الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنصاف الثورات مقابر للشعوب

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2012 / 4 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أوشكت الثورة المصرية أن تلقى مصرعها وتقع فى منتصف الطريق بعد أن باتت غير قادرة على تكملة المشوار. لقد ارتكبت القوى السياسية أخطاء فادحة خلال السنة ونصف السنة الماضية. والدليل على انتكاسة الثورة وأخطائها هو نزول الجماهير إلى الميدان يوم الجمعة 13 فبراير (جمعة حماية الثورة)، وهذه التظاهرات نادى بها الإخوان المسلمون بعد أن أدركوا أن البرلمان لن يغنى عن الميدان وأن البرلمان لم يعد قادرا على تحقيق أهداف الثورة. المشكلة الأساسية والخطأ الأكبر يكمن فى أن الإخوان بعد أن بسطوا سيطرتهم على مجلسى الشعب والشورى وعلى اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور اعتقدوا أن الساحة باتت خالية لهم مما أسال لعابهم لاقتناص تورتة الرئاسة ولم يكونوا مبالين بما يحاك لهم فى الظلام ليفاجئوا مثلنا أن عمر سليمان يقف على أعتاب قصر الرئاسة فقرروا اللجوء إلى الميدان الذى تخلوا عنه منذ شهور. لعلهم نزلوا الميدان لأنهم يعرفون أن الثورات غير المكتملة هى فى الواقع مقابر لمن يقومون بها. لقد حدثت أخطاء كثيرة فى مسيرة هذه الثورة ولولا هذه الأخطاء لكانت الثورة فى وضع أفضل اليوم.

كم كنا نتمنى لو كان ثوار الثورة مكثوا فى ميدان التحرير فور رحيل مبارك وعائلته إلى شرم الشيخ فى 11 فبراير 2011م وأعلنوا عن بقائهم حتى تشكيل مجلس رئاسى يضم ممثلين من كل القوى المشاركة. لو تم ذلك لخطت الثورة خطوات ثابتة وناجحة تغنينا عن حالة الإحباط التى أصابتنا جراء عدم تحقيق الأهداف التى من أجلها قامت الثورة. لقد مر عام ميلادى كامل حتى يعترف السيد طارق الزمر القيادى بحزب البناء والتنمية أثناء مشاركته فى مظاهرات يوم الجمعة 13 فبراير 2012 أن الشعب المصرى قد ارتكب خطأ حين قام بتسليم السلطة للمجلس العسكرى يوم 12 فبراير 2011م.

كم كنا نتمنى لو كان الإخوان لم يؤيدوا ويباركوا اللجنة التى صاغت الإعلان الدستورى وهى اللجنة التى ضمت بعض أقطاب الإخوان (الأستاذ صبحى صالح مثلا) أو المتعاطفين معهم. وهذا الإعلان تضمن فكرة الانتخابات أولا وقد رأى الإخوان أن التصويت بنعم سوف يمهد لهم الطريق لحصد أكبر عدد من المقاعد لأنهم أكثر تنظيما واستعدادا من باقى القوى. وبالفعل تم إجراء استفتاء على الإعلان الدستورى فى 19 مارس 2011م والذى تضمن إحدى عشر مادة حيث وافق عليها 77% وتبع ذلك قيام المجلس العسكرى بإصدار الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011م. الغريب أن التعديل الذى ادخل على الإعلان أشار إلى عدم قدرة البرلمان على سحب الثقة من الحكومة. ولو كان الإخوان وأخوانا فى حزب الحرية والعدالة لم يلتفتوا إلى مكاسب حزبية وأيدوا فكرة الدستور أولا لاستطاعوا الآن بسهولة سحب الثقة من الحكومة وإسقاطها ولتمكنوا من إعادة هيكلة الداخلية. وتشير المادة 28 إلى أن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية "نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها..." . وقد استشعر الإسلاميون خطورة هذه المادة خاصة بعد أن تقدم عمر سليمان للترشح فى الانتخابات الرئاسية. لقد جاء فى صحيفة المصرى اليوم الصادرة 10 ابريل الماضى أن الجماعة الإسلامية تعترف بأن الإسلاميين اخطئوا عندما وافقوا على التعديلات الدستورية، التى تحتوى على المادة 28 الخاصة بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وأنهم تعاملوا بحسن نية".

ولو كان الإخوان أكثر حصافة وحنكة لما استأثروا بالجمعية التأسيسية للدستور وفقا لتأويلهم للمادة 60 من الإعلان الدستورى، وهذه المادة تعطى الحق للأعضاء المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى فى اختيار جمعية تأسيسية من مائة عضو لإعداد الدستور خلال ستة أشهر من تشكيلها على أن يعرض الدستور للاستفتاء الشعبى خلال خمسة عشر يوما من إعداده. لقد رفضت القوى الليبرالية هيمنة الإسلاميين على هذه الجمعية وقررت الانسحاب من الجمعية ولم تجد بدا من اللجوء إلى القضاء. ففى يوم الثلاثاء 10 ابريل 2012م أصدرت المحكمة الإدارية حكما ببطلان الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.

ولو كان الإسلاميون أكثر دراية وسعة صدر لما أقدموا على إقصاء كافة القوى السياسية ورفقاء الكفاح مما أدى إلى انتشار روح الفرقة فى صفوف الثوار، ولو كان أعضاء مجلس الشعب لديهم الرؤية الثاقبة لما أضاعوا الوقت فى محاربة طواحين الهواء تماما كما يفعل دون كيشوت فى رواية الأديب الاسبانى ميغيل دي سرفانتس. لم يجد البرلمانيون بدا من تقديم اقتراحات تشريعية لعرقلة مشاركة أقطاب النظام فى الانتخابات الرئاسية القادمة. صحيح أن النائب عصام سلطان تقدم باقتراح قانون رقم 17 لعام 2012م إلا أن هذه الخطوة جاءت متأخرة أي فى نفس اليوم المحدد (7 ابريل الحالى) لغلق باب الترشح وقد خشى النواب من المضى فى إقرار هذا القانون الذى قد يشوبه عدم الدستورية لذلك تبنوا فى جلسة يوم الخميس 12إبريل 2012م اتجاها لإدخال تعديل على المادة الثالثة لقانون رقم 73 لعام 1956 والذى يتعلق بمباشرة الحقوق السياسية بحيث يتم حرمان "كل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 فبراير 2011م رئيسا للجمهورية أو نائبا له أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل أو أمينا عاما له وكان عضوا بمكتبه السياسى أو أمانته العامة، وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه."

كل ما نتمناه أن يعى الجميع الدرس وأن يتعلم من الأخطاء التى كادت أن تقضى على الثورة وأهدافها، وهى الثورة التى أصبحت أمل المصريين فى غد أفضل ولا ينبغى أن يسعى فصيل إلى الاستئثار بالسلطة وإقصاء القوى الأخرى. نحن فى حاجة إلى تكاتف كل فئات الشعب لتأسيس دولة عصرية يتمتع أهلها بالحرية والمساواة والكرامة تحت سيادة القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي