين المناطق والطوائف. في ظل تفاقم الأزمات التي لم يعد بمنأى عنها أي قطاع من قطاعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية والخدماتية التي تطال حياتهم اليومية في كل مستلزماتها. حتى قطاع المصارف والمؤسسات المالية التي استأثرت بأكثر من 60% من الناتج القومي منذ العام 1992 هي نفسها اليوم معرضة للتهديد.
كما يتجاهل اللبنانيون أنه يعيش بينهم ما بين 300 و500 لاجئ فلسطيني موزعين على مخيمات في كبرى المدن اللبنانية من العاصمة بيروت الى طرابلس الى صيدا وصور في الجنوب. ويعيشون في ظروف أشبه ما تكون معسكرات اعتقال تفتقر الى أبسط الحقوق المدنية والاجتماعية. ما يجعلهم قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار بأي وقت.

وهذا غيض من فيض مما يتخبط فيه لبنان، ما يجعله بركانا هائجا وأية مغامرة فيه قد تدخله في آتون ليس في المدى المنظور من هو قادر على اخراجه منه.
فهل هذا يعني اننا على ابواب حرب اهلية ؟ نسارع بالاجابة . لا لسنا امام حرب اهلية وهذا ليس بفضل "الوعي" اللبناني إنما هو بسبب التفاوت الكبير في ميزان القوى وبالتالي القوى الاقليمية- الدولية التي يمكن لها أن تغذي خيار الحرب الأهلية تجد مصلحتها في إستمرار الوضع الراهن الذي يستنزف الغالبية العظمى من الشعب اللبناني. ما يعطل قدرة المقاومة على المبادرة بإنتظار ان تتبلور آليات ومقومات لدى العدو الصهيوني لخوض جولة جديد.
إنما ما هو اخطر من الحرب الأهلية، استمرار حالة النزف الاقتصادي – الاجتماعي والتي تولد المناخات والبئية الحاضنة للإرهاب العبثي المأجور وحيث بدأت مكوناته تتمركز في مناطق مفصلية من لبنان سوف يكون من الصعوبة السيطرة عليها وتجنب مخاطر الأعمال التي يمكن ان تقوم بها عندما يطلب منها ذلك.
إن أولى المهام الملحة والراهنة أمام القوى الحريصة على وحدة لبنان وفي طليعتها من هم في مواقع القرار التشريعي والتنفيذي: هي تجاوز العقلية السائدة في اعتبار كل قوة معنية حصرا في تحقيق المكاسب او معالجة أزمات بيئتها الطائفية المناطقية. وإذا ما كان لدى هذه القوى من إستعداد لخطوة من هذا النوع فلن تقوم بها وحدها دون ان تكون هناك قوة دافعة من الفئات الشعبية ذات الاتجاهات الوطنية والديمقراطية عبر تنظيم تحركات تتصدى للأزمات والتخلي عن أوهام تحقيق الشعارات البعيدة المدى من جهة واوهام المشاركة في نادي مواقع السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوعي اللبناني
ديار ( 2012 / 4 / 12 - 23:10 )
انا من خلال زياراتي الى لبنان مقتنع ان الوعي اللبناني على وعي كامل واستفادوا من التجربة المريرة وان هذا الوعي الوطني هو الذي يمنع الحرب الاهلية ويقضي على دسائس المندسين .

اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم