الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و لا عزاء للمتسائلين

عادل أسعد

2012 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تحدثت الفاتيكان مرة ثانية و أعربت عن قلقها على وضع مسيحيي الشرق عموماً و سوريا على الأخص ، فبعد مشاركتها في مؤتمر أصدقاء سوريا الأخير أعادتها أخر الأرقام الواردة من حمص إلى مخاوفها الأولى ، وعلى لسان البابا في هذه المرة و في أهم مناسبة مسيحية و هي عيد القيامة الذي يحتفل فيه المسيحيين بعد المرور بأسبوع الألام المقدس .
لعل رأس الكنيسة الكاثوليكية في وعظته التي تابعها الملايين على الهواء مباشرة قد أراد بالأفصاح عن تخوفاته التي جاءت كتساؤلات عن مصير أكثر من تسعين في المائة من مسيحيي حمص الذين هجروا عنوة على أيدي المسلحين، أراد أن يفتح بوابة التساؤلات الجوهرية عن طبيعة الربيع العربي عموماً و السوري خصوصاً ، سيما و أن الأعلام العالمي الذي يعتبر في مكنونه من ألد أعداء الفاتيكان قد حيد بوابة معبد الحقيقة هذه عن الفكر الجمعي تحت طائلة الاتهام و التخوين، فالطفل الغربي بات يردد كلمة باباعمر بلكنة عربية صحيحة و والداه مصدومين من ذاك النظام الذي يرسل المفخخات لنسف فروعه الأمنية!!
الكنيسة الكاثوليكية التي ترددت في طرق باب التساؤل قبل دخول الأمريكان إلى العراق قد تهدم المعبد فوقها بخسارتها لحوالي المليونين من رعاياها العراقيين ، أي ما يعادل الثمانين في المائة من مجمل مسيحيي العراق في خلال ثلاثة سنوات من بعد الاحتلال له ، و ها هي الأن نفس الأيادي المحترفة تتمطى و تقترب أكثر باتجاه أراضي الجلجثة ولكن بقفازات محلية هذه المرة و بنفس الألسن المرافقة لها و لكن بعويل و بزغاريد عربية أصيلة تطغي على كل تساؤل ممكن أن يخالف هذا الصخب . فالرقعة تكبر و الخيوط تتشابك و تلتقي ، و الفاتيكان الذي يراقب وحيداً و بقلق المجازر التي ترتكب بحق الكنيسة في نيجيريا و يتساءل عن الطبيعة الطارئة لجماعة بوكو حرام النيجيرية و عن مصدر تمويلهم و تنظيمهم لم يستطع إلا أن يوسع من تساؤلاته بعد انتشار صورة أحد النيجيريين المقبوض عليهم في سوريا من قبل الجيش السوري بتهمة القتال إلى جانب المسلحين سيما و أن هذه الجماعة قد كثفت من عملياتها في الأعياد الأخيرة بحق المسيحيين النيجيريين . و مما يزيد من غرابة الأمر هو طبيعة الحالة السورية ذاتها منذ بداية الحراك ، فهي قد تميزت بغياب كامل للتساؤلات البديهية و للاستدلال المنطقي عند السوريين و العرب عموماً ، فالعيون قد فقدت قدرتها على المسح و تعودت على التدقيق في الأجزاء ، و الساحة قد تحولت إلى سباق موت عبثي يزاح فيه الدم ليبحث تحته عن دليل يجرم الأخر .
لعل التساؤل الذي أراد البابا ولوجه هو ما بني منه على المقولة الانجيلية التوجيهية "من ثمارهم تعرفونهم"؟؟ و أما "الثمار" فما أنتجه الأمريكان في المنطقة منها لغني عن التعريف ، و ثمار الربيع السوري ما عرف منها حتى الأن هو أكثر من عشرة ألاف قتيل ، و أضعاف مضاعفة من هذا العدد من المهجرين ، هذا عدا عن حالات الاختفاء و الاغتصاب و النهب و الترحيل و الهروب بالأضافة للأزمة الاقتصادية . و أما "تعرفونهم" ففيها تكمن عقدة التساؤل؟؟؟هل هو النظام السوري الذي رفض أن يتنحى و هو الأقوى لربيع لم تستطع أقنعته أن تخفي اللحى التي تحتها في مجتمع أثبتت دوامات العنف و العنف المضاد فيه أنه في داخله ما زال يؤمن بمبدأ القوة و ليس الحق ؟؟ أم هم الجيش و قوات الأمن السوري المعروفين بقساوتهم تجاة الأخر؟؟ أم ؤلاءك الذين يعرفون هذه القساوة تماماً و لم يجدوا غضاضة في رمي الزيت فوق النار و هم خارجها و قد أمسكوا بالقلم و الورقة لمتابعة أخر أرقام الضحايا و ارسالها إلى مراكز عملياتهم و محطاتهم الفضائية؟؟ أم هم منظري الحراك من السوريين الذين أنكروا بليبرالياتهم الغامضة حتى أخر رمق حقيقة تسلح و تجاوزات ربيعهم و التي ضاهت بطبيعة عنفها تجاوزات السلطات السورية مع ما جلبه هذا لاحقاً من ويلات مضاعفة طالت جميع السوريين ، لينبروا في النهاية إلى البحث عن شماعات لتبرير عجز ثورتهم حتى الأن كشماعة اسرائيل "اياها" و لحشر المدون مع قاطع الرؤوس من أبناء طائفة معينة حددوها بالأسم في خانة قدسية واحدة و ألبسوا الجميع أجنحة كيفارا و بانشوفيلا الثورية البيضاء ليحلقوا بها إلى أحضان شيخنا صاحب فتاوي "و مالو"
أم أن من يجب أن نعرفهم هم من أبناء الداخل السوري من قادة الحراك الميدانيين ممن عجزوا عن سبر الاصطفافات الاقليمية و الدولية ، أو اندفعوا متجاوزين واجب القراءة الرصينة و الناضجة لمراكز القوى و لمفاصلها في سوريا (بالرغم من كثرة تنبيهاتنا منذ البداية) . أم لعلهم هؤلاء من وجدوا في الفوضى فرصة لأشباع أناهم المكبوتة أو ربما لأغناء جيوبهم ، أم هم تلك الفئة التي تسعى في الأصل إلى القتال مسترخصة نتائجه و محتقرة لأرقامه لأن فيه تكمن غايتها و به يكون الطريق إلى طموحها ، فهي لها دليلها الخاص و قرائتها لما يقع تحت أعينها تأتيها من فضائياتها المباركة مما يقودنا لتساؤل أخر : أهي حقاً معركة لأجل الحرية و السلام و المساواة أم هي معركة.. لأجل المُلك؟؟
قد يكون بابا الفاتيكان في وعظته قد تذكر واحد من أشهر الأقوال التي جاءت في الانجيل و هي "ما بني على باطل فهو باطل" ليعطي دافعاً للتساؤل عن أشياء جوهرية و فعالة في أصول الحراك السوري قد فاتت على الجميع ، مثل حادثة تقليع أظافر أطفال درعا من قبل فرع الأمن و التي فجرت المظاهرات الدرعاوية التي كانت فاتحة لباقي المدن السورية و أولجتنا في بوابات الدم التي انفتحت على مصاريعها و أخذت بتلابيبنا حتى فاتنا أن نسأل: لماذا يا ترى من بين الألاف من الفيديوهات و الريبورتاجات و البرامج التي تكذب هذا و تصدق ذاك ، تفند هنا و تثبت هناك ، لماذا فات على أصحاب الأمر أن يزودونا بفيديو أو صورة لهذه الأطفال ذوي الأظافر المقلوعة؟؟؟
لا تأخذوا علينا كثرة التساؤل ، فالعاصفة السورية قد قلبت المعادلة العريقة "البحث عن أجوبة" إلى معادلة "البحث عن أسئلة" و ليس هناك أكثر من اشارات استفهام الخائفين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المواقع التقدمية ودعم الثورة الوهابية في سوري
احمد العربي ( 2012 / 4 / 17 - 07:47 )
ان اكثرما يثير في الاشمئزاز عندما يقوم موقع كموقع اهل القران بتيني وجهة نظر الوهابيين السوريين ويسوق لهم على انهم ثوار تقدميين وطلاب حرية

اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات